الاثنين، 24 مارس 2014

تعريف الحسبة لغة واصطلاحا



تعريف الحسبة لغة واصطلاحا
     الحسبة في اللغة : بكسر الحاء وتسكين السين ، اسم من الاحتساب كالعدة من الاعتداد. والاحتساب مأخوذ من الحسب ،وهو على معان عدة منها :
1 ـ العدد والحساب . يقال : حسبت الشيء أحسبه حسابا وحسبانا ، إذا عددته .([1]) ومنه قول الله تعالى : }فَالِقُ الأِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَاناً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ{ ([2] )وقوله تعالى :}وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً{( [3]) ويندرج تحت هذا المعنى العد احتساب الإنسان الأجر عند الله تعالى إذا اعتد فيما يدخره عند الله تعالى وعليه حديث أبى بكر الصديق  إني أحتسب خطاي هذه ،أي أعدها في سبيل الله تعالي وفي الحديث قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم  : "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ    ذَنْبِهِ"[4] ويقول  النبي صلى الله عليه وسلم  : " مَنْ اتَّبَعَ جَنَازَةَ مُسْلِمٍ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا وَكَانَ مَعَهُ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا وَيَفْرُغَ مِنْ دَفْنِهَا فَإِنَّه يَرْجِعُ مِنْ الأَجْرِ بِقِيرَاطَيْنِ كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ أُحُدٍ وَمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ أَنْ تُدْفَنَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيرَاطٍ."[5]
فدلت هذه الأحاديث على معنى احتساب الأجر عند الله وهو العد وفي البخاري : " إنما الأعمال بالنية والحسبة ولكل امرئ ما نوى . فدخل فيه الإيمان ، والوضوء والصلاة ،والزكاة والصوم ،والأحكام "[6] أي الأعمال الشرعية معتبرة بالنية والحسبة والمراد بالحسبة طلب الثواب . كما روى عن ابن مسعود رضى الله عنه قال رسول الله:" إِذَا أَنْفَقَ الْمُسْلِمُ نَفَقَةً عَلَى أَهْلِهِ وَهُوَ يَحْتَسِبُهَا كَانَتْ لَهُ صَدَقَةً. "[7]قوله يحتسبها  قال القرطبي : أفاد منطوقه أن الأجر في الإنفاق إنما يحصل بقصد القربة  سواء أكانت واجبة أو مباحة وأفاد مفهومه أن من لم يقصد القربة لم يؤجر ، لكن تبرأ ذمته من النفقة الواجبة لأنها معقولة المعنى وأطلق الصدقة على النفقة مجازا والمراد بها الأجر"[8]

أمّا الاعتداد في الأعمال المكروهة التي تنزل بالإنسان ، فيكون بالصبر والتسليم لأمر الله تعالى ، كما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم   في تعزية ابنته أنه قال :" إِنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ وَلَهُ مَا أَعْطَى وَكُلٌّ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ " [9]
2 ـ من معاني الحسبة : الكفاية ،فيقال احتسب بكذا اكتفى به ومنه قول الله تعالى: }الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ { [10] وقوله تعالى: ] وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً{ [11] 
3 ـ من معاني الحسبة : الإنكار  ،فيقال أحتسب عليه : أي أنكر عليه قبيح عمله وتسمية الإنكار بالاحتساب " من قبيل تسمية المسبب بالسبب ؛لأن الإنكار على الغير سبب بإزالته وهو الاحتساب لان المعروف إذا ترك فالأمر بإزالة تركه أمر بالمعروف ، والمنكر إذا فعل  فالأمر بإزالته هو النهى عن المنكر."[12]
4 ـ من معاني الحسبة أيضا : التدبير . فيقال : فلان حسن الحسبة في الأمر أي حسن التدبيرله والنظر فيه وفق القوانين والأنظمة والمحتسب يقوم بتدبير خاص ، وهو تدبير تطبيق الشرع الإسلامي وهو احسن وجوه التدبير .[13]
5 ـ من المجاز يقال : خرجا يحتسبان الأخبار :يتعرفانها كما يوضع الظن موضع العلم واحتسبت ما عند فلان : اختبرته وسيرته . كما ورد في الشعر:
                   تقول نساء يحتسبن مودتي     ***    ليعلمن ما أخفى ويعلمن ما أبدى[14]
أي النساء يختبرن  ما عند الرجال من تصرفات والمحتسب ينظر في تصرفات الناس الظاهرة ويحكم عليها  ويقدم على تغيير المنكر منها بعد التدقيق والنظر في المآلات.
ومما سبق يمكن إجمال معاني الحسبة في الآتي :
 أ )- العد والحساب .
ب )- طلب الأجر والثواب من الله والاكتفاء به .
ج  )- حسن التدبير في الأمور والنظر في مآلاتها .
د )- الإنكار .
هـ )- الاختبار والسبر .


[1] - انظر: لسان العرب لابن منظور 3/164.
 -[2] سورة الأنعام الآية 96.
[3]  - سورة الإسراء الآية  12.
[4]  -  صحيح البخاري /كتاب الإيمان/باب صوم رمضان احتسابا من الإيمان/ح37.
[5]   - صحيح البخاري /كتاب الإيمان/باب اتباع الجنائز من الإيمان/ح45.
[6]  - فتح الباري بشرح صحيح البخاري لابن حجر  1/163 /ط2/ دار الريان للثراث/ القاهرة/ 1409هـ- 1988م.
[7]  -فتح الباري 1/167.
[8] -  المصدر نفسه 1/ 165.
[9] - صحيح البخاري /كتاب التوحيد /باب ما جاء في قوله تعالى إنّ رحمة الله قريب/ح6894.
[10] - سورة آل عمران الآية 173.
[11]  - سورة النساء الآية 6.
[12] -  نصاب الاحتساب لعمر بن محمد بن عمر السماني ،تحقيق: مريزن سعيد /83 /دار مكتبة الطالب الجامعي/ مكة المكرمة/  دون تاريخ
[13]  - انظر : المرجع السابق 83 .
[14]  - أساس البلاغة للزمخشري  125/ ط 1 / دار صادر/ بيروت – لبنان /1412 هـ – 1992 م .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق