الاثنين، 24 مارس 2014

خطورة ترك الاحتساب



خطورة ترك الاحتساب
إن ترك الاحتساب سبب للعذاب ، فالأمة التي لا يقوم أفرادها بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؛ تصبح أمةً تعمّها المعاصي والمنكرات ، وتتفشى فيها الأمراض الأخلاقية والاجتماعية والاقتصادية فتكون أمة لا تستحق البقاء ، كما روى أبو داود والترمذي وابن ماجه عن أبي بكر الصديق أنه قال : (( يا أيها الناس إنكم تقرؤون هذه الآية : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ) ([1])، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمَّهم الله بعقاب منه )) وفي رواية ابن ماجه : (( إذا رأوا المنكر )) وفي رواية عند أبي داود : ((ما من قوم يعمل فيهم بالمعاصي ثم يقدرون على أن يغيروا ثم لا يغيروا إلا يوشك أن يعمَّهم الله منه بعقاب )) ، وروى الترمذي عن حذيفة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( والذي نفسي بيده لتأمُرُنَّ بالمعروف ولتنهوُنَّ عن المنكر ، أو ليوشكنَّ الله أن يبعث عليكم عقاباً منه ثم تدعونه فلا يستجاب لكم )) فترك الاحتساب موقع في العذاب والهلاك ، وعدم استجابة الدعاء ، وهذه سنة الله في الخلق ، فأيّ أمة تركت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فسيأتيها العذاب والهلاك ، قال سبحانه : ( فَلَوْلا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ. وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُون) فأخبر سبحانه أنه لو كان في الأمم السابقة من ينهى عن الفساد لنجوا من العذاب الشامل ، قال ابن كثير : (( أخبر تعالى أنه لم يهلك قرية إلا وهي ظالمة لنفسها ولم يأت قرية مصلحة بأسه وعذابه قط حتى يكونوا هم الظالمين )) وقال عمر بن عبد العزيز رحمه الله : ((كان يقال : إن الله تبارك وتعالى لا يعذب العامة بذنب الخاصة ، ولكن إذا عمل المنكر جهاراً، استحقوا العقوبة كلهم )) وروى البخاري ومسلم والترمذي عن زينب أنها قالت لرسول الله صله الله عليه وسلم : أنهلك وفينا الصالحون ؟ قال : (( نعم إذا كَثُر الخَبَثُ )) وهذا يعني أن كثرة الخبث وانتشاره سبب للعذاب ، ولا سبيل إلى الحدِّ من انتشاره إلا بإنكار المنكرات ومحاربة أهلها ، وروى الترمذي في حديث آخر عن عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( في هذه الأمة خسف ومسخ وقذف )) فقال رجل من المسلمين : يا رسول الله ومتى ذاك ؟ قال : (( إذا ظهرت القينات والمعازف وشربت الخمور )) وهذا يعني أن ظهور المنكرات سبب آخر للعذاب حتى ولو لم تكن كثيرة ، ولعل سبب ذلك أن المنكر لا يكون ظاهراً إلا إذا كان لدى أصحابه من القوة والنفوذ ما يخول لهم القيام بما أرادوا ، أو عندما يكون الناس قد بلغوا من الضعف والمهانة إلى درجة مَنْ لايعرف معروفاً ولا ينكر منكراً .

وقد قال تعالى في موضع آخر : ( وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)([2]) قال ابن عباس في معنى هذه الآية : (( أمر الله المؤمنين أن لا يقروا المنكر بين ظهرانيهم فيعمّهم الله بالعذاب )) . فليس في الإنكار فتنة وإنما الفتنة في تركه ، كما دلت عليه هذه الآية ووضحه شيخ الإسلام ابن تيمية في كلام له يطول نقله.
أن تارك الاحتساب ملعون على لسان أنبياء الله ورسله عليه السلام :
قال تعالى : ( لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ . كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) ([3]).
هذا من بعض النقاط التى توضح أهمية الاحتساب ودروه الكبير في صلاح المجتمع .


[1] (المائدة: من الآية105)
[2] (لأنفال:25).
[3] (المائدة:78-79) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق