يعد الزواج من أبرز الموضوعات الأسرية التي حظيت باهتمام القرآن الكريم و السنة
المطهرة موضوع الزواج و التقاء رجل و امرأة ليكونا الأسرة باعتبار بداية لتكوين
البناء الأسري و هو ارتباط قيمي يتبادلا السكون و المودة و الرحمة بينهما و الإسلام
حيث حدد
شروط الزواج, إنما جعلها ليقسم معيار الحياة الأسرية على أسس من القوة
القيمية التي تحاط بالصدق مع الله و النفس و الناس. فبين الشرع الحقوق الزوجية بين
الرجل و المرأة و أمر بالتزامها و بهذا تتحقق السكينة الأسرية التي ينشرها الشرع
الحنيف و تدوم الألفة و الحنان و هو المطلب المنشود للكل (الأنصاري,
2006م, ص115).
و رابطة الزوجية من أعظم
الروابط و أحقها بالحفظ و ميثاقها من أغلظ المواثيق و أجدرها بالوفاء عروض الخلاف
و الكراهة و ما يترتب عليها من النشوز و الإعراض و سوء المعاشرة من الأمور
الطبيعية التي يمكن زوالها من بين البشر و الشريعة العادلة و الرحيمة هي التي
تداعي فيها السنن الطبيعة و الوقائع الفعلية بين الناس فأوجب الإسلام على كل منهما
تحري العدل و المعروف و إقامة حدود الله و إقامة العلاقة الزوجية على أسس وطيدة
تكفل لها الدوام و الإستقرار و النجاح
و لقد حث الإسلام على الزواج
و رغب أبناءه القادرين عليه المالكين لأسبابه في المبادرة إليه إحياءً لسنة نبيهم
صلى الله عليه وسلم في الزواج و تلبية لنداء الفطرة و إعفاف النفس، فالإسلام و إن
كان يحرص أشد الحرص على بقاء الرابطة الزوجية قائمة و بصورة مستقرة واتخذ من
الوسائل و التشريعات المحكمة الرشيدة ما يضمن تحقيق هذه الغاية عند مراعاته سواء
من حيث و ضع الأسس المتينة لإقامة البناء الاسري عليها من حسن اختيار الزوج و ما
إليه و من حيث رسم الإطار القويم للعلاقة بين الزوجين بعد قيام هذه العلاقة
كمراعاة
المعاشرة بالمعروف و التحلي بحسن الخلق و الصبر و النصح بالحسنى بين
الزوجين، و لما كان حاضر الأمة و مستقبلها يعتمد على نوعية أجيالها و ناشئها و لما
كانت المرأة هي نصف المجتمع و أحدى عمودي الحياة الأنسانية فإن احسن إختيارها يضمن
تربية جيل صالح يبني الحياة الفاضلة بما تزرعه من حميد الأخلاق و إلا بذرت فيهم
بذور الفساد مما يقضي إلى إنحلال الأمة و سقوطها. و ليس اختيار الزوجة اختياراً
لسلعة بل اختيار لحياة مشتركة لها أثارها الممتدة من الأفضاء و تقاسم المشاعر و
علاقة المصاهرة و إنجاب الأولاد, فالإختيار الحسن يضمن للبيت الاستمرار و يكفل
للحياة الزوجية الاستقرار، من أجل هذا عنى الإسلام باختيار الزوجة الصالحة و جعلها
خير متاع ينبغي التطلع إليه و الحرص عليه.
و ليس الصلاح إلا المحافظة على الدين و
التمسك بالفضائل و رعاية حق الزوج و حماية الابناء فهذا الذي ينبغي مراعاته و أما
ما عدا ذلك من مظاهر الدنيا فهو مما حذره الإسلام و نهى عنه إذا كان مجرداً من
معاني الخير و الفضيلة و الصلاح و غالباً ما يتطلع الناس إلى المال الكثير أو
الجمال الفاتن أو الجاه العريض أو النسب العريق أو إلى ما يعد من شرف الأباء غير
ملاحظين كمال الدين و حسن التربية فتكون نتائج الزواج مره و تنتهي بنتائج ضاره. فعن
عائشة رضي الله عنها عن الرسول (ص) قال:"تخيروا لنطفكم و انكحوا الأكفاء و
انكحوا اليهم (أخرجه ابن ماجه في كتاب النكاح برقم 1968).
و روى أبو حاتم المزني أن رسول الله قال:"إذا اتاكم من ترضون دينه و خلقه
فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض و فساد كبير, قالوا: يا رسول الله إذا كان
فيه؟ قال: إذا جاءكم من ترضون دينه و خلقه فزوجوه" (أخرجه الترمذي برقم 1804).
و روى أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال:"يا بني بياضه أنكحوا
أبا هند و أنكحوا إليه, و كان حجاماً" (أخرجه ابو داوود في باب الاكفاء برقم
2102).
و يضع النبي تحديداً للمرأة الصالحة
"أنها الجميلة المطيعة البارة الأمينة" فيقول:"خير النساء من إذا
نظرت إليها أسرتك و إذا أمرتها أطاعتك و إذا أقسمت عليها أبرتك و إذا غبت عنها
حفظتك في نفسها و مالك"( اخرجه النسائي برقم 3231)
(الأنصاري, 2005م, ص131).
و المرأة المسلمة دائماً و اعية بواجبها
تجاه ربها و تجاة زوجها لينطلقا يؤديان رسالتهما في الحياة في بناء الأسرة المسلمة
و تنشئة الأجيال الطاهرة و تربية العقول و القلوب و المشاعر المتفتحة في تفاهم و
تواد و انسجام ذلك أن موكبي المؤمنين و المؤمنات يسيران جنباً إلى جنب في رحلة الحياة
المؤمنة الجادة لأداء الرسالة الكبرى التي أناطها الله بالإنسان و جعلها أمانة في
اعناق الرجال و النساء على النحو الذي يرسمه القرآن الكريم
فلا بد لسلامة المسيرة و بلوغ ذلك الهدف
الكبير من متانة العلاقة الزوجية و توطيد دعائم الأسرة و بنائها على أساس سليم و
للمرأة المسلمة الواعية هدى دينها لا تكتفي بجمال الهيئة و أناقة المظهر و رفعة
المنصب و مظاهر الثراء و إنما تقف عند دينه و خلقه فهما عماد بيت الزوجية الناجح و
اثمن حليه يتحلى بها الزوج و المرأة المسلمة الحصيفة تدرك مسؤليتها التي تلفها بها
الإسلام في رعاية بيت زوجها وهي تعلم حق زوجها عليها و انه لحق كبير أكده الرسول
صلى الله عليه و سلم في قولة:"لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر و لو صلح لبشر أن
يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها لعظم حقه عليها"
(الهاشمي, 1425هـ, ص153).
و
هي مسئولة في رعاية بيت زوجها و خصها بالذكر في المسئولية تقديراً منه لها في تحمل
هذه المسئولية و ذلك في الحديث المتفق عليه" كلكم راع و كلكم مسؤل عن
رعيته" و ذكر منهم المرأة فهي راعية في بيت زوجها و مسئولة عن رعيتها، و قال
رسول الله:"أربع من اعطيهن فقد اعطي خير الدنيا و الأخرة قلبا شاكراً و
لساناً ذاكراً و بدناً على البلاء صابراً و زوجه لا تبغيه حوباً في نفسها و ماله"( اخرجه الطبراني
في الاوسط برقم 7212) . و سعيد بن جبير قال: قال لي ابن عباس: هل تزوجت؟, قلت: لا,
قال: تزوج فإن خير هذه الأمة أكثرها نساءً". و عليه تعد وعي المرأة و ثقافتها
بمفهوم الزواج أحد الأبعاد التي يقاس عليها تطور المجتمع و نموه و صلاحه فهي أساس
تنشئة الأجيال الصالحة و اساس الأستقرار و استمرار الحياة الزوجية على أساس المودة
و الرحمة، و اقامة حدود الله هي التي تعزز الرابطة الزوجية و تزيد في قوة
الإستمراريه و الديمومة التي التزمت المرأة بما يجب عليها تجاه زوجها و السبب الوحيد الذي يفوق الاسباب الآخرى
التي تقرب الحياة الزوجية الى الفشل الذي نهايته الطلاق هو عدم المعرفة بالواجبات
و القيم و المبادئ الإسلامية تجاه الأسرة و أداء حق كل واحد من أفرادها. فإذا
التزم أفراد الأسرة بهذه الحقوق و اتبعوها اتباعاً صحيحاً صادقاً في سرهم و
علانيتهم نعمت حياتهم و سعدوا في معيشتهم.
و المرأة المسلمة الراشدة الواعية لا تعشى
بصرها أضواء المظهر و لا تصرفها عن رؤية الحقيقة و الجوهر فهي مطيعة لزوجها في غير
معصية بارة به حريصة على أرضائه و ادخال السرور عليه و لو كان فقيراً معسراً
أقتداءً بعدد من فضليات النساء في التاريخ
الإسلامي و في مقدمة هؤلاء السيدة فاطمة الزهراء ابنة محمد صلوات الله و سلامه
عليه و زوجة علي بن أبي طالب كرم الله وجهه عندما سالاه خادماً و جاء رسول الله
صلى الله عليه و سلم إلى ابنته و زوجها فقال لهما:"ألا أعلمكما خيراً مما
سألتماني؟ إذا أخذتما مضاجعكما, فسبحا الله ثلاثاً و ثلاثين, و أحمدا الله ثلاثاً
و ثلاثين, و كبرا الله ثلاثاً و ثلاثين فهو خير لكما من خادم"( أخرجه ابو
داوود في باب التسبيح عند النوم برقم 5062، وأصله في الصحيحن بلفظ أخر) ( الهاشمي, 1425هـ, ص 101).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق