الخميس، 26 ديسمبر 2013

مميزات خصائص الشريعة الإسلامية


مميزات  خصائص الشريعة الإسلامية .

أولا :الحفظ من التحريف :
فهي شريعة ربانية مصدرها هو الله سبحانه وتعالى وهي بريئة من أي تدخل بشري في أصولها ومبادئها الكلية وأحكامها الفرعية القطعية : (( تنزيل من حكيم حميد ))
والأديان السماوية السابقة على الإسلام وان كانت ربانية في أصلها إلا أنها قد أصابها التحريف والتبديل الذي حفظت منه هذه الشريعة ومن ثم فقد إنخرمت فيها هذه الخاصية .
فلا توجد في الإسلام مجامع ولا رجال دين يتدخلون في هذه الشريعة تبديلا أو تغييرا أو نقصا أو زيادة بل إن الرسول ذاته ليس له إلا البلاغ وليس مخولا بأن يأتي بشيء من عند نفسه : (( ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين )) والميدان الذي تركته الشريعة لاجتهاد العلماء - الذي يقدمون فيه آراء شخصية قابلة للخطأ والصواب والأخذ والرد -الكل أمامه سواء .
وبناء على هذه الخاصية برئت هذه الشريعة من الانحياز لجماعة على حساب جماعه أو فرد على حساب فرد أو جيل على حساب جيل فالناس كلهم أمامها سواء ذكرهم، وأنثاهم، قويهم، وضعيفهم،أولهم،وآخرهم.

ثانيا: الشمول :
فرسالة الإسلام تتميز بالشمول في الزمان والخطاب والموضوع :
الشمول في الزمان : ذلك أن رسالة الإسلام رسالة كل الأجيال منذ بعثة محمد صلى الله عليه وسلم وحتى قيام الساعة وهذا نابع من كونها خاتمة الرسالات.
حفظـت فبقيـت: وضمانة شمولها للزمان هي بقاؤها وحفظها فقد تكفل الله بحفظها بقوله : (( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون)) خلافا لنصوص الرسالات السابقة عليها حيث إستحفظ عليها أهلها فضاعت لما انحرفوا قال الله تعالى : (( إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم به النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء )) وأدني مقارنة بين نصوص هذه الرسالة والنصوص التي سبقتها تدل دلالة قاطعة على ذلك خذ أي مصحف من أية بقعة من الأرض شئت ومن أي تاريخ وأي طبعة وقارنه بغيره نجد الاتفاق التام ثم قارن ذلك بكثرة الأناجيل وتضاربها إلى درجة التناقض .
شمول الخطاب : فهي رسالة كل الشعوب والأمم مخاطب بها الإنسان من حيث هو : (( قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا )) (( إن هو إلا ذكر للعالمين ))
الشمول في الموضوع : فموضوع هذه الرسالة هو حياة الإنسان بكل جوانبها روحا وعقلا ومادة فقد تضمنت التشريعات ما يضمن سلامة البدن ونشاطه وصحته وحفظه من الأمراض .
إصلاح الفرد والجماعة : وكما اهتمت شريعة الإسلام بحياة الفرد في كل جوانبها، اهتمت كذلك بالجماعة ، فشرعت من النظم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ما يكفل ببناء مجتمع راق متحضر يعبد الله ويبني الحياة فرعت شأن الأسرة
وحفظت حقوق كل أطرافها بما يحقق انسجامها واستمرار رابطتها،واهتمت بتوثيق الروابط الاجتماعية: فحثت على صلة الأرحام وبر الوالدين والتآخي والتكافل الاجتماعي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعي له سائر الجسد بالحمى والسهر ) وأقامت حيا ة المجتمع السياسية على العدل والشورى وحفظ المصالح العامة، وتوثيق الصلة بين الحاكم والمحكوم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والمسئولة التضامنية لكل المسلمين عن قضايا مجتمعهم حفظا لكيانه وتحقيقا لمصالحه ودرءً للمفاسد والأخطار عنه .
وشرع نظاما اقتصاديا قائما على منع الظلم وتكافؤ الفرص وحماية الضعفاء، صغاراً ويتامى وفقراء ومساكين و أبناء سبيل (غرباء ) وحماية الملكية الفردية، ورعاية حقوق الأغنياء ، وهكذا في كل مجال من مجالات الحياة الإنسانية جاء بما يكفل العدل ويحقق المصالح وبحفظ النظام ويصون الحقوق ويحدد الوجبات.
من المهد إلى اللحد كذلك اهتمت شريعة الإسلام بكل أطوار حياة الإنسان ومراحلها فنجد فيها من التشريعات ما يصون حياة الجنين ويهيئ الجو المناسب لأمه : (( وان كن أولات حمل فأنفقوا عليهن)) ((ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق )) ثم نتابع الاهتمام به بعد مولده وفي صغره بتشريعات كالعقيقة عنه واختيار اسم حسن له وإرضاعه إيجابا لينشأ تام البنية قوي الشخصية .

ثالثا: الوسطية :
وهذه الخاصية تعني أن الإسلام في نظرته للأمور وعلاجه للمشكلات يقف موقفا وسطا لا إفراط فيه ولا تفريط .
وهذا شأن الإسلام في كل القضايا التي عادة ما تجنح فيها المذاهب وتتطرق إلى هذه الجهة أو تلك . أمثلة للوسيطة :
وسيطته في عقيدة التوحيد : ففي عقيدة التوحيد نجد الوسيطة الإسلامية بين المادية الإلحادية وبين الإيمان بتعدد الآلهة
وسيطته في النظرة إلى الرسل : والإسلام في نظرته إلى الرسل يقف موقفا وسطا بين الذين قدسوهم وعبدوهم من دون الله وبين الذين كذبوهم أو قتلوهم. فالرسل في نظر الإسلام هم صفوة الخلق وخيرتهم والأمناء فيما بلغوا عن الله ولكنهم بشر تسري عليهم كل خصائص البشر وأعراضهم : (( ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية )) (( وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا انهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق)) ((ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أ فإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ))
وسطيته في النظرة إلى الإنسان : وتتجلى وسطية الإسلام في نظرته إلى الإنسان حيث جمعت بين تكريم الإنسان واستخلافه في الكون وبين عبوديته لله فهي تحترم الإنسان وتعالى شأنه وتعلن تفضيله على سائر المخلوقات،وتؤكد دوره الإيجابي في الوجود، ولكنها لا تؤلهه ولا نجد تناقضا بين تكريمه وعبوديته لله سبحانه وتعالى والتي هي مصدر عزه وتحرره وعلو مكانته قال تعالى : (( ولقد كرمنا بني آدم وحملناه في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا))
وسيطته في النظرة إلى مسألة المعرفة : وفي نظرة الإسلام إلى المعرفة تتجلى الوسيطة التي تقيم المعرفة على دعامتين الوحي المقروء والكون المنظور ، والتي تجمع بين الوحي والعقل فهي تفهم الوحي بواسطة العقل وتضبط العقل بالوحي وتربط نتائج هذه المعرفة المزدوجة وتطبقها بروح الوجدان .
وسيطته في علاقة الفرد بالمجتمع : وفي نظرة الإسلام إلى العلاقة بين الفرد والمجتمع يقف وسطا بين إعطاء الفرد الحرية المطلقة وإن أضر بالجماعة وبين إهدار قيمته لحساب المجموع فالإسلام يحفظ حقوق الفرد ويصون حريته ويلزمه بممارسة تلك الحقوق والحريات ضمن إطار مصلحة الجماعة وهكذا يتوسط الإسلام في كل نظمه وتشريعاته بين طرفي الإفراط والتفريط بحيث لا يطغى عنصر على حساب عنصر وبحيث تتجمع كل العناصر النافعة من كل طرف من الأطراف لتؤلف كلاً جامعا يحقق الخير ويرتقي بالحياة قال تعالى : (( ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون ))

رابعا: الواقعية :
والواقعية الإسلامية تعني مراعاة الواقع الكوني من حيث هو حقيقة مشاهدة ، ووجود معان دالة على الخالق، كما تعني أيضا مراعاة واقع الحياة من حيث هي مرحلة حافلة بالخير والشر معا ومن حيث هي ممهدة لحياة أخرى هي دار القرار كما تعني مراعاة واقع الإنسان من حيث دوافعه .وطاقاته واستعداده ومن حيث الظروف الكونية والحياتية المحيطة به .
نماذج للواقعية الإسلامية :
في الاعتقاد : وذلك أن القضايا التي يدعو الإسلام إلى اعتقادها يدركها العقل ويقوم عليها بالبرهان وتشبع معا حاجات العقل والوجدان .
في العبادة : وتتجلى الواقعية في العبادات الإسلامية من حيث مراعاتها لظروف الإنسان وطاقاته ومشاغله، قال تعالى : (( علم أن سيكون منكم مرضى وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله فاقرءوا ما تيسر منه وأقيموا الصلاة وأتوا الزكاة )) كما روعيت فيها الطبيعة النفسية للإنسان وما يعتريه به من ملل فوزعت على الزمن فكان بعضها سنوي وبعضها مرة في العمر وبعضها شرع عدة مرات في اليوم كما كان بعضها بدني وبعضها مالي والبعض الآخر يجمع بين الأمرين .كما روعيت فيها ظروف المرض والسفر فشرع قصر الصلاة وفطر رمضان فيه .
في التحليل والتحريم : ومن مظاهر الواقعية في التحليل والتحريم أن الشريعة لم تحرم إلا ما فيه ضرر على الإنسان، وأحلت ما فيه له منفعة قال تعالى : (( يحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث )) كما قدرت الضرورات التي تعرض على الإنسان فرخصت له تناول المحرمات إذا أضطر إليها : (( وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه))
في العلاقات الأسرية : ومن مظاهر الواقعية في العلاقات الأسرية إباحة الطلاق إذا لم تفلح كل وسائل الإصلاح في تدارك هذه العلاقة مع ذم الطلاق وإقامة هذه العلاقة على أساس الدوام والتأبيد .
التدرج في تشريع الأحكام: ومن ملامح الواقعية في شريعة الإسلام التدرج في التشريع، فقد قررت في كثير من الأحكام وخاصة في المحرمات كالخمر والربا وذلك تهيئة للنفوس وضمانا للاستجابة لأحكامها .

خامساً: الوضوح والعقلانية :
ومن أمثلة ذلك البارزة :

1/ في الاعتقاد : فقضايا الاعتقاد الإسلامي كلها واضحة لا تعقيد فيها ولا غموض فالله سبحانه وتعالى واحد لا شريك له متصف بصفات الكمال ، منزه عن صفات النقص ، وهي عقيدة مستندة إلى البرهان : (( قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين )) وكذلك الجزاء الأخروي والنبوة كلها أمور لا غموض فيها ولا تعقيدات فهي تخاطب كل إنسان وبإمكان كل إنسان فهمها وتطبيقها والتعامل معها دون وساطة هيئات دينيه أو مراسم كهنوتية ولا تتطلب ذكاء خارقا أو جهدا فكريا غير عادي لفهمها وتطبيقها .
2/ في العبادات : فأركان الإسلام العملية معروفة لكل مسلم ، وهي بهيئاتها و أركانها وشروطها ومواقيتها ومقاصدها واضحة لكل مسلم مهما كانت درجة ثقافته .
3/ في التشريع : وكذلك الأمر في الشرائع فكل مسلم يعرف أصول المحرمات وأمهاتها في الميدان الأسرى وغيره من الميادين .

العقــلانية : أما العقلانية فتتجلى في كل أبواب رسالة الإسلام، ذلك أنها تقوم على البرهان وتحارب التقليد واتباع الأباء بغير علم، وتدعو إلى التأمل وتعتبره من أهم الفرائض وأعظم العبادات. ولا تحتوي في أمر من أمورها مهما كان فرعيا – على ما يناقض العقل أو يهدم الحس.
كما تعتبر العقل ذاته نعمة من نعم الله تستوجب الشكر، وتوجب الحفاظ عليه وتنميته بالعلم والفكر كما اعتبرته مناط التكليف وأساس المسؤولية، وأسقطت التكاليف عن فاقده،كما أعطت العقل مجالا فسيحا في تنظيم الحياة هو مجال ما لا نص فيه وهو واسع لا يحده إلا الأصول والضوابط العامة التي وضعتها الشريعة للاجتهاد حتى لا تخرج من منطقة العقل ولا قانونه .

سادسا : الجمع بين الثبات والتطور :
لئن كان كثيرا من المذاهب الفلسفية والاجتماعية قد تضارب طرحها في شأن إشكالية الثبات والتطور فإن الإسلام نظر إلى هذه المسألة من زواياها المختلفة فزاوج بين التطور والثبات في شأن الكون وفي حياة الإنسان، وكيف شريعته على هذا الأساس بما يلبي متطلبات الجانب المتطور من الحياة حتى تتسق مع متغيرات الكون والحياة .أما في جانب الثبات فقد جعل الغايات والأهداف العظمى من قيم دينية وخلقية واجتماعية واقتصادية قائمة على أصول وكليات ثابتة لا تتغير لأن أصل الكون وجوهره وأصل الإنسان وجوهره ثابتان لا يتغيران .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق