ـ أولو
الأمر:
أولو
الأمر هم العلماء، والأمراء والحكام، قال تعالى:) يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي
الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ
وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ
وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً (النساء:59.
قال ابن كثير في التفسير: عن
ابن عباس [وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ]؛ يعني أهل الفقه والدين. وكذا قال مجاهد
وعطاء والحسن البصري، وأبو العالية [وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ]؛ يعني العلماء،
والظاهر ـ والله أعلم ـ أنها عامة في كل أولي الأمر من الأمراء والعلماء ا- هـ.
أولاً:
العلماء: العلماء هم ورثة الأنبياء في العلم
والدعوة إلى الله، يُبلغون عن الله تعالى ما ورد في كتابه الكريم، وعن نبيه r ما جاء في سنته الشريفة.
إليهم
يفزع الناس إذا ما نزلت بهم نازلة، أو أشكل عليهم حكماً من أحكام دينهم، ودنياهم
.. وهم أشرف النّاس بعد الأنبياء والرسل.
قال
تعالى:) وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ
دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (فصلت:33.
وقال تعالى:) إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ
عِبَادِهِ الْعُلَمَاء (فاطر:28.
وقال تعالى:) شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو
الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (آل عمران:18.[[1]].
وقال تعالى:) قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ
إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (الزمر:9.
وقال تعالى:) يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا
الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (المجادلة:11.[[2]].
وفي الحديث، فقد صح عن النبي r أنه قال:" إن العالِمَ
ليستغفرُ له مَن في السماواتِ ومَن في الأرض، حتى الحِيتان في الماءِ، وفضلُ
العالمِ على العابد كفضلِ القمرِ على سائرِ الكواكب، وإنَّ العلماءَ ورثةُ
الأنبياءِ، إنَّ الأنبياءَ لم يُورِّثوا ديناراً ولا دِرهماً، إنما ورَّثوا
العِلْمَ، فمَن أخذَهُ أخذَ بحظٍّ وافرٍ "[[3]].
[1]
تضمَّنت
الآية الكريمة أجل وأعظم شهادة من أجل وأعظم شاهد، على أجل وأعظم مشهود وهو
التوحيد .. وفي الآية دلالة على فضل العلماء حيث أن الله تعالى قرن شهادتهم ـ دون
غيرهم من الناس ـ بشهادته وشهادة ملائكته على التوحيد، وأنه لا مألوه ولا معبود
بحق إلا الله تعالى .. كما دلَّ مفهوم المخالفة أن من لا يشهد بهذه الشهادة .. أو
يشهد بما يُناقضها من الشرك .. أنه ليس من العلماء مهما اتسع صيته .. أو تزيَّ بزي
العلماء .. فقوله تعالى) وَأُولُو الْعِلْمِ ( عام وشامل لجميع أهل العلم في جميع
عصورهم وأزمانهم وإلى يوم القيامة، لا يخرج منهم عالم موحد معتبر.
[2]
قال
ابن جرير في التفسير: وقوله:) يَرْفَعِ اللّهُ الّذِينَ آمَنُوا
مِنْكُمْ وَالّذِينَ أُوتُوا العِلْم دَرَجاتٍ ( يرفع الله الذين أوتوا العلم من أهل الإيمان على المؤمنين الذين لم يؤتوا
العلم بفضل علمهم درجات، إذا عملوا بما أمروا به، قال قتادة: إن بالعلم لأهله
فضلاً، وإن له على أهله حقاً، وللحقّ عليك أيها العالم فضل، والله معطى كلَّ ذي
فضلٍ فضلَه ا- هـ.
[3] رواه أبو داود، والترمذي، وابن ماجه، وابن حبان، صحيح الترغيب:
70. وقوله r:" العلماء ورثةُ
الأنبياءِ "؛ أي ورثة الأنبياء في علمهم، وأخلاقهم، وإخلاصهم، وجهادهم،
وعبادتهم، وصدعهم بالحق، وصبرهم على أذى المخالفين .. فالإرث المورَّث
شامل لكل هذه المعاني الآنفة الذكر .. وعلى قدر ما يغترف العالم من هذا الإرث
النبوي الشريف ـ قولاً وعملاً ـ على قدر ما يستحق اسم ومكانة العالِم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق