الخميس، 26 ديسمبر 2013

موقف الأنظمة الوضعية من الشعوب



ـ موقف الأنظمة الوضعية من الشعوب: وهم فريقان:
فريق انتهج السياسة الفرعونية الطاغوتية في التعامل مع الشعوب .. والتي تتسم بالاستخفاف، والاحتقار، والامتهان، والتجاهل، والاستعباد .. وعلى مبدأ:) فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ (الزخرف:54. ) قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ (غافر:29. 
فالطاغوت هو الذي يشرّع ويقنن للشعوب؛ قوانين العبودية .. وتعبيد العبيد للعبيد .. وهو الذي يُري الشعوب ما يرى .. وهو الذي يرى بالنيابة عنهم .. إذ لا يجوز أن يروا لأنفسهم ما لا يُريهم إياه .. وما على الشعوب سوى طاعته والدخول في عبوديته .. ومن يأبى أو يعترض يُعاقب بالقتل، أو السجن، أو التهجير والتغريب .. ) قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَاباً وَأَبْقَى (طه:71. وهذا حال جميع الأنظمة الديكتاتورية الظالمة المستبدة المعاصرة، على تفاوت قليل فيما بينها في درجة الظلم والطغيان .. التي تكرس حكم الفرد .. وتفكير الفرد .. وقانون الفرد .. وسياسة الفرد من غير مساءلة ولا محاسبة من قبل الشعوب لهذا الطاغية الفرد[[1]].
فريق آخر: جنح للتفريط، كردة فعل على الفريق الأول .. فقالوا بتحرر الشعوب وتحريرها من كل قيود القيم والأخلاق، والدين .. وحملوها على ذلك حملاً .. فقالوا: الله تعالى هو الإله في السماء .. بينما الشعوب هي الإله في الأرض .. تحكم نفسها بشرعها أو بشرع من يمثلها من الطغاة .. من دون الله U .. لا يعلو حكمها حكم، ولا شرعها شرع[[2]]. 
وهؤلاء فروا من طاغوت الفرد .. إلى طاغوت اسمه " الشعب " .. فجعلوا من مسمى الشعب طاغوتاً وإلهاً يُعبد من دون ـ ومع ـ الله .. وفي حقيقة الأمر أن حظ الشعوب من هذا الطغيان .. أنهم دخلوا في عبادة الهوى .. وعبادة مجموعة أفراد من الطغاة .. بخلاف الأنظمة الديكتاتورية التي لا تقبل إلا وجود طاغوت واحد!
وهذا الفريق يتمثل في موقف الأنظمة الديمقراطية الليبرالية المعاصرة ـ على درجات متفاوتة فيم بينها ـ وهو على خطأ أيضاً .. كما أن الفريق الأول هو على خطأ .. والحق والصواب وسط بينهما .. من غير إفراط الأنظمة الديكتاتورية المستبدة .. ولا تفريط الأنظمة الديمقراطية الإباحية المتحللة .. وهو ما عليه الإسلام كما تقدمت الإشارة إلى ذلك. 


[1] كثير من طغاة الحكم المعاصرين .. تنص دساتيرهم وقوانينهم الباطلة على أن الحاكم فوق المساءلة والمحاسبة .. مهما بدر منه من ظلم أو تقصير .. وأيما مساءلة له تعرض السائل للعقوبة والسجن والتنكيل .. وربما يُرمَى بالخيانة العظمى للوطن والدستور .. فإذا عرفتم ذلك .. عرفتم سبب طغيان هؤلاء الحكام .. وعرفتم سبب التخلف والظلم والذل والفقر والخوف الذي أصاب الشعوب .. ولا بد ـ بإذن الله ـ من أن تتحرر الشعوب من كل هذه القيود، وقد بدت بوادر تكسير قيود العبودية للطاغوت مع ثورات الربيع العربي الإسلامي المعاصر، بإذن الله.
[2] قولهم بأن الشعب يحكم نفسه بنفسه، ويشرع لنفسه بنفسه .. قول كاذب، غير واقعي، ولا حقيقي .. فأكثر الأنظمة ديمقراطية وليبرالية صورة الحكم فيها كالتالي: جزء من الشعب قد يكونون 50% أكثر أو أقل .. يختارون من بينهم مجموعة أفراد قد يكونون 100 شخص أكثر أو أقل .. ليقوموا هؤلاء الأفراد بمهمة التقنين والتشريع للشعب من دون الله .. ومن دون الشعب .. وما على الشعب سوى طاعتهم فيما يُشرعون، ويحللون ويحرمون .. سواء أخطأوا أم أصابوا .. وبالتالي فالمشرع الحقيقي هم هؤلاء الأفراد وليس الشعب .. بل الشعب حقيقة وعملياً داخل في عبادة وطاعة هؤلاء المشرعين من الأفراد .. وبتعبير آخر .. فإن الشعوب قد فرت من العبودية للطاغوت الفرد .. لتقع في عبودية مجموعة أفراد من الطواغيت .. ففي كلا الحالتين والنظامين هو تكريس لعبودية العبيد للعبيد .. وعبادة المخلوق للمخلوق .. وهذا لا يليق بالإنسان الذي كرمه الله فأحسن تكريمه .. قال تعالى:[ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ]يوسف:39. وقال تعالى:[ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ]يوسف:40. ولا حول ولا قوة إلا بالله.  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق