الطاعة
الواجبة لاولي الامر : لها شرطان: أن يكون ما أمروا به حقاً، صائباً موافقاً
للشرع المنزّل. ثانياً؛ أن يكون ما أمروا به، واجب الالتزام شرعاً.
قال تعالى:) فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ
كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (النحل:43. وإنما جاء الأمر بسؤالهم ومراجعتهم فيم يُشكل على الناس .. لأن
طاعتهم واجبة، وفق الشرطين الواردين أعلاه.
وقال تعالى:) وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ
وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ
الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ[[1]](النساء:83. وهذا الاستفتاء والرد شامل للجوانب الأمنية، والسياسية التي
تواجه الناس في مجتمعاتهم.
وقال تعالى:) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ
وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ (النساء:59. والأمر هنا يُفيد الوجوب، وفق شرطيه الآنفي الذكر أعلاه.
الطاعة المندوبة:
هي التي يُؤجر فاعلها، ولا يُؤثم تاركها، وصفتها: أن يكون ما أمروا به حقاً،
صائباً موافقاً للشرع المنزّل. ثانياً؛ أن يكون ما أمروا به لا يجب الالتزام به
شرعاً، وإنما الأمر فيه سعة؛
إن شئت التزمت ولك
أجر، وإن شئت تركت وليس عليك وزر.
الطاعة المحرمة:
وذلك عندما يكون أمر العالِم مخالفاً للشرع المنزل .. سواء كان أمره هذا ناتجاً عن
اجتهادٍ خاطئ، أم عن عمدٍ .. فحينئذٍ لا تجوز طاعته، ولا متابعته فيما يأمر به،
وينهى عنه، إذ لا طاعة لمخلوقٍ ـ أيَّاً كان هذا المخلوق ـ في معصية الخالق.
وفي الحديث فقد صح عن النبي r أنه قال:" السَّمعُ والطاعةُ
على المرء المسلم فيما أحبَّ وكرِهَ، ما لم يؤمَر بمعصية، فإذا أُمِرَ بمعصيةٍ فلا
سَمعَ ولا طاعة " متفق عليه.
وقال r:" لا طاعةَ في معصيةِ الله،
إنما الطاعةُ في المعروف " متفق عليه.
وقال r:" من أحدث في أمرنا هذا ما
ليس فيه فهو رد " متفق عليه.
أما طاعة العالم ومتابعته في كل ما يصدر
عنه من حق وباطل، من خطأ وصواب .. لكونه عالماً أو هو هو .. فحينئذٍ يكون قد اتّخذ
رباً من دون ـ أو مع ـ الله .. ووقعنا ـ والعياذ بالله ـ فيم قد وقعت به الأمم من
قبلنا، حيث:) اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ (التوبة:31. وذلك عندما اتبعوهم في الخطأ؛ فأحلوا لهم الحرام، فأحلوه
وتابعوهم على التحليل .. وحرموا عليهم الحلال، فحرموه، وتابعوهم على التحريم ..
فتلك كانت ربوبيتهم .. وتلك كانت عبادتهم من دون الله.
قال ابن تيمية في الفتاوى 7/67: في حديث
عدي بن حاتم، وكان قدم على النبي r وهو نصراني، فسمعه يقرأ هذه
الآية:[ اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ
.. ] قال: فقلنا له إنا لسنا نعبدهم. قال:" أليس يحرمون ما أحل الله
فتحرمونه، ويُحلون ما حرم الله فتحلونه؟!". قال: فقلت: بلى، قال:" فتلك
عبادتهم ".
وكذلك قال أبو البحتري: أما إنهم لم يصلوا
لهم، ولو أمروهم أن يعبدوهم من دون الله ما أطاعوهم، ولكن أمروهم؛ فجعلوا حلال
الله حرامه، وحرامه حلاله، فأطاعوهم، فكانت تلك الربوبية.
وقال الربيع بن أنس: قلت لأبي العالية، كيف
كانت تلك الربوبية في بني إسرائيل؟ قال: كانت الربوبية أنهم وجدوا في كتاب الله ما
أمروا به ونهوا عنه، فقالوا: لن نسبق أحبارنا بشيء؛ فما أمرونا به ائتمرنا، وما
نهونا عنه انتهينا لقولهم، فاستنصحوا الرجال، ونبذوا كتاب الله وراء ظهورهم.
فقد بين النبي r أن عبادتهم إياهم كانت في تحليل
الحرام، وتحريم الحلال، لا أنهم صلوا لهم وصاموا لهم، ودعوهم من دون الله ا- هـ.
وهذه الآية وإن كانت قد نزلت في اليهود
والنصارى .. إلا أنها تعني وتشمل كل من تخلق بأخلاقهم تلك، ممن ينتسب إلى أمة
الإسلام .. فليست لهم كل مرّة، ولنا كل حلوة!
قال ابن تيمية في الفتاوى 10/267: فمن جعل
غير الرسول تجب طاعته في كل ما يأمر به وينهى عنه، وإن خالف أمر الله ورسوله فقد
جعله نداً، وربما صنع به كما يصنع النصارى بالمسيح .. فهذا من الشرك الذي يدخل
أصحابه في قوله تعالى:) وَمِنَ
النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ
وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً لِّلّهِ ( البقرة:165. ا- هـ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق