السبت، 22 مارس 2014

حقوق الانسان وحق الانتماء



كثر الحديث في الاونة الاخيرة عن حقوق الانسان ومدى احترامها وخاصة في دول العالم الثالث , وتعددت المنظمات التي تعمل في هذا المجال سواء كانت اقليمية او دولية , وهدفت هذه المنظات الى احداث نوع ما من الرقابة على الممارسات التي من شأنها ان تنتهك حياة كريمة للانسان باعتباره انسان وبغض النظر عن الجنسية او الدين او أي شيء اخر  . أما عن مصر , فقد تعرضت تقارير انتهاكات حقوق الانسان لتعتيم شديد من جانب النظام السابق في عهد الرئيس محمد حسني مبارك , بل تعدى  الامر مجرد الانكار ووصل الى تزييف الحقائق بصورة مغايرة للواقع تماما . وقد وصل حد الاعتداء على حقوق الانسان في النظام السابق وفي ظل السياسيات الامنية التعسفية والاشتباه لذاته بدون وجود أي تهمة الى حرمان الانسان من حق الحياة ,  كالقضايا الشهيرة التي اجمع المحللون على انها من العوامل التي أشعلت فتيل الثورة  مثل قضايا خالد سعيد  وسيد بلال وغيرهم , على الرغم من ان الاتفاقات الدولية والاقليمية لحقوق الانسان تقضي باحترام حق الانسان في الحياة وعد المساس بهذا الحق عن قصد , وذلك باعتباره الجوهر الحقيقي لحقوق الانسان (1)
  وحقوق الانسان لا تعني فقط حق الانسان في الحياة, وانما تتنوع حقوق الانسان بصورة كبيرة فتشمل مستوى المعيشة ( الحقوق الاقتصادية ) وطريقة المعاملة في السجون و حرية ابداء الرأي وحرية الرأي والفكر والصحافة والاعلام والحق في توفير فرص عمل وحياة كريمة  وما الى ذلك . وفي ظل الانتهاكات التي كانت تعانيها حقوق الانسان في مصر ظهرت مشكلة اخرى جديرة بالدراسة وهي أزمة الانتماء , وأصبحت الحديث الشاغل لكافة المستويات الثقافية ,

 وازمة الانتماء كقيمة في حد ذاتها تعتبر مشكلة كبيرة , الا انه مما يزيد من اهميتها وخطورتها هوارتباطها بأشياء اخرى كثيرة وهو  مايطلق عليه مظاهر ضعف الانتماء , ومنها الميل للهجرة , وهو ما يتضح من معدلات الهجرة بوجه عام والهجرة غير الشرعية بشكل خاص في الفترة محل الدراسة , وكذلك من مظاهر ضعف الانتماء ضعف المشاركة السياسية وهو ما كان واضح بصورة كبيرة جدا في الفترة محل الدراسة بالتحديد . وبالتالي تركز هذه الدراسة على اوضاع حقوق الانسان في المجتمع المصري وانتهاكاتها بمختلف انواعها في عهد الرئيس مبارك وذلك من ناحية , ومن ناحية اخرى تتعرض لربط ما حدث من انتهاكات لحقوق الانسان بالشعور بضعف الانتماء وما يرتبط به من مظاهر عدة , وتخص الدراسة بالتحديد الهجرة والعزوف عن المشاركة السياسية كمظاهر لضعف الانتماء . وتبدو اهمية هذه الدراسة عمليا في توضيح الانتهاكات وارتباطها بازمة الانتماء في المجتمع المصري لتفادي هذه المظاهر فيما بعد اجواء 25 يناير . اما نظريا فتتضح الاهمية في توضيح العلاقة بين العديد من المتغيرات على المستوى النظري مثل العلاقة بين التعرض لانتهاك حقوق الانسان والعزوف عن المشاركة السياسية , وكذلك التعرض للانتهاك و الرغبة في الهجرة ... الخ.
اما عن معوقات هذه الدراسة فهي من حسن الحظ قد جاءت فيما بعد ثورة 25 يناير , لانه قبل هذا التاريخ كان من الصعب جدا التوصل الى معلومات عن انتهاكات حقوق الانسان او التعامل مع مثل هذه الموضوعات بسبب التعتيم الشديد كما سبقت الاشارة و سلطوية النظام ومعارضته لاي نوع من هذه الدراسات التي قد تثير الكثير من الاقاويل او الاتهامات التي يرفضها . ولكن الان , فان كثرة البيانات تمثل سلاح  ذو حدين , فمن ناحية ممكن ان تساعد على اثراء البحث واتاحة العديد والعديد من البدائل اما الباحث ,  ولكنها من ناحية اخرى تتطلب قدر كبير من الدقة من جانب الباحث حتى يمكنه انتقاء البيانات التي تفيده في سياق موضع البحث وسط هذا الزخم الكبير من المعلومات , وعليه فتتمثل الصعوبة الابرز لهذه الدراسة في وجود زخم كبير من البيانات مما يتطلب قدر ليس يسير من الدقة في التعامل معها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق