السبت، 22 مارس 2014

بطلان احكام التحكيم فى القانون الفرنسى



اسباب بطلان احكام التحكيم فى ظل القانون الفرنسى
اشرنا فيما سبق ان قانون المرافعات الفرنسى يسمح باستئناف حكم التحكيم الا اذا تنازل عنه الاطراف بحق الاستئناف وسواء كان متاحا للاطراف الطعن بالاستئناف او كان هذا الباب موصدا ففى الحالتين يجوز طلب بطلان حكم التحكيم على انه فى حاله بقاء امكانيه الطعن بالاستئناف فيجب اتباع هذا الطريق مع بيان الغرض فى صحيفه الاستئناف اى تحديد المقصود هل هو الاستئناف بهدف (مراجعه الحكم موضوعيا) appel afin de reformation  وفقا لنص الماده (1482) ام استئناف لتقرير البطلان appel a fin de nullite وفقا لنص الماده (1484)(357).ويختلف الامر اذا كان باب الاستئناف موصدا لتنازل الاطراف عنه مسبقا او لعدم تحفظهم فى حاله التحكيم بالتفويض فهنا لا يبقى سوى دعوى البطلان التى تحدد حالاتها الماده (1484) والتى تسمح برفع هذه الدعوى دون اعتبار لاى شرط مخالف لذلك مما يعنى عدم جواز التنازل المسبق عن دعوى البطلان كما راينا فى ظل القانون المصرى وتكاد حالات البطلان تكون مطابقه للحالات التى اوردنها عند معالجه القانون المصرى وهى تشمل مايلى :-
1- عدم وجود اتفاق تحكيم او بطلانه او انقضاؤه:

ويسرى فى هذا الخصوص – بصفه عامه – ما ذكرناه بصده القانون المصرى مع مراعاه ان القانون الفرنسى فى تنظيمه للتحكيم الداخلى – كما سبق – الاشاره – يستلزم الكتابه لوجود وصحه شرط التحكيم مع جزاء البطلان اما بالنسبه للمشارطه فالكتابه شرط اثبات وكذلك يستلزم المشرع الفرنسى تسميه المحكمين او بيان طريقه تعيينهم واذا تعلق الامر بشرط التحكيم فيقتصر جوازه على المسائل التجاريه وذلك على التفصيل السابق عرضه عند دراسه اتفاق التحكيم وتقف سلطه المحكمه عند حد التحقق من وجود او بطلان او انقضاء اتفاق التحكيم وقد يقتضى ذللك مراجعه الحكم وتفحص ما استند اليه للتحقق من وجود (اختصاص للمحكم) وحدود هذا الاختصاص ولذلك يذهب البعض الى جواز امتداد سلطه القاضى لفحص (الواقع والقانون) حتى يتمكن من تحديد وجود (سند) لاختصاص المحكم ويستند هذا الراى لاحكام اصدرها القضاء الفرنسى فى مجال التحكيم التجارى الدولى ويرون سريانها على التحكيم الداخلى لتطابق النصوص التى تعالج بطلان الحكم فى التحكيم الداخلى (ماده 1484/1) لعدم وجود اتفاق التحكيم او بطلانه او انقضاؤه مع نص الماده 1502/1 الوارد بشان استئناف القرار الصادر بالاعتراف وتنفيذ احكامالتحكيم الاجنبيه او الصادره فى مواد التحكيم الدولى(358).
اما بالنسبه للانقضاء فشرط التحكيم ينقضى بانقضاء العقد الذى يتضمنه الا انه يمتد للمنازعات التى نشات عن العقد قبل انقضائه كما يمتد للمنازعات التى ترتبط بما قد ينتج عن العقد من اثار لاحقه على انقضائه (359).ويختلف الامر بالنسبه لمشارطه التحكيم والتى تفترض وجود نزاع ثار فعلا مما يجعل (اعمال المشارطه مولدا لخصومه تحكيم فيختلط ميعاد المشارطه بميعاد التحكيم اى المهله المحدده لاصدار حكم التحكيم وذلك على تفصيل سبق بيانه عند معالجه ميعاد اصدار حكم التحكيم فى ظل القانون الفرنسى) (360).
2- وجود مخالفه للقواعد الخاصه بتعيين المحكم او تشكيل محكمه التحكيم:

ويتعلق الامر بالخروج على النصوص المنظمه لتشكيل المحكمه او تعيين المحكمين والسابق تفصيلها ولكن اعمالا لنص الماده 432/2 من قانون المرافعات يجب اثاره الدفع بمخالفه قواعد تشكيل المحكمه مع بدء المرافعه والا اعتبر الصمت نزولا ومطهرا للعيب (361) الذى لم يتم التمسك به باستثناء حاله تعلق الامر بقاعده امره تمس النظام العام كاستلزام وتريه العدد ورغم ذلك يذهب البعض الى ان الامر يتعلق بقاعده امره لحمايه المصالح الخاصه للاطراف فيجب التمسك بالبطلان ولا تقضى به المحكمه من تلقاء نفسها فالقاعده رغم تعلقها بالنظام العام فالبطلان المترتب على مخالفتها بطلان نسبى(362).
3- اصدار المحكم للحكم دون التزام بحدود مهمته:

وتقابل هذه الحاله الحاله التى اوردها المشرع المصرى فى الماده (53) اى فصل المحكم فى مسائل لا يشملها اتفاق التحكيم او اذا جاوز الحكم حدود هذا الاتفاق ولكن الصياغه الفرنسيه (363) جاءت فضفاضه الى حد ان الفقه يعالج تحت هذا السبب المسائل الخاصه بمخالفه المبادىء الموجهه للدعوى واحترام حقوق الدفاع او قيام المحكمين بالفصل وفقا لقواعد العداله والانصاف دون وجود تفويض من الاطراف (364) هذا علاوه على المعنى المحدد الذى اورده المشرع المصرى اى قيام المحكمين بالفصل فيما لم يطلب منهم حتى لو كان متصلا بموضوع النزاع كالحكم بابطال الشركه فى حين ان المطلوب تصفيتها او الحكم بفسخ عقد فى حين ان المطلوب مجرد انهائه (365).كما تشمل هذه الحاله صوره التجاوز اى الحكم فيما يتصل بموضوع النزاع (ultra petita) وهذا لا علاج له بواسطه المحكم ولا سبيل الا دعوى البطلان عكس حاله اهمال او اغفال الفصل فى بعض الطلبات فهنا يمكن طلب حكم اضافى ولا مجال لطلب البطلان.

4- عدم احترام مبدا المواجههprincip de la contradiction :-

وهذا المبدا يتصل باحترام حقوق الدفاع والذى اوردته الماده (53/(ج) و (ز) ) من القانون المصرى والذى كرسته الماده 16 مرافعات فرنسى والتى تلزم القاضى بالا يعتد فى قضائه باى دفاع او ايضاحات او مستندات قدمت فى الدعوى من الاطراف الا اذا اتيحت الفرصه لهؤلاء الاطراف للتناضل بشانها وجها لوجه فالمقصود ان (يحاط تقديم اوجه الدفاع او المستندات بقدر من العلانيه تسمح بامكانيه المناقشه الفعاله من قبل الاطراف ويوجز البعض كل ذلك فى عباره مختصره تتمثل فى التزام المحكم بان يؤمن للاطراف (قضيه عادله)proces equitable.
5- عدم تسبيب الحكم :-

تنص الماده 1484/5 على امكانيه رفع دعوى بطلان فى كل الحالات المنصوص عليها فى الماده 1480 واول هذه الحالات حاله مخالفه الماده 1471/2 والتى تستلزم تسبيب حكم التحكيم ويتضح هنا الفارق بين القانون المصرى والفرنسى فالاول يسمح بامكانيه اتفاق الاطراف على عدم التسبيب او اذا كان القانون المطبق لا يستلزم ذلك ومرجع هذا الاختلاف ان المشرع الفرنسى يواجه فى تعداده لحالات البطلان صور التحكيم الداخلى اما المشرع المصرى فيواجه كل صور التحكيم كما سبق ابراز ذلك فى اكثر من موضع ولكن يلاحظ ان عدم التسبيب يمكن ان تكون يندا لدعوى البطلان فى ظل القانون المصرى فى حاله عدم وجود اتفاق على استبعاده اذ ينطبق النص الذى يستلزم تسبيب الاحكام كما راينا ويسرى الالتزان بالتسبيب حتى على التحكيم مع التفويض (367) ويلزم عدم تناقض الاسباب والا امكن الطعن بالبطلان (368).




6- عدم تضمين الحكم بيانا باسماء المحكمين او بيان تاريخ الحكم :-

ويربط البعض اهتمام المشرع الفرنسى بذكر اسماء المحكمين بشرط ان يكونوا من الاشخاص الطبعيين (369) وبشرط استمرار مباشرتهم لسير عمليه التحكيم وتوقيعهم على الحكم .
اما بيان التاريخ فمرجعه الى تحديد ما اذا كان قد صدر اثناء سريان ميعاد التحكيم من عدمه اذا بفوات الميعاد ينتفى سند المحكم وصفته فى اصدار الحكم .
7-عدم توقيع جميع المحكمين او عدم ذكر رفض الاقليه :-

ويلاحظ ان المشرع الفرنسى لم يستلزم سوى ذكر واقعه رفض الاقليه دون استلزام بيان اسباب الرفض على عكس المشرع المصرى كما راينا.
1- الاخلال بقاعدة تتعلق بالنظام العام :-

وينصرف هذا السبب الى خروج المحكم على قاعدة تتعلق بالنظام العام فلا تنصرف هذة الحالة الى عدم قابلية النزاع للتسوية عن طريق التحكيم لان هذا يعد سببا لبطلان الاتفاق وهو نفس ما انتهينا الية فى ظل القانون المصرى ويعطى الفقة والقضاء امثله يتعلق بعضها بالتحكيم الذى يخرج فية المحكم على النصوص امرة تتعلق بتحديد اسعار جبرية لبعض المنتجات (370)او اقرار اتفاق على تعامل فى تركة مستقبلة (371)او الاخلال بالقواعد القانونية المنظمة للتعامل بالكمبيالات(372) .
ويسرى الطابع الحصرى على هذه الاسباب (373) فلا يمكن الطعن بالبطلان لاى سبب اخر كالخطا فى تفسير العقد (374) كما ان البطلان لا يمتد لكل ما تضمنه الحكم اذا امكن تجزئته (375) وعلى العكس المشرع المصرى تنص الماده 1485 على ان المحكمه اذا قضت بالبطلان فعليها الفصل فى الموضوع فى الحدود التى كانت متاحه للمحكم الا اذا اتفق الاطراف هلى خلاف ذلك . وهذا يعنى امكانيه ان يتفق الاطراف على التمسك بالتحكيم او استمرار اتفاقهم على استبعاد تصدى القضاء للفصل فى الموضوع فيصبح الامر مشابها لما هو عليه الحال فى ظل القانون المصرى اما اذا لم يوجد مثل هذا الاتفاق فالمحكمه تفصل فى الموضوع ويرى البعض (376) ان تخويل المحكمه سلطه الفصل فى الموضوع من شانه توفير الوقت فضلا عن منع دعاوى البطلان التى تستهدف تعطيل الفصل وانهاء النزاع اذ سيتردد كل طرف فى رفع دعوى البطلان مع علمه بان المحكمه اذا قضت بالبطلان ستتولى الفصل فى الموضوع وهى تقضى وفقا لما كان يتمتع به المحكم من سلطات فاذا كان مفوضا فهى تحكم وفقا لقواعد العداله او الانصاف دون تقيد بنصوص القانون.
وتجدر الاشاره فى النهايه الى ان المشرع الفرنسى على عكس المشرع المصرى استبقى طريق الالتماس باعاده النظر (377) فى حاله عدم امكانيه الاستئناف وصدور الحكم برفض دعوى البطلان ويرجح عدم امكانيه التنازل المسبق عن الطعن بالتماس اعاده النظر.
 ووفقا لنص الماده (1507) لا تسرى احكام الباب الرابع المنظمه لاستئناف احكام التحكيم الداخلى او لرفع دعاوى البطلان على احكام التحكيم التى تصدر خارج فرنسا او التى تصدر فى مجال التحكيم الدولى وعالج المشرع كيفيه مواجهه احكام التحكيم التى تصدر خارج فرنسا من خلال القواعد المنظمه للاعتراف بهذه الاحكام وتنفيذها فهذه الاحكام لا تخضع لدعاوى البطلان وغايه ما هناك ان المشرع الفرنسى يمنع امتداد اثارها داخل فرنسا فلا يعترف بها ولا ينفذها اذا اصدر القضاء امره برفض طلب تنفيذها واذا صدر الامر بتنفيذها فان الامر فى الحالتين يخضع للاستئناف وذلك على تفصيل سنعرض له عند معالجه تنفيذ احكام المحكمين ولكن فى جميع الاحوال لا سبيل لرفع دعوى بطلان حكم التحكيم الصادر فى الخارج اما الاحكام التى تصدر فى فرنسا متعلقه بتحكيم دولى فقد فتح المشرع باب رفع الدعوى بطلب بطلانها وذلك فى الحالات الوارده على سبيل الحصر والتى يجوز فيها استئناف الحكم الصادر بالاعتراف وتنفيذ حكم المحكمين وتشمل هذه الحالات مايلى :-
1-صدور الحكم دون وجود اتفاق تحكيم او بناء على اتفاق باطل او انقضى.
2-عدم نظاميه تشكيل محكمه التحكيم او اجراءات تعيين المحكم الوحيد (377).
3-اذا لم يلتزم المحكم فى حكمه حدود المهمه المناطه به (378) .
4-اذا تم اهدار مبدا المواجهه (379) .
5-اذا كان الحكم مخالفا للنظام العام الدولى (380) .
وكما هو واضح ,تتطابق هذة الحالات مع الحالات السابق ذكرها بشان التحكيم الداخلى باستثناء الحالات الخاصة بمخالفة النصوص التى يقتصر تطبيقها على التحكيم الداخلى الا اذا اتفق الاطراف على تطبيق قانون المرافعات الفرنسى ففى هذة الحالة ,تسرى على الحكم القواعد الواردة بخصوص التحكيم الداخلى ,مع مراعاة ان ما يعد مخالفا للنظام العام الداخلى ,لايعد كذلك بالنسبة للنظام العام الدولى ,فعدم التسبيب لا يعد امرا متعلق بالنظام العام الدولى ,وبالتلى لا يبرر البطلان الا اذا اتفق صراحة على الزام المحكمين بالتسبيب ,فيعد عدم التسبيب داخلا تحت عدم التزام المحكمة بمهمتة , وسنعرض لبعض الاوضاع الخاصة بهذة الاسباب عند معالجة تنفيذ حكم المحكمين .



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق