الاثنين، 24 مارس 2014

نموذجية العلوم التجريبية


نموذجية العلوم التجريبية
1-    العلمية المشروطة: فيليب لابورط - طوها وجان- بيير وانيي:
الأطروحة: إن الوضعية الإبستمولوجية التي تجد العلوم الإنسانية نفسها امامها والناتجة عن تعقد موضوعها وعدم انتظام الظواهر التي تدرسها من جهة ، وتداخل الذات والموضوع من جهة أخرى إضافة الى حداثة عهدها  يجب ان لاتكون عائقا بل يجب ان تعطي نموذجا ومثالا يحتدى وذلك بالإحتياط المنهجي من خلال الوعي بهذه العوائق وتكييف مناهج الدراسة معها.
فإذا كانت حداثة العلوم الإنسانية وتعقد موضوعها وغناه وعدم انتظام الظواهر التي تدرسها ،عكس ما هو ملاحظ في العلوم الطبيعية فإن المنهج الذي يجب ان يطبق على هذه العلوم يجب ان يتصف بالحذر ، وان يكون اكثر تطورا من مثيله في العلوم الطبيعية التي تعتمد بشكل اساسي على التجربة.
 إن تداخل الذات بالموضوع في العلوم الإنسانية ،يفترض قدرة الذات ان تحرر من ذاتها وتدرس موضوعها بوصفه شيئا مخالف أي لا-أنا أي فهم الآخر المخالف. فالملاحظ في العلوم  الإنسانية هو طرف( موضوع للدراسة) وحكم ( الذات الدارسة ) في نفس الوقت ، وهذا ما يجعل الإقتداء بالعلوم الطبيعية صعبا ( حيث يلاحظ انفصال الذات عن الموضوع) ، إلا ان هذه الصعوبة يجب ان لاتكون عائقا  امام  قيام دراسة علمية إنسانية  بل يجب ان تكون  دافعا وهدفا ومثالا ينيغي قصده في كل بحث  ، فإدراك الباحث لهذه الصعوبة يساعده على الأقل جزئيا على الحذر منها والعمل على تجاوزها ووضع مسافة بينه وبين الموضوع ( اللا- انا) .
فإدراك العلوم الإنسانية لهذه الخاصية ،حضور الذات، هو عامل يدفعها لإحتياطات منهجية إضافية، تمكنها من الدراسة العلمية، خاصة إذا علمنا انه حتى في العلوم الطبيعية ليس هناك قطيعة نهائية او تامة بين الذات والموضوع ما دامت الفيزياء المعاصرة  نفسها تأخد بعين الاعتبار عامل تدخل الملاحظ، و بالتالي فهذا فقط يتطلب  تكييف المنهج العلوم الإنسانية مع الموضوع المدروس.
2-      حدود العلم الموضوعي : موريس ميرلوبونتي:
الأطروحة: يرى ميرلوبنتي أن الذات  وتجربتها في العالم المعيش هي أساس كل علم ومعرفة ، فكل علم  مصدره وجهة نظر خاصة بالذات وبالتالي فالحديث عن موضعة الدراسة الإنسانية ،نظرة خادعة  تجعل العالم مستقلا عن الذات في حين انه يوجد من أجل الذات ويتحدد من خلالها.
يبين النص أن كل ما تعرفه الذات عن العالم- ولو كان مصدره العلم- ينطلق من وجهة نظر خاصة بها ومن خلال تجربتها المعيشية وبدون هذه النظرة أو التجربة  لن يكون أي معنى للرموز العلمية. لأن العلم يبنى أساسا  انطلاقا من العالم والتجربة المعيشة . فالعلم ليس إلا تعبيرا  بعديا  عن  العالم المعيش الذي هو سابق عليه ، و الذي يقدم  العلم تفسيرا له.
انطلاقا من ذلك فإن الدراسة الموضوعية ( الخارجية) للإنسان لا تقدم حقيقة هذا الإنسان ولا يمكنها النفاذ إلى ذاته  ، وبالتالي  فلا يمكن للدراسات العلمية سواء  للعلوم الطبيعية مثل علم الحيوان او العلوم الإنسانية مثل المورفولوجيا الإجتماعية او علم النفس اوالتاريخ  او غيرها تقديم صورة متفردة وحقيقة للذات  لأن وجودها لا يتحدد من خلال محيطها  المادي أو الاجتماعي ،بل وجود الذات هو الذي يحدد ويدعم هذه المحددات ، فالذات  توجد بشكل متفرد من أجل ذاتها ولا توجد في  مكان أحد أخر أو يوجد احد في مكانها –  وهذا ما يستبعد مفهوم الموضوعية التي تركز على ما هو موضوعي ولا شخصي  - إن الذات تمثل ما هو شخصي ومتفرد  وما هو خاص تعيش لذاتها ومن أجل ذاتها وتنظر إلى العالم وفق منظورها الخاص.
من هنا فإن  النظر إلى الذات من منظار الموضوعية العلمية وتحويلها الى مجرد لحظة من لحظات العالم وذات مثل الذوات والأشياء الأخرى ، هي وجهة نظر خادعة تقوم على مسلمة وجود عالم موضوعي منفصل عن الذات وتجربتها المعيشة ، في حين ان العالم مرتبط أساسا بالتجربة المعيشة للذات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق