الاثنين، 24 مارس 2014

هل انخراط الدارس فيما يدرس يسمح له بمقاربة موضوع بحثه والتفاعل معه



هل انخراط الدارس فيما يدرس يسمح له بمقاربة موضوع بحثه والتفاعل معه
الواقع أن المؤرخ و عالم الاجتماع و عالم النفس  والدارس يعرفون أنهم منخرطون فيما يدرسونه ،و أن انخراطهم هو ما يسمح لهم جزئيا بمقاربة موضوعات أبحاثهم و التفاعل معها ،و عندما تركز الابستمولوجيا المعاصرة على الحضور الضروري للذات في العلوم الإنسانية ،فإنها لا تفعل شيئا أخر غير تحديد المطالب المنهجية الإضافية التي ينبغي على العقل استيفاءها لتكوين هذه العلوم ،و لا توجد بهذه المناسبة أية قطيعة مع علوم الطبيعة ،مادامت الفيزياء المعاصرة نفسها تأخذ بعين الاعتبار عامل تدخل الملاحظ".
في إطار مقارنتهم بين العلوم الإنسانية و العلوم الطبيعية ، يقر هؤلاء الانتربولوجيون بالاختلاف بينها سوء من حيث النشأة و النتائج و طبيعة المناهج ،و يؤكدون على ضرورة أن تستخدم العلوم الإنسانية العقل بحذر نظرا لخصوصية الظاهرة الإنسانية و غناها و عدم انتظامها .لكن يبقى مطلب حضور الروح العلمية مطلبا أكثر إلحاحا حتى مقارنة بالعلوم الطبيعية بكل ما تستوجبه من القدرة على استيعاب التناقضات و مواجهة كل ما هو غريب ،مع استحضار ضرورة فهم الأخر في كل أبعاد هو الانتباه إلى تداخل الذات و الموضوع،لكن هذا التداخل لا ينبغي النظر إليه كنقص في العلوم الإنسانية مادام هو معطى موجود أيضا في العلوم الطبيعية كما بينته الفيزياء المعاصرة خاصة مع أينشتاين .

تتوقف علمية العلوم الإنسانية في نظر الباحثين لابورت-تولرا ووارنيي  ( Laburthe-Tolra et Warnier )  على إدراك أن هذه العلوم تفترض أن تكون الذات هي نفسها الموضوع المدروس علاوة على أن العالم يعتبر طرفا وحكما في نفس الوقت، إلا أن ذلك لا يجب أن يؤثر في النظرة إلى القيمة العلمية لهذه العلوم، لأن الغاية الإبيستيمولوجية لإبراز التداخل الموجود بين الذات والموضوع يتحدد أساسا في تسطير الشروط المنهجية التي يجب اعتمادها والتي يجب أن تتوفر في العلوم الإنسانية. بل من المؤكد أن الفيزياء المعاصرة تعرف نفس الإشكاليات، مما جعلها تأخذ بعين الاعتبار تدخل الملاحظ في بناء الظاهرة مما يؤكد غياب القطيعة بين العلوم الطبيعية والعلوم الإنسانية..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق