ربانية الإسلام وشموليته
إن شريعتنا الإسلامية لها سمات عامة تجعلها صالحة لكل زمان ومكان .
صالحة لحل مشاكل الحياة العصيبة ، وتنظيم العلاقات
بين البشر على اختلاف ألسنتهم وألوانهم وبيئاتهم وعصورهم تنظيماً يوفر العدالة
بينهم ، وهذا ما نفتقر إليه اليوم في عصرنا الحاضر ،
يؤمن لهم مصالحهم على أحسن
وجه، مما يجعل الحياة سعيدة مادام الجميع محتكمين إليها .
وأهم هذه الخصائص :
أ – الربانية :
إخوة الإيمان بربكم هل توجد على وجه الأرض – اليوم –
شريعة يملك أصحابها هذه الميزة ؟
كلا ورب الكعبة لا توجد غير شريعتنا الإسلامية التي
أنزلت من عند خالقنا سبحانه وتعالى .. فهي شريعة إلهية ربانية .
والسؤال الذي قد يقفز إلى أذهان كثير من ضعاف الإيمان
واليقين والقليل الفهم على شريعة دين ربّ العالمين .
وماذا عن
الشرائع الأخرى ؟
والجواب: إن شرائع البشر صناعة إنسانية ،
كم يقول :
(( شيشرون الروماني)) ( القانون الوضعي من خلق الإنسان ) .
سبحان الله وهل جوز للبشر أن يضع شريعة يحتكم إليها
؟؟؟
كيف ذلك والله خالق البشر وتعهده بشريعة تحكمه وتنظمه
وعليه اعتبر الاحتكام إلى شرائع البشر ، دون شريعته سبحانه وتعالى شرك كبير وعظيم
قال تعالى : أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدّين
ما لم يأذن به الله [ الشورى :21] .
فإن لها في
نفسه شئنا عظيماً وهيبةً واحتراما كبير .
وقد تترك هذه القدسية الأثر الكبير في حياة المسلم
بحيث تجعله يحرص على تنفيذ أحكام الشريعة بصدق وأخلاق ويحذر كل الحذر من مخالفتها
ولو كان في ستر من أعين الناس لا يطلع عليه أحد ، لأنه يعلم أن الله العليم الخبير
يطلع عليه ويراه ، ولكن بياناً لذلك أن المسلم تقع منه فاحشة الزنا في لحظة ضعف،
فيأتي للحاكم ويعترف بجريمته وهو يعلم أن عقوبته الجلد أو الرجم هذا إن كان ثيبا ،
ولكن خشية الله ملأت قلبه فدفعته إلى تزكية نفسه بإقامة الحد [ أنظر قصة ماعز والمرأة الغامدية ] .
وبهذا نكون قد عرفنا خاصية الربانية فما هي الخاصية
الثانية ؟
ومن هنا نستطيع أن نعرف الأمران المتعلقان بخاصية
الربانية وهما: ربانية المصدر، وربانية الغاية.
-ربانية
المصدر : أي أن شريعة الإسلام مصدرها الوحي
، وهذا أمر جلي ، فشريعة الإسلام لم تأت
نتيجة إرادة فرد أو شعب ، وإنما جاءت بإرادة الله تعالى ، وهو الذي وضع أسسها
ومبادئها قال تعالى : تبارك الذي نزل على
عبده الفرقان على عبده ليكون للعالمين [ الفرقان :
1] .
وربانية المصدر أكسبت الشريعة
الإسلامية العصمة من التناقض والتطرف ، والبعد عن التحيز والهوى، وحررت الإنسان من
عبوديته لبشر مثله أو مخلوق شبهه .
-
ربانية الغاية : أي أن هدف شريعتنا الإسلامية هو
الحصول على مرضاة الله تعالى ، ففطرة الإنسان فراغ لا يملأه علم و لا ثقافة ولا
فلسفة ، وإنما يملأه الإيمان بالله
والتوجه إليه ، قال الله تعالى: قل إن صلاتي ونسكي
ومحياي ومماتي لله رب العالمين [ الأنعام :
162] .وربانية الغاية ولّدت في الإنسان احترامه للنظام وسهوله انقياده للأحكام ،
مما يشيع الطمأنينة في المجتمع وينشر العدل والمساواة .
ب – الشمولية:
لو أخذنا على سبيل المثال شريعة
نابليون التي صدرت قوانينها في أوائل القرن التاسع عشر الميلادي ، والتي سبح
بحمدها المشرعون ، ورجال القانون الذين زعموا أنها فوق مستوى النقد، وأنها شاملة
لكل نواحي الحياة . لوجدنا أن هذا القانون
لم يمض نصف قرن على وضعه وتحكيمه حتى تبين للعقول أنه قانون قاصر لا يسع الحياة
الإنسانية والاجتماعية لذلك غيره .
الشيوعية كان لها ملايين الأتباع ، في كل بلاد الدنيا ،
فانسحقت قبل سنوات ، ولعنت على ألسنة معتنقيها .
وهل يعقل كما يتبجح أعداء الإسلام
أن القصور موجود في دين الإسلام ؟؟؟
أعذ بالله العلي العظيم كبرت كلمة تخرج من
أفواههم [ الكهف
: ] ، إن الشريعة الإسلامية نزلت من عند
الله تسع حياة الإنسان من كل أطرافها ، وحياة المجتمع بكل أبعاده ، فهي شريعة
شاملة لكل مناحي الحياة فلقد عنيت بأمور الدنيا عنايتها بأمور الآخرة .
ومن هنا نحقق كون شريعتنا من عند
الله سبحانه وتعالى فيتضح هذا لنا من أنها قائمة على أساس العقيدة – أي أنها
الشريعة – ممتزجة بالعقيدة فيتحقق الجزء الأول من قولنا أن الإسلام عقيدة وشريعة .دين ودولة ومزايا
أخرى لا يسعنا المجال لذكرها .
ومن هذه القاعدة تصبح حياة الفرد المسلم وحدة مترابطة
منسجمة لا تعارض فيها ، فعقيدة المسلم تحكم باطنه وشريعة الإسلام تحكم ظاهره .
ولاشك من أن هذا المسلم سينعم بحياة مطمئنة مستقرة
مادامت تحكمه شريعة كان أساس مصدرها الوحي الإلهي ، فلما كان الأمر كذلك ترتبت
عليها هذه الخاصية وهي خاصية العصمة .
عصمة
شريعتنا الإسلامية : أي أن شريعتنا كاملة وخالية من كل النقائص اليوم أكملت لكم دينكم كيف لا تكون معصومة كاملة
وهي من عند الله الذي لا ينسى ولا يسهى ..
و كيف لا
تكون كاملة ومعصومة وقد تكفل الله بحفظها وحفظ دستورها فقال تعالى: إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له
حافظون [الحجر:9] وقال تعال : ألر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن
حكيم خبير [هود:1].
وهذه العصمة مستمرة باقية ما بقيت الأرض والسماء .
* قدّسية شريعتنا الإسلامية
: والسؤال الذي يفرض طرح نفسه وهو من أين اكتسبت
الشريعة الإسلامية هذه القديسة ؟.
والجواب: مادام الإنسان يعتقد أن
هذه الشريعة من عند إلهه ومعبوده .
فما هي الأدلة على سعة الشريعة
الإسلامية ؟.
والجواب:من الأدلة على سعة الشريعة وشمولها ،أنها بداية اعتنت
بإصلاح روح العبد وعقله ،وقوله وعمله بل وسلوكه كلّه
،وعنايتها بالفرد ثم الأسرة ثم المجتمع ثم ثم ..
وأنها وضعت نظاماًً اجتماعيا
وسياسيا واقتصاديا .أنها رسمت الأركان التي تقوم عليها الدولة الإسلامية وحددت
معاملها .ونظمت العلاقة الكاملة بين الراعي والمرعي الحاكم والمحكوم ، وعلاقة
الأمة الإسلامية بغيرها من الأمم في حالتي السلم والحرب .
وقد يسأل مجرم علمانياً ولما لا
ترقى الشرائع الوضعية لتحقيق ذلك ؟
وجوابه لا يمكن للشرائع الوضعية
–الأرضية – أن تطلع إلى هذا الأفق السامي فهي محكومة بعالم الدنيا ، الذي تستطيع
أن تصلحه .
وخلاصة كلامنا أن شريعة الإسلام
تصل الدنيا بالآخرة ، وترسم لأفرادها طريق السعادة الأبدية .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق