فضائل القيام بالحسبة في الإسلام
القيام بالأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر من صفات رسول الله صلى الله عليه وسلم ومهامه العظام
التي بُشر بها في الكتب السابقة ، كما قال تعالى : ( الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ
الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي
التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ
الْمُنْكَر) ([1])وهو كذلك
من صفات عباد الله المؤمنين التي مدحهم بها، والتي تميزهم عن المنافقين ، كما قال
سبحانه : ( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ
يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَر ) ([2])،
وقال عن المنافقين : (الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ
بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوف)([3])
فقد وصف سبحانه المؤمنين بهذه الصفة ووصف المنافقين بضدها ، قال القرطبي : (( فجعل
الله تعالى الأمر بالمعروف والنهي
عن المنكر فرقاً بين المؤمنين والمنافقين ،
فدلَّ على أن أخص أوصاف المؤمن : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ورأسها الدعاء
إلى الإسلام والقتال عليه
وقد ذكر سبحانه
أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من صفات الصالحين الذين يطمع كل مسلم أن يكون
منهم فقال : ( مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ
اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ . يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ
الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ
وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ ) ([4])قال
الغزالي: (( فلم يشهد لهم بالصلاح بمجرد الإيمان بالله واليوم الآخر حتى أضاف إليه
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ))([5]).
-
أنهما سبب
الخيرية لهذه الأمة ، التي جعلها خير الأمم لقيامها بالأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر ، كما قال تعالى : ( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ
تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ
بِاللَّهِ )([6]).
-
أنهما سبب
للنصر والتمكين ، وواجب من واجبات من مكَّنه الله في الأرض ، كما يقول تعالى : (
وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ.
الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا
الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ
الْأُمُورِ)([7]).
فمن نصر دين الله وجاهد أعدائه وأقام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقد نصر
الله وبذلك يستحق النصر من عند الله القوي العزيز ، فإذا انتصر فإن الله شرط عليه
القيام بالأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر ليستمر نصرهم لدين الله فيستمر نصر الله لهم،
قال الضحاك : (( هو شرط شرطه الله عز وجل على من آتاه الله الملك )) وروى
الترمذي عن عبد الله بن مسعود قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
(( إنكم منصورون ومصيبون ومفتوح لكم ، فمن أدرك ذلك منكم فليتق الله ، وليأمر
بالمعروف ولينه عن المنكر .. )) فقد وعد رسول الله أصحابه بالنصر والفتح واشترط
على مَن يدرك النصر أن يتقي الله ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، ويستمر هذا
الوعد على مرِّ العصور .
-
أنهما سبب
لحصول الثواب وتكفير السيئات ، فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر صدقة يؤجر عليها
المسلم ، كما روى الترمذي عن أبي ذر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ..
وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة .. الحديث )) وهو صدقة لأن الآمر قد بذل
الخير للآخرين وأرشدهم إلى ما ينفعهم ، وحذرهم مما يضرهم ، فأجره عظيم ، لأن نفعه
متعدٍ للآخرين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق