دور
الإعلام في تحقيق الأمن للمجتمع :
هذا
العصر يمتاز بأنه عصر الإعلام وتدفق المعلومات وتعدد وسائل الاتصال وتطورها مما
يجعل التحكم
فيما تبثه من مواد إعلامية وفكرية وثقافية ومعرفية وتقنية . . إلخ
أمراً بالغ التعقيد والصعوبة . . . بل إن الإعلام أضحى عالماً له فنونه وصناعته
وأسراره وتعقيداته التي يتوارى خلفها مصالح وهيئات ومنظمات لاتعلم أسرارها
وخفاياها إلا من قبل ذوي الشأن وأهل الاختصاص . .
وهو
سلاح ذو حدين إن أحسنت استخدامه , وأخذت القائمين عليه , وصلحت نواياهم , واستقامت
أهدافهم . . أصبح عاملاً مهماً من عوامل صلاح الفرد والمجتمع , بل والأمة . .
يتحدث عن
قضاياها ويبث همومها , ويحافظ على ثوابتها , وينشر فكرها السليم ويغرس
قيمها وأعرافها الفاضلة , وأخلاقها الحسنة , ويدعم قضاياها المصيرية , ويدافع عن
مكتسباتها وثرواتها وخيراتها . . وباختصار فهو في هذه الصورة يحقق مصالح الدين
والدنيا . .والعكس بالعكس . .
فالإعلام
بحكم تنوع شبكاته ووسائله وقنواته وآلياته دخل كل بيت وسمعه وشاهده غالب الناس إن
لم يكن كلهم حتى صعب لدى الكثير التميز بين غثه وسمينه وصالحه وطالحه , ونافعة
وضاره . .
فهو
من أهم الوسائل المؤثرة في تكوين ثقافة المجتمع والأمة , ومحاكاة واقعها وبيان
توجهها الفكري والاجتماعي والديني والثقافي . .
وبقدر
صلاحه وصدقه وحسن هدفه ومقصده , يكون ذا فائدة وصلاح , وأداة نفع وتوجيه لاسيما
لدى الشباب وبخاصة في هذا الوقت . .
فلابد
إذاً من تأمين فكر الشباب ضد أي شبهة أو شهوة . . وذلك عن طريق رسم إستراتيجية
سديدة سليمة تنبثق من هدي الكتاب والسنة وسيرة السلف الصالح من الصحابة والتابيعن
وتابعيهم بإحسان . . ويحفظ على الناس ضرورياتهم الخمس التي جاءت الشريعة بحفظها (
الدين والنفس والمال والعقل والنسل ) . . والمحافظة على الأخلاق الفاضلة والصفات
الحسنة في المجتمع , والثوابت السليمة فيه . . وإبعادهم عن الانزلاق في الشبهات ,
والانحراف في الشهوات . . وبما يحقق مقاصد الشريعة , وأهدافها العامة والخاصة ,
ويبعد المجتمع عن الغلو والانحراف والتشدد والتطرف أو الانحلال و التفريط . .
والمملكة العربية السعودية ـ كما نعلم ـ لها بحمد الله خصوصيتها الدينية ,
ومكانتها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والفكرية . . باعتبارها دولة مسلمة
تحكم كتاب الله وسنة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وتسير على هدي السلف الصالح , وتحرص على حصانة
أفرادها ورعاياها بل وكل وافد ومقيم فيها دينياً وفكرياً وأخلاقياً وفق منهج مرسوم
. . فهي دولة مسلمة مجتمعها مجتمعاً مسلماً بكامله . . ترفع شعار الإسلام وتحكمه قولاً وعملاً . .
وتنبذ الفرقة الطائفية والمذهبية والحزبية , وكل فكر أو منهج وافد أو دخيل لا
يستند إلى أصل صحيح من كتاب أو سنة . . وذلك بفضل الله وتوفيقه , ثم لقيامها على
دعوة سلفية تقية تنبثق من كتاب الله وسنة رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وسيرة سلف
هذه الأمة الصالح من الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان . . . أرسى أسسها ووضع
قواعدها المجدد الشيخ محمد بن عبدالوهاب بمساندة وموآزرة من الملك الصالح محمد بن
سعود ـ رحمهما الله جميعا ً ـ فلابد من أخذ هذا بعين الاعتبار والالتزام به ,
وتثبيته وتأصيله وغرسه في النفوس . . وأخذ الحيطة والحذر من تسلل أي وسيلة تشكك في
ذلك , أو تتعارض معه أو تسعى إلى بث
الفرقة , فيه أو في تناصره أو تمزق وحدته واجتماعه واتلافه . . فلابد من مراعاة
ذلك
وأخذه
بعين الجد والبصيرة . . والاعتبار . .
كما
أحب أن أشير إلى أن إعلامنا في هذه الدولة يعد جزءاً لا يتجزأ من سياسة هذه الدولة
العامة واستراتيجيتها الهادفة إلى الوحدة والإصلاح , ونبذ الفرقة والاختلاف والبعد
عن التشدد والغلو والإفراط . . ومن ثم فينبغي لهذا الإعلام أن لا يهمه ان يرضي كل
الأذواق , ولايسمح لنفسه أن يجاري الآخرين , وأن يسقط في الوحل الانحلالي أو
الفكري الذي سقطت فيه كثير من أجهزة الإعلام الأخرى من أنحاء كثيرة من العالم . .
فإعلامنا
كما رسمته السياسة العليا للإعلام في المملكة العربية السعودية يمتاز عن غيره بما
ذكرناه بالإضافة إلى أن يكون ناقلاً أميناً للمعتقد الحق , ولعقيدة التوحيد
الصافية النقية . . وللحضارة الإسلامية ,
ومسهماً في الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة , مبلغاً لهذا الدين الصحيح
وسبباً رئيساً في تفقه أناس في دينهم عن طريق استضافة العلماء والدعاة إلى الله
المخلصين الربانيين الذين يسعون إلى إيصال المعلومة الصحيحة , الهادفة الموافقة
للهدي النبوي للناس . . كل ذلك مع المحافظة على القيم الفاضلة للمجتمع , وتأصيل
الخير والبر والإحسان والعدل والرحمة والرفق واللين في النفوس . . والبعد عن الغلو والبغي والإفراط
والتفريط . .
مع
عدم إهمال ربط ذلك كله مع حب الوطن والذود عنه , ومناصرة ولاة الأمر فيه وحب
العلماء والارتباط بهم وجعلهم مرجعيته . . والإخلاص في ذلك كله . . والتزام
الجماعة ونبذ الفرقة والاختلاف . .
ومعالجة أي سلبية بأسلوب النصيحة , ووفق التوجيهات الشرعية . . والوقوف يداً واحدة
ضد أي غزو ثقافي أو فكري , أو أي اعتداء عليه أو على كرامته أو النيل منه بسوء .
. ضد دعاة السوء وأصحاب الأهواء ومرضى
القلوب من الحسدة والحاقدين والمفسدين . . ولابد أن يكون هذا
الإعلام
سنداً قوياً للمؤسسات التربوية المختلفة في الدولة . . وكذا التوعوية والدعوية وأن
يتأزر ويتعاون معها في الحفاظ على ثوابت هذه الدولة حتى لايحصل هناك ازدواجية في
العمل أو انفصام فيه , فيحصل الخلل , وتتعدد التوجهات والولاءات , وتختلف الرؤى
والقناعات ‘إلى الحد الذي يصل إلى الإضرار بالفرد والمجتمع والدولة . . .
وكذا
فإن الحاجة ملحة إلى وضع ضوابط حازمة للمطبوعات والمطويات والمنشورات التي تطبع
وتتداول ومراجعتها مراجعة فكرية دقيقة , والتأكد من مدى سلامتها عقدياً ودينياً
وثقافياً وتتناسب مع عادات المجتمع وتقاليده الصحيحة , وعدم تعارضها مع ثوابت
الدين وقيم الوطن . .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق