السبت، 1 مارس 2014

المشاكل التي تواجه الموهوبين



*** المشاكل التي تواجه الموهوبين

        أحياناً ما يردد بعض الناس عبارات تنم عن الاعتراض على توجيه الاهتمام نحو الموهوبين والمبدعين ظنا منهم بأن الإبداع هو مسألة شديدة الخصوصية ولا  تهم الجميع ،  و أن فئة الموهوبين لا يمثلون سوى شريحة ضئيلة في المجتمع ، ومن ناحية أخرى فقد يتجه البعض الى ربط العبقرية والإبداع بالجنون أو الاعتلال بالصحة النفسية مما يجعلهم ينظرون الى الطفل العبقري والموهوب بأنه مجنون صغير ، محب للشغب وإثارة المشاكل . وتمثل وجهات النظر تلك اتجاهات قطاع عريض من الفئات الاجتماعية تجاه الموهوبين والمبدعين منذ أمد طويل والى وقتنا الحاضر .
        وفيما يلي استعراض لأهم مشاكل التلاميذ الموهوبين والمبدعين وأسباب ذلك ، حسب ما أوضحته نتائج الدراسات العديدة التي أجريت في هذا المجال وهي :

1 - غالباً ما لا يرتاح المدرسون للموهوبين والمبدعين لأنهم لا يحبون الانقياد و التبعية ، كما أنهم مندفعون ومن ذوي الأفكار الغريبة ، وغير تقليديين ، ويبحثون عن التغيير في المجالات التي تتطلب إظهار روح المغامرة ، ويميلون إلي الفوضى وعدم النظام .

      ولو دققنا قليلاً في مقاطع العبارة السابقة لوجدنا أن المشكلة لا تكمن في الموهوب أو المبدع بقدر ما تشير إلى نقص أعداد أؤلئك المدرسين بشكل جعلهم قاصرين وعاجزين عن التعامل مع ظاهرة الإبداع .  ويستطيع المدرس الموهوب المدرب الكفء التعامل مع الأفكار الجديدة دون خوف عند طرحها ، كما يستطيع أن يتعامل بسهولة مع الرغبة في البعد عن التقليدية دون أن يؤثر ذلك على دوره المهني ، أما عن قضية الفوضى وعدم النظام فهي نابعة من أساليب التدريس الروتينية التقليدية التي تبعث الملل في نفوس هؤلاء وتدفعهم الى محاولة تغيير الوتيرة عن طريق إثارة الفوضى كمؤثر على عدم رضاهم عما يحدث داخل الفصل .

2- عدم اهتمام الموهوبين والمبدعين بالحصول على درجات عالية وانعدام الرغبة لديهم في تكملة  الواجبات المدرسية .

3 – صعوبة تعامل المدرسين مع الموهوبين والمبدعين .

      ونظرا الى أن المجتمع لا يثق فيمن يقومون بأعمال غريبة ، كما يرفض قبول السلوك الذي يخرج عن الإجماع ، فغالبا ما يشعر الموهوبون بالرغبة في البعد عن الآخرين والركون الى جو العزلة والانطواء ونظرا إلى أن المدرس يمثل رمزا من رموز السلطة ، فإن ذلك الشعور يدفع الموهوبين والمبدعين إلى محاولة تحاشيه مالم يعمل هو على تقبلهم كما هم ، من أجل إقامة صلات تجعله جديرا بالثقة في نظرهم ومن الناس الذين يمكن الاعتماد عليهم .

1- من الملاحظ أن أهم ما يميز التلميذ الموهوب أو المبدع هو ارتفاع عامل السيطرة لديه مما يجعله يفضل العمل منفرداً في كثير من الأحيان ، وممارسة التفكير المستقل ، والرغبة في التوصل الى حلول لمشاركة بمعرفته .

           غير أن تلك الرغبة عادة ما تصطدم بطرق التربية التقليدية التي تفرض أنماطاً من السلوك الوظيفي والاجتماعي تتعارض وتلك الاتجاهات لدى الطفل الموهوب مما يؤدى الى اصطدامه بمدرسيه ومربيه في كثير من المواقف .
     ونشير فيما يلي إلى موقف يجسد بعض تلك المشاكل، وهو يحكي مشكلة واقعية :
      ويشير الموقف إلى أن أحد الباحثين كان يقوم ببعض الأبحاث بإحدى المدارس حين شاهد التلميذ (س) وهو من أحد التلاميذ الموهوبين بالصف الرابع الأساسي من مرحلة التعليم الأساسي . وعندما سأل الباحث مدرسة الفصل عن ذلك التلميذ أجابت :
     (( أنه في صراع دائم مع معظم المدرسين على الرغم من أنه كان ناجحا جدا في الصف الثالث )).
     وعندما قام الباحث بملاحظة ذلك التلميذ أثناء حصة الرياضيات ، شاهد (س) وهو يعترض على قاعدة من القواعد الرياضية التي كانت المدرسة تحاول جاهدة شرحها وتوضيحها للتلاميذ . وبدلاً من أن تطلب المدرسة من التلميذ شرح وجهة نظره وتقديم مالديه أو أن تقوم بتوضيح التعديلات التي يقترح إدخالها على القاعدة الواردة  ، أظهرت ضيقها وتبرمها من التلميذ وخاطبته صارخة :
      (( هل تظن أنك تعرف أكثر مما يعرف مؤلف هذا الكتاب ؟ )) . وكانت في حالة عصبية ثائرة وهي تضرب بيدها على الكتاب الموضوع فوق منضدة المدرس ، بعنف .
      وأجاب ( س):
      (( أنا لا أعرف أكثر مما يعرفه مؤلف الكتاب ، ولكنني غير راضي عن هذه القاعدة )).
     ونظراً لنقص خبرة المدرسة في التعامل مع موهوب من طراز (س) ، ولكي تتخلص من الموقف المحرج الذى وضعها فيه وما أدى أليه من سوء تصرفها ، فقد طلبت من التلاميذ أن يقوموا بحل التمارين الموجودة في الكتا ب وفق القاعدة التي سبق شرحها . غير أن (س) قام بحل التمارين بمجرد إلقاء نظرة عليها ، وفي زمن قياسي ، مما زاد من غيظ المدرسة أشعل نار غضبها من جديد . وقد أدى هذا الموقف إلى طلب المدرسة بإصرار أن يكتب (س) الحل تفصيليا خطوة بعد خطوة، حسب طلبها مما أدى إلى استغراب التلميذ ودهشة .
      وتدخل الباحث لحل المشكلة وإنهاء الموقف ، فشرح للتلميذ بأن لا يعتمد فقط على حل المسائل الرياضية عقليا ، ولكنه يحتاج إلى حسن الحظ ، وأن المدرسة كانت تهدف إلى تدريبه على حسن الكتابة وأناقة الخط . وكما ان حل المسائل عقليا يعتبر سهلا بالنسبة إليه وصعبا بالنسبة لغيره . وقد تكون عملية الكتابة صعبة عليه وسهلة على غيره . وبهذا الشرح المبسط أصبح طلب المدرسة غير الخبيرة منطقيا،ولا يمثل تحديا للتلميذ .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق