السبت، 1 مارس 2014

إجماع الأئمة ، و آراء بعض العلماء حول النقاب




3- إجماع الأئمة ، و آراء بعض العلماء :-
ذكر الشيخ / محمد بن عبد الملك الزغبي - حفظه الله - ما يلي :
- نقل الإمام / الشوكاني في كتابه (نيل الأوطار) عن ابن رسلان الإجماع على مشروعية النقاب و فيه: " منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه لا سيما عند كثرة الفسّاق"
- نقل الحافظ/ بن حجر العسقلاني في فتح الباري لشرح صحيح البخاري الإجماع على مشروعية النقاب و هذا في المجلد التاسع صفحة 248
- و قال بالإجماع أيضا شيخ الإسلام بن تيمية - رحمه الله- .
- قد ثبت الإجماع عند جميع الأئمة (سواء من يرى منهم أن وجه المرأة عورة ، و من يرى منهم أنه ليس بعورة) أنه يجب على المرأة أن تستر وجهها(2).

المذهب المالكي : لا يجوز النظر إلى شيء من بدن المرأة لا إلى الوجه ولا إلى الكفين ولا إلى غيرهما ، ولا يجوز للمرأة إبداء الوجه والكفين للأجانب .(3)
و قال شيخ الإسلام بن تيمية - رحمه الله- عن الإمام أحمد - رحمه الله- أنه قال :
كل شيء منها عورة حتى ظفرها، قال الشيخ: و هو قول مالك. أ.هـ

المذهب الشافعي: قال البلقيني - رحمه الله- : و الفتوى و المذهب على ما جاء في المنهاج من الحرمة مطلقا و هو الراجح. أ.هـ (4) .
و قال العلامة تقي الدين السبكي - رحمه الله-: إن الأقرب إلى صنع الأصحاب أن وجهها و كفيها عورة في النظر لا في الصلاة" أ.هـ (5)

(1) صحيح على شرط الشيخين. 
(2) كتاب (ففروا إلى الله).                  
(3) كتاب (ففروا إلى الله) عن كتاب روح المعاني.
(4)، (5) من كتاب (الحجاب و السفور).
المذهب الحنبلي : قال الإمام أحمد بن حنبل :لا يجوز النظر إلى شيء من بدن المرأة ، لا الوجه ولا الكفين ، ولا يجوز للمرأة إبداء شيء من بدنها للأجانب إلى لضرورة .
وقال الإمام أحمد أيضاً : ظفرها عوره ، فإذا خرجت فلا تبين شيئاً ، ولا خفيها فإنه يصف القدم ، وأُحب أن تجعل لكمها زراً عند يدها(1) .
و قال الإمام أحمد بن حنبل- رحمه الله-:
" المرأة تصلي و لا يرى منها شيء و لا ظفرها" أ.هـ
و قال الشيخ التويجري معلقا على كلام الإمام: و ظاهر كلامه أن المرأة إذا صلت بحيث يراها أجنبي فعليها أن تستر وجهها لأنه عورة فلا يجوز للأجانب النظر إليه و لا يجوز لها أن تكشفه بحضرة الأجانب. أ.هـ
و قال شيخ الإسلام بن تيمية - رحمه الله- عن الإمام أحمد - رحمه الله- أنه قال :
كل شيء منها عورة حتى ظفرها، قال الشيخ: و هو قول مالك. أ.هـ

المذهب الحنفي : يجوز للمرأة كشف وجهها وكفيها عند أمن الفتنة(2)
و في " الهدية العلائية": " و ينظر من الأجنبية و لو كافرة إلى وجهها و كفيها فقط للضرورة ، و تمنع الشابة من كشف وجهها خوف الفتنة. أ.هـ
وأمن الفتنه هو : أن لا ينظر إليها أحد من الرجال الأجانب عنها أي تكشف وجهها وكفيها بين محارمها من الرجال .وقيل أن هذا الرأي لأحد طلاب أبى حنيفة لكن الرأي أبى حنيفة أنها تغطى وجهها وكفيها .وحتى لو فرضنا أن هذا رأى أبى حنيفة فقد وضع له شرط من حديد وغير متوافر حالياً ولا في أي وقت فلا يوجد رجل في أي عهد لا ينظر للمرأة الأجنبية نظرة إعجاب أو اشتهاء حتى في عهد النبي - - فقد حدث الزنا.
- قال الإمام النووي : و يحرم نظر فحل بالغ إلى عورة حرة أجنبية و كذا إلى وجهها و كفيها عند خوف الفتنة، و كذا عند الأمن على الصحيح.(3)
- قال بن القيم- رحمه الله - : " العورة عورتان: عورة في الصلاة، و عورة في النظر، فالحرة لها أن تصلي مكشوفة الوجه و الكفين، و ليس لها أن تخرج في الأسواق و مجامع الناس كذلك. أ.هـ
- قال الشيخ/ محمد بن إسماعيل الصنعاني - رحمه الله - في "سبل السلام" :
" يباح كشف وجهها حيث لم يأت دليل بتغطيته، و المراد كشفه عند صلاتها بحيث لا يراها أجنبي" . أ.هـ
و معنى الكلام : أنها إن رآها أجبي حين صلاتها فعليها تغطية وجهها عنه.
ثم قال الصنعاني : فهذه عورتها في الصلاة و أما عورتها بالنظر إلى نظر الأجنبي إليها فكلها عورة. أ.هـ
(1) من كتاب (الحجاب و السفور).                   (2) من كتاب (ففروا إلى الله)
(3) كتاب(ففروا إلى الله)، عن كتاب نيل الأوطار.


- و نقل الحافظ بن حجر العسقلاني - رحمه الله – في "فتح الباري" عن ابن المنذر أنه قال:" أجمعوا على أن المرأة المحرمة تلبس المخيط كله و الخفاف، و أن لها أن تغطي رأسها و تستر شعرها، إلا وجهها، فتسدل عليه الثوب سدلا خفيفا تستتر به عن نظر الرجال ألأجانب، و لا تخمره إلا ما روي عن فاطمة بنت المنذر قالت: كنا نخمر وجوهنا و نحن محرمات مع أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما - تعني جدتها.
قال : و يحتمل أن يكون ذلك التخمير سدلا. أ.هـ


 


و نقلا من كتاب (أسماء القائلين بوجوب ستر المرأة وجهها) قال الشيخ /سليمان الخراشي :
قال الحافظ ابن حجر: "لم تزل عادة النساء قديما و حديثا يسترن وجوههن عن الأجانب"(1)

و نقل ابن رسلان : "اتفاق المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه"(2).

و قال الإمام أبو حامد الغزالي: "لم يزل الرجال على ممر الزمان مكشوفي الوجوه، و النساء يخرجن منتقبات"(3).

و نقل النووي عن إمام الحرم الجويني: " اتفاق المسلمين على منع النساء من الخروج سافرات"(4)

الشيخ/ عطية صقر: في كتاب (س و ج للمرأة المسلمةصـ240)
رجح فيه وجوب التغطية إذا كان على الوجه زينة ، أو يسبب الفتنة.
و أقول : أي وجه لا يسبب الفتنة ؟؟؟؟؟

الشيخ/ محمد حسان: ألف رسالة بعنوان (تبرج الحجاب) ذكر فيها من شروط الحجاب الشرعي : أن يستر البدن كله (صـ107)
و شريط (تحذير الأحباب ممن حرم النقاب)

الشيخ/ محمد حسين يعقوب: له عدة خطب يرد فيها على أنصار التبرج و السفور ، كخطبة (المنافقون الجدد) ، ( شبهات في وجه النقاب) و غيرهما.
(1) فتح الباري(9/235-236)                   (2) انظر: نيل الأوطارللشوكاني (6/114).      
(3) إحياء علوم الدين (6/15) مع شرحه        (4) روضة الطالبين (5/366).


د. محمد سعيد رمضان البوطي:
ألف كتابا بعنوان (إلى كل فتاة تؤمن بالله) قال فيه في صفحة 50: " فقد ثبت بالإجماع عند جميع الائمة سواء من يرى منهم أن وجه المرأة عورة كالحنابلة ، و من يرى أنه غير عورة كالحنفية و المالكية ، إنه يجب على المرأة أن تستر وجهها عند خوف الفتنة بأن كان من حولها من ينظر إليها بشهوة . و من ذا الذي يستطيع أن يزعم بأن الفتنة مأمونة اليوم ، و أنه لا يوجد في الشوارع من ينظر إلى وجوه النساء بشهوة؟"

الشيخ/ محمد علي الصابوني (سوري):
عقد مبحثا في كتابه (روائع البيان في تفسير آيات الأحكام من القرآن) بعنوان (آيات الحجاب و النظر) قال في خاتمته (2/182 و ما بعدها):
" بدعة كشف الوجه : ظهرت في هذه الأيام الحديثة، دعوة تطورية جديدة ، تدعو المرأة إلى أن تسفر عن وجهها، و تترك النقاب الذي اعتادت أن تضعه عند الخروج من المنزل بحجة أن النقاب ليس من الحجاب الشرعي ، و ان الوجه ليس بعورة، دعوة (تجدُّدية) من أناس يريدون أن يظهروا مظهر الأئمة المصلحين الذين يبعثهم الله على رأس كل مائة سنة ليجددوا للأمة أمر دينها، و يبعثوا فيها روح التضحية ، و الإيمان ، و الكفاح.
دعوة جديدة ، و بدعة حديثة من أناس يدّعون العلم و يزعمون الاجتهاد، و يريدون أن يثبتوا بآرائهم (العصرية الحديثة) أنهم أهل لأن ينافسوا الأئمة المجتهدين، و أن يجتهدوا في الدين كما اجتهد أئمة المذاهب و يكون لهم أنصار و أتباع. لقد لاقت هذه الدعوة (بدعة كشف الوجه) رواجا بين صفوف كثيرة من الشباب و خاصة منهم العصريين، لا لأنها (دعوة حق)؛ و لكن لأنها تلبي داعي الهوى، و الهوى محبب إلى النفس ، و تسير مع الشهوة، و الشهوة كامنة في كل إنسان فلا عجب إذا أن نرى أو نسمع من يستجيب لهذه الدعوة الأثيمة و يسارع إلى تطبيقها بحجة أنها (حكم الإسلام) و شرع الله المنير. يقولون : إنها تطبيق لنصوص الكتاب و السنة و عمل بالحجاب الشرعي الذي أمر الله – عزوجل – به المسلمات في كتابه العزيز ، و أنهم يريدون أن يتخلصوا من الإثم بكتمهم العلم:
 ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى(البقرة: 159) إلى آخر دعواهم الطويلة العريضة. و لست أدريُّ : أي إثم يتخلصون منه ، و هم يدعون المرأة إلى أن تطرح هذا النقاب عن وجهها و تسفر عن محاسنها في مجتمع يتأجج بالشهوة و يصطلي بنيران الهوى و يتبجح بالدعارة، و الفسق،
و الفجور ؟!...
إلى أن قال : فهل يعقل أن يأمرها الإسلام – أي المرأة- أن تستر شعرها و قدميها ، و أن يسمح لها أن تكشف وجهها و يديها ؟ و أيهما تكون فيه الفتنة أكبر : الوجه أم القدم؟ يا هؤلاء كونوا عقلاء و لا تُلبسوا على الناس أمر الدين. فإن كان الإسلام لا يبيح للمرأة أن تدق برجلها الأرض لئلا يسمع صوت الخلخال و تتحرك قلوب الرجال أو يبدو شئ من زينتها، فهل يسمح لها أن تكشف عن الوجه الذي هو أصل الجمال و منبع الفتنة و مكمن الخطر؟
الشيخ/ صفي الرحمن المباركفوري:
ألف كتابا بعنوان (إبراز الحق و الصواب في مسألة السفور و الحجاب) للرد على من اجاز كشف الوجه ، و قال بعد أن بين الحكمة من فرض الحجاب صـ10 :
" و هذه الحكمة المقصودة بالحجاب تقتضي أن يعم حكم الحجاب جميع أعضاء المرأة؛ و لا سيما وجهها الذي هو أصل الزينة و الجمال ".

الشيخ/ محمد نسيب الرفاعي:
كتب مقالا في مجلة التوعية الإسلامية في الحج بتاريخ 17/11/1399هـ بعنوان ( السفور و التبرج و أثرهما السئ في البيت المسلم) شنّع فيه على استهتار المرأة في عصره: (هذا الاستهتار الذي جرّها تدريجيا إلى السفور عن وجهها )
و بين أن من كشفت وجهها ستتساهل حتما في غيره.

الشيخ/ عبد الحليم محمود (شيخ الأزهر في وقته):
كتب مقالا بعنوان (مظهر المرأة) قال فيه عن المرأة إذا لم تأمن الفتنة :"وجب عليها ستر الوجه و الكفين سدا للذرائع إلى المفاسد" – (مجلة صوت العرب البيروتية، كانون الثاني عام 1967م)

الشيخ/ أحمد محمد جمال : ألف رسالة بعنوان (نساؤنا و نساؤهم) ذكر فيها
(صـ 87) اتفاق العلماء على منع النساء من الخروج سافرات الوجوه.

الأستاذ كمال بن السيد سالم: ألف رسالة بعنوان (من مخالفات النساء) ذكر فيها شروط الحجاب الشرعي : أن يستوعب جميع البدن (صـ 109).

الأستاذ محمد طلعت حرب: أحد من ردوا على مخرب المرأة قاسم أمين برسالة عنوانها (تربية المرأة و الحجاب) نصر فيها القول بوجوب ستر الوجه.

الشيخان: طه عبد الرءوف سعد، و سعد حسن محمد – مدرسان بالأزهر- ، لهما رسالة (فتاوى خاصة للنساء) ورد في أولها (صـ 7) : مع العلم أني لم أتمسك بالآراء المتشددة للعلماء و كذلك لم أذكر الآراء المتساهلة ، بل كنت وسطا بين الإفراط و التفريط،
ثم قالا بعد ذلك (صـ 32): و القول الفصل أن جسد المرأة كله عورة)

الشيخ علي عبد العال الطهطاوي: ذكر في شروط حجاب المرأة المسلمة : استيعاب جميع بدن المرأة على الراجح.
( ما الحجاب لماذا ؟ صـ 45)

و قد سُئل الشيخ ابن الجبيرين – حفظه الله- هل يجوز للمرأة كشف وجهها أمام الرجال الأجانب؟ و أجاب أن ذلك حرام و لا يتم التحجب إلا بستر الوجه.

الدكتور محمد فؤاد البرازي : ألف كتابا في مجلد بعنوان (حجاب المسلمة بين انتحال المبطلين و تأويل الجاهلين) طبع عدة طبعات، و هو متميز في تبويبة و ترتيبه. ورد فيه على شبهات القائلين بجواز كشف الوجه.

الشيخ ابن الأمير الصنعاني : ألف كتابا بعنوان (الأدلة الجلية في تحريم نظر الأجنبية) رد فيه على القائلين بجواز الكشف.

الشيخ أبو الاعلى المودودي : ألف رسالة شهيرة بعنوان (الحجاب) قال فيها كلاما ممتعا أحببت نقل بعضه للقارئ؛ و هو قوله تعليقا على على آية الحجاب (1) :
 ( و كل من تأمل كلمات الآية ، و ما فسرها به أهل التفسير في جميع الأزمان بالاتفاق ، و ما تعامل عليه الناس على عهد النبي - - لم ير في الأمر مجالا للجحود بأن المرأة قد أمرها الشرع الإلامي بستر وجهها عن الأجانب .و مازال العمل جاريا عليه منذ عهد النبي - -  إلى هذا اليوم ، و إن النقاب مما قد اقترحه القرآن نفسه من حيث حقيقته و معناه و إن لم يصطلح عليه لفظا، و كانت نساء المسلمين قد اتخذته جزءا من لباسهن لخارج البيت، بمرأى من الذات النبوية التي نزل عليها القرآن، و كان يسمى نقابا في ذلك العهد أيضا .
نعم! هو النقاب ( veil ) الذي تعده أوروبة غاية في الشناعة و القبح ، و يكاد الضمير الغربي يختنق حتى من تصوره، و يعتبره الغربيون عنوان الظلم و سيما الوحشية و ضيق الفكر، و هو أول ما يُعقد عليه الخنصر إذا ذكرت أمة شرقية بالجهالة و التخلف في طريق التمدن، و أما إذا وصفت أمة في الشرق بكونها سائرة في طريق الحضارة و التمدن، فأول ما يذكر في شواهده بكل تبجح و افتخار؛ هو  كون (النقاب) قد زال عن هذه الأمة أو كاد. و يا لخزيكم يا أصحابنا المتجددين المستغربين ، إذا تبين لكم أن هذا الشئ لم يخترع بعد زمان النبي - - بل نسج بردتَه القرآن نفسه، و روَّجه النبي - - في أمته في حياته، على أن شعوركم بهذا الخزي و إطراقَكم بالندامة و الخجل ليس بنافعكم شيئا؛ لأن النعامة إن أخفت رأها في التراب لرؤية الصائد، فإنه لا يطرد الصائد و لا ينفي وجوده، كذلك إن أشحتم بوجوهكم عن الحقيقة، لم تبطل به الحقيقة الثابتة و لم تُمحَ آية القرآن ، و إن حاولتم أن تكتموا هذه الوصمةَ كما ترونها في تمدنكم من وراء حجب التأويل، لم تزيدوها إلا وضوحا و جلاء، و إذا كنتم قد قررتم أن هذا النقاب عار على أنفسكم و شنار ، بعد إيمانكم بوحي الغرب، فليس إلى غسله عن أنفسكم من سبيل غير أن تُعلنوا براءتكم من الدين الإسلاميّ الذي يأمر بالأشياء السَّمِجَة البغيضة كلبس النقاب و إسدال الخمار و ستر الوجوه.
(1) ص(236 – 330)
إنكم يا قوم، تنشدون الرُّقيَّ و تطلبون الحضارة، فأنَّى لدين يمنع ذات الخدر أن تكون عطر المجالس، و يوصيها بالعفة و الحياء و الاحتجاب ، و ينهى ربةَ البيت أن تكون قرة عين لكل غادٍ و رائح .. أنَّى لدين مثل هذا أن يصلُحفي رأيكم للاتباع؟ و أين هو من الرُّقي؟ و من التهذب و الحضارة؟ إنما الرقيُّ و الحضارة يقتضيان الآنسة – إذا همت بالخروج من بيتها- أن تنفض يديها من كل عمل قبل ساعتين من موعد الخروج، لتتفرَّغ فيهما إلى زينتها و تجمُّلها ، فتعطر الجسم كلَّه بالطيب ، و تلبس الجذَّاب الأخَّاذ، و تبيض الوجه و الذراعين بأنواع المساحيق، و تلوِّن الشفتين بقلم الدهان الأحمر (lip stick) و تتعهد قوس الحاجبين و تُعدُّه للرَّمي بسهام النَّظر! حتى إذا خرجت من البيت رافلةً في هذه الزخارف، استهوى كل مظهر من مظاهر زينتها و جمالها القلوب، و جذب الأنظار ، و فتن العقول، ثم لا تطمئنُّ نفسُ الآنسة بعد هذا كله من التظاهر بالجمال، بل تكون أدواتُ الزِّينة و الزخرفة محمولةً معها في عتيدتها (أي شنطتها) حتى تتدارك بين حين و آخر كل ما نقص أو ضاع من دقائق زينتها.
إن بينَ مقاصد الإسلام و مقاصد الحضارة الغربية - كما ذكرناه غير مرة - لبوناً بعيدا و فرقا شاسعا جدا، و مخطئ بيِّنُ الخطأ من يريد أن يفسِّر أحكام الإسلام بوجهة نظر الغرب ، ذلك بأنَّ ما عند الغرب من المقياس لأقدار الأشياء و قيمتها ، يختلفُ عنه مقياس الإسلام كلَّ الاختلاف ، فالذي يُكبره الغرب و يعُدُّه غاية لحياةً الإنسانية، هو في عين الإسلام من التَّوافه و الهَنَات ، و إن ما يهتم به الإسلام و يعظم شأنه هو عند الغرب من سَقـَط المتاع، لذلك كلُّ من قال بصحة المقياس الغربيِّ، فلابد أن يرى جميع ما في الإسلام واجبَ الترميم و الإصلاح، و إذا مضى يُفسِّر أحكام الإسلام و يشرحها، جاء بها محرَّفةً عن معانيها، ثمَّ لم يوفَّق في تطبيقها على الحياة العملية حتى في صورتها المحرَّفة، لما يعترض سبيله إلى ذلك من أحكام القرآن و نصوص السُّنَّة البيِّنة، فحريٌ بمثل هذا الرجل قبل أن ينظر في جزيئات المناهج العملية، أن يتأمل المقاصد المقاصد التي قد اتُّخذت للوصول إليها تلك المناهج، و ينظر هل هي صالحة للقبول أم لا. و إن هو لم يكن يوافق تلك المقاصد نفسها، فأيُّ غناء يغنيه البحثُ في المناهج التي تختار لتحقيق تلك المقاصد؟  لماذا يكلف نفسه مسخَ تلك المناهج و تحريفها؟ أليسَ من الأجدر الأصلح له أن يهجرّ الدين الدين الذي يخطئُ مقاصده؟ و أما إذا كان يتَّفق مع تلك المقاصد، فلا يبقى البحثُ بعد ذلك إلا فيما يُتّخذ لتحقيقها من المناهج، هل هي صحيحة ٌ أم لا؟ و هذا البحث يمكن طيه بكلِّ سهولة ، و لكن هذه الطريقة لا يتبعها إلا ذوو المروءة و الكرم ، و هم قليلون، و أما المنافقون الذين هم بطبيعتهم أخبثُ ما خلق الله في هذا الكون، فلا يزكو بهم إلا أن يدَّعُوا إيمانهم بشيءٍ، و يؤمنوا في الحقيقة بشيءٍ آخر!
فكلُّ مالا يزال هؤلاء يخوضون فيه من المباحث حول الحجاب و النقاب ، هو صادرٌ في الحقيقة عن هذا النفاق. و قد استنفدوا كلَّ ما في طاقاتهم و وُسعهم لإثبات أنَّ هذا الوضع من الحجاب إنما كان رواجُه في أمم الجاهلية قبل الإسلام. ثم نزل هذا الميراث الجاهلي إلى المسلمين في بعض العصور المتأخرة البعيدة عن عهد النبوة. لماذا يتكلفون هذا البحث و التحقيق التاريخي بإزاء النص القرآني الصريح، و العمل الثابت في عهد النُّبوَّة، و تفاسير الصحابة و التابعين لمفهوم الآية؟ إنهم يتكلَّفونه لمجرد أنه كانَ و لا يزالُ نُصب أعينهم من مقاصد الحياة ما هو مقبول شائع في الغرب. و أنه قد رسخ في أذهانهم من تصوُّرات الحضارة و الرُّقي ما نزل إليهم من سمائه و لمّا كان لبس الملاءة و النقاب لا يلائم تلك التصورات بحالٍ من الأحوال ، فقد جاؤوا بمعول التحقيق التاريخي، ليهدموا به ما هو ثابت في شرع الإسلام، و هذا النفاق البيِّن الذي قد تناولوا به هذه المسألة مع غيرها من المسائل، يرجعُ في أصله إلى ما سبق أن ذكرناه فيهم من خفَّة العقل و فقد الجراءة الخُلقيَّة و عدم التمسك بمبادئ، و لولا ذلك ما سوَّلت لهم أنفسُهم أن يأتوا بالتاريخ شاهداً على القرآن؛ مع كونهم يدَّعون الإسلام و ينتحون إليه، بل كانوا أحرياء - و لو أرادوا أن يبقَوا مسلمين - أن يستبدلوا المقاصد القرآنية بمقاصدهم هم أو يعلنوا انصرفهم عن الإسلام الذي يعترض سبيلهم إلى التقدُّم و الرُّقيِّ حسبما يفهمونه من معاني الرُّقيِّ!).



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق