الثلاثاء، 24 ديسمبر 2013

الأسطورة وعلاقتها بالفلسفة اسطورة فسلفة

الأسطورة وعلاقتها بالفلسفة 
علاقة الاسطورة بالفلسفة 
الاسطورة كالفلسفة وليدة التطور الفكري وهما »الفلسفة والاسطورة «على اتصال دائم ومباشر بأحوال الإنتاج وبنى المجتمع وتغيراته وايضا الاسطورة والفلسفة والسحر والدين متداخلة جميعها لتشكل نمطا معينا من التفكير والذهنية .‏
ثم عرض تطور الاسطورة من عصر الصيد وهي المرحلة التي سبقت العصر الحجري حيث تبدو الصلة بين الاسطورة والفلسفة غامضة لأن عقيدة الانسان في تلك المرحلة انتسبت الى اهتمامه الرئيسي بموارد حياته وفي مقدمتها الحيوانات وفي العصر الحجري ظهرت صناعة التمائم التي يعتقد انها تجلب الرزق وتضمن استمرار الذرية الوفيرة والتميمة عوذه تعلق على الانسان لحمايته من المقادير والموت وفيها الشفاء والدواء , وظهرت الجزارة كصناعة سحرية اسطورية وفراء الحيوانات المذبوحة كرمز وشعار للزعامة والرئاسة وظهر اعتقاد بأن دقات الطبول تكسب البشر القوة الخارقة وتطرد الشرور هذه الاشكال الاحتفالية قابلها اعتقاد العرب بتعدد الأرواح للإنسان والحيوان ثم تبلور باعتقاد راسخ بانبعاث الأرواح بعد الموت وإمكانية تناسخها ولهذا حرمت طقوس الصيد وعندما استقر في وعي العرب في الجاهلية مفهوم القوة الخارقة , واجهوه بمفهوم معاكس هو التعوذ ولاتزال حتى الآن تعويذة الطفل من قوة العين أو مايسمى بالخطفة أو النضرة بخرزة زرقاء أو كف كما ان العربي كان يستعين برقبة الحيوان كي يهتدي الى الدار بعد ضلال .‏
المفهوم التعويذي قديم جدا عند العرب لأنهم كانوا ينسبون امراضهم والكثير من متاعب حياتهم الى الجن فكانت الاستعاذة بقوة غيبية خارقة وتطورت التعاويذ الى شكل الخرز أو الحجاب واضاف :‏
والأسطورة العربية كفلسفة وجودية أولية صورت علاقة العرب بعبادة الأشجار فالمصريون حتى الان لو رأوا شجرة ضخمة سموها الشيخة خضرة قبلوها وتباركوا بها ويقيمون الموالد لها ويطلقون عليها سيدي الأربعين والتحول الاسطوري الاهم عندما حلت الفدية الحيوانية محل الفدية البشرية وعرف العرب أيضا مايسمى التعويذة السحرية على اناء الفخار بعد حرقه وايضا الاعتقاد بأن الطاقة الكامنة في الانسان يجب ان تنتقل معه وهذا ماظهر في خميرة العروس وأسطورة غزل الخيوط التي اخذت منحى فلسفيا دينيا ومن شر النفاثات في العقد فأصبح ضربا من ضروب السحر ودخل حتى في تفسير الأحلام .
وأشار الدكتور فاضل الى ان الاسطورة العربية وليدة مجتمع قبلي وأسطورة العرب البائدة المعروفة بقبائل عاد وثمود وطسم وحديث وجرهم العماليق اخذت صيغة التعملق الجسدي أو التسدد والعثور.‏
عرف العرب ماسمي بالباقية مقابل الفانية أو الدنيا وتوقف على هرمية قوى الغيب وترابها في الاسطورة العربية الملائكة أولا كائنات من نور قادرة على التشكل بمختلف الصور وتراتبهم : حملة العرش , اسرافيل ,جبريل ,ميكائيل , عزرائيل , العاكفون في حضرة القدس , الكروبيون ,ملائكة السموات السبع , وهناك :
الجن نقيض الملائكة من مارج من ناروالاسطورة تقول ان الجن هم سكان الارض قبل البشر وكان العرب يتصورون ان الجن يملأ البوادي الجرداء وبطون الأودية والاسطورة العربية وقفت عند صراع الانس والجن فالملاك الموكل بالانسان يسمونه تابعه والجن المتصل بالإنسان يسمونه قرينه واشارت الاسطورة الى صراع الانس والجن حيث يروى ان الجن قتلت حرب بن امية ومرداس بن ابي عامر لأنهما احرقا شجرالقرية والانس يقتلون الجن كما فعل الشاعر تأبط شرا الذي حمل رأس الغول الى قومه.وهناك وحدة بين الانس والجن وهو ما أسموه حب الثقلين حيث الجني عشق الجارية القزارية , وحتى عصرنا الحاضر يقال ان الجن يسكن المناطق المنخفضة ويظهر لبعض البشر ويعتدي عليهم بالضرب فيصابون باللطشة او التواء العنق ,ثم تحدث الدكتور فاضل عن الصراعات الأرضية والشيطان وآدم كما ان في الاسطورة العربية تتساوى الجنة والنار من حيث التكوين ويختلفان من حيث الدور الوظيفي الاولى دار نعيم والثانية دار عذاب »عالم الله وعالم الشيطان «. ثم تحدث عن علاقة الكهانة بالاسطورة فقال :‏
الكهانة هي احدى ممارسات الفكر الاسطوري الأكثر براءة واستمرارا وهي تدعي استطلاع المستقبل أما العرافة فهي استطلاع الغيب بالاعتماد على استرجاع الماضي , وبعض رجال الدين يقومون حتى الآن في المعالجة بالرقى ويقدمون الماء بطاسة تسمى طاسة الرعبة ويعالجون بكتابة الكتب مثل الشقيقة والوتاب والمعضلات بالخط في الرمل ويدلون على أماكن بعض المسروقات وبالنفث في العقد ويثير المحبة أو البغضاء بين شخصين ومنهم من يعالج الجنون أو الأمراض البولية حصار البول والبحث عن اشخاص مفقودين ...‏
أما الاستخارة بالسبحة وهي من التقاليد الشعبية الراهنة في الكثير من المجتمعات العربية , عندما يقع بعض الاشكال على عمل فيه التباس أو مشروع سفر أو زواج والمسبحة اداة عبادة وتقرب من الغيب ولبعض رجال الدين طقوسهم الخاصة في حساب البرج والتوافق وحسن الطالع وسوئه ومنع النوم وجمع الاحباب وحتى فتح الابواب الموصدة بعشرات الأقفال .‏
وأشار الى ان التبصير هو آخر مظاهر الكهانة والعرافة وهو أحد عناصر ظاهرة استخارة الغيب ويمارس بأشكال عدة : منها الورق , فنجان القهوة , ضرب المندل , خط الرمل قراءة الكف .‏
الحقيقة انه لاتكاد تخلو مدينة أو قرية عربية من مركز لممارسة الطقوس الاسطورية وهذه المراكز امتدت لتأخذ دورها في تكوين الوعي الإنساني الجديد بحيث بتنا نرى هؤلاء يقتحمون بفكرهم وتعاليمهم الاسطورية المدارس العلمية والجامعات ولهم شأن في الاذاعات والتلفزيونات وفي كل الصحف ووصل الامر ان بعض الانظمة العربية استنجدت بهؤلاء الاسطوريين الذين يتصدون للوحش الغيبي بالتعاويذ والرقي والتهديد ...‏
وختم الدكتور فاضل حديثه قائلا :‏
ان المجتمع العربي لازال محكوما بفكر اسطوري ضارب الجذور , وان هذا المجتمع يعطي الاسطورة المعلنة أو المغلفة بشيء من العلم الحديث دورا أساسيا وان هذا الدور لايعود الى التخلف الاجتماعي والثقافي والعلمي أحيانا بل الى تعطل دور المثقفين العرب وسقوطهم المباشر وغير المباشر في الاسطورة والى ان الجماهير العربية تتخبط بين فكرين متناقضين أمام العجز السياسي ,فترتد الى معجزات الفكر الأسطوري محاولة بذلك النهوض .‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق