شرح نشوزهن
ص: 211 ] وسئل الشيخ رحمه الله عن قوله تعالى { واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن } وقوله تعالى { وإذا قيل انشزوا فانشزوا } إلى قوله تعالى { والله بما تعملون خبير } يبين لنا شيخنا هذا النشوز من ذاك ؟
| ||
[ ص: 211 ] وَسُئِلَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ قَوْله تَعَالَى { وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ } وقَوْله تَعَالَى { وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا } إلَى قَوْله تَعَالَى { وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } يُبَيِّنُ لَنَا شَيْخُنَا هَذَا النُّشُوزُ مِنْ ذَاكَ ؟
|
| ||
[ ص: 211 ] وسئل الشيخ رحمه الله عن قوله تعالى { واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن } وقوله تعالى { وإذا قيل انشزوا فانشزوا } إلى قوله تعالى { والله بما تعملون خبير } يبين لنا شيخنا هذا النشوز من ذاك ؟
|
الحاشية رقم: 1
|
فأجاب : الحمد لله رب العالمين " النشوز " في قوله تعالى { تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع } هو
أن تنشز عن زوجها فتنفر عنه بحيث لا تطيعه إذا دعاها للفراش أو تخرج من
منزله بغير إذنه ونحو ذلك مما فيه امتناع عما يجب عليها من طاعته .
وأما النشوز في قوله : { وإذا قيل انشزوا فانشزوا } فهو النهوض والقيام والارتفاع وأصل هذه المادة هو الارتفاع والغلظ ومنه النشز من الأرض وهو المكان المرتفع الغليظ ومنه قوله تعالى { وانظر إلى العظام كيف ننشزها } أي نرفع بعضها إلى بعض ومن قرأ ( ننشرها أراد نحييها فسمى المرأة العاصية ناشزا لما فيها من الغلظ والارتفاع عن طاعة زوجها وسمي النهوض نشوزا لأن القاعد يرتفع عن الأرض . والله أعلم . |
لكن قبل الضرب كمل الاية فيجب ان تعيضوهم وتنصحوهم
وتهجروهم في الفراش ثم ان لم يمعوا الكلام فالعضا لمن يعضا وان تكون عصا
ليس فيها اذاء
****************************** ****************************** **************************
إباحة الضرب للتأديب
وما ورد في القرآن والسنة عن ضرب الرجل زوجته عند النشوز لا يخرج عن صفة الإباحة.
قال تعالى: {وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ
فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ
أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ
عَلِيّاً كَبِيراً} (13).
ظاهرة متى تنتهي؟
|
قال الإمام القرطبي: (لم يأمر الله عز وجل في شيء من كتابه
بالضرب صراحا إلا هنا وفي الحدود والعظام، فساوى معصيتهن لأزواجهن بمعصية
الكبائر، وولى الأزواج ذلك دون الأئمة وجعله لهم دون القضاة بغير شهود ولا
بينات ائتمانا من الله تعالى للأزواج على النساء).
قال المهلب:" إنما جوز ضرب النساء ومن أجل امتناعهن على أزواجهن في المباضعة" (14).وقد
أخرج الإمام الترمذي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع حمد
الله وأثنى عليه وذكر ووعظ وكان مما قاله: "استوصوا بالنساء خيرا فإنما هنّ
عوان عندكم ـ أي أسرى بأيديكم ـ ليس تملكون منهن شيئا غير ذلك إلا أن
يأتين بفاحشة مبينة، فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضربا غير مبرح،
فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا" (15).
والفاحشة الواردة في الحديث إنما هي البذاء، لا الزنا كما فسرها العلماء وفي الحديث إباحة الضرب للتأديب، وهو مقيد على كل حاج بألا يكون مبرحا أي لا يظهر له أثر على البدن من جرح أو كسر(16).
وقد روى الإمام أحمد وأبو داود والنسائي، وصححه
ابن حبان، والحاكم من حديث إياسي بن عبد الله بن أبي ذباب أن النبي -صلى
الله عليه وسلم- قال: "لا تضربوا إماء الله"، فجاء عمر فقال: قد زئر النساء
على أزواجهن -أي نشزن أو عصين- فأذن لهم فضربوهن، فأطاف بآل رسول الله
-صلى الله عليه وسلم- نساء كثير. فقال: "لقد طاف بآل رسول الله -صلى الله
عليه وسلم- سبعون امرأة كلهن يشكين أزواجهن، ولا تجدون أولئك خياركم". وفي
رواية "لن يضرب خياركم".
وعقب الحافظ ابن حجر العسقلاني على هذا بقوله:
(وفي قوله: "لن يضرب خياركم" دلالة على أن ضربهن مباح في الجملة، ومحل ذلك
أن يضربها تأديبًا إذا رأى منها ما يكره فيما يجب عليها فيه طاعته، فإن
اكتفى بالتهديد كان أفضل، ومهما أمكن الوصول إلى الغرض بالإيهام لا يعدل
إلى الفعل، لما في وقوع ذلك من النفرة المضادة لحسن المعاشرة المطلوبة في
الزوجية إلا إذا كان في أمر يتعلق بمعصية الله) (17).
وقال الشافعي معقبا على الحديث السابق: (يحتمل أن
يكون النهي على الاختيار، والإذن فيه على الإباحة، ويحتمل أن يكون قبل
نزول الآية بضربهن ثم أذن بعد نزولها فيه)(18).
الضرب ليس وسيلة حتمية في علاج نشوز المرأة
ومع كل ما ورد في القرآن والسنة فإن الضرب
ليس وسيلة حتمية لعلاج نشوز المرأة، ولكنه وسيلة - إلى جوار وسائل أخرى
كثيرة - قد يضطر الرجل لإتيانها، وقد تكون ناجحة مع امرأة، وقد تأتي بنتائج
عكسية مع أخريات، فإن من النساء من تجرحها الكلمة ويؤذيها رفع الصوت فضلا
عن وقوع الضرب.
وإن كان الضرب
مباحا للتأديب بوصفه الوارد في السنة، فتركه أفضل، ولنا في رسول الله -صلى
الله عليه وسلم- الأسوة الحسنة، فقد روى مسلم بسنده عن عائشة -رضي الله
عنها- قال: "ما ضرب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيئا قط بيده، ولا
امرأة ولا خادما إلا أن يجاهد في سبيل الله).
قال النووي معقبا: (فيه أن ضرب الزوجة والخادم والدابة، وإن كان مباحًا للأدب فتركه أفضل)(19).
وروى البخاري بسنده عن عبد الله بن زمعة عن النبي
-صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد ثم يجامعها في
آخر اليوم" (20).
ذهب ابن حجر إلى جوانب ضرب النساء للتأديب ثم عقب
على الحديث بقوله: (وفي سياقه استبعاد وقوع الأمرين من العاقل، والمجامعة
أو المضاجعة إنما تستحسن مع ميل النفس والرغبة في العشرة، والمجلود غالبا
ينفر ممن جلده، فوقعت الإشارة إلى ذم ذلك وأنه -وإن كان لا بد منه- فليكن
التأديب بالضرب اليسير، بحيث لا يحصل منه النفور التام فلا يفرط في الضرب ولا يفرط في التأديب) (21).
وقد كره عطاء ضرب النساء وقال: (لا يضربها وإن
أمرها ونهاها فلم تطعه، ولكن يغضب عليها)، وعقب القاضي على قول عطاء بقوله:
(هذا من فقه عطاء، فإنه من فهمه بالشريعة ووقوفه على مظان الاجتهاد علم أن
الأمر بالضرب ها هنا أمر إباحة، ووقف على الكراهية من طريق أخرى في قول
النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث عبد الله بن زمعة ـ السابق ذكره ـ "إني
لأكره" للرجل أن يضرب أمته عند غضبه ولعله يضاجعها من يومه... فأباح وندب
إلى الترك، وإن الهجر لغاية الأدب) (22).
وما يخلص إليه هو أن الضرب ليس وسيلة حتمية الاستخدام في علاج نشوز المرأة، وأن خيار الرجال لا يضربون نساءهم، كما أن الضرب
ليس كل العلاج ولا أوله، وقد لا يستخدم مطلقًا، وأنه قد يصلح مع بعض
النساء كوسيلة لعلاج النشوز، وقد لا يصلح مع كثيرات، وإن كان لا بد من
استخدامه، فليكن للتأديب مع تجنب الضرب الذي يترك إيذاء بدنيا من كسر أو جرح.
وكذلك لا ينبغي أن يكون سمتًا عامًّا للرجل مع
زوجته داخل الحياة الأسرية وإلا انقلبت إلى جحيم، وإنما قد يقع نادرًا
ويحدث قليلاً؛ لأن الأمر لا يسلم من وقوع زلة من الرجل ساعة غضب، تخرجه عن
اعتداله، فتكون منه الهفوة التي تغتفر في بحر الحسنات. ومن زاد فضله على
فضله وهب نقصته لفضله.
وكذلك ينبغي على المرأة العاقلة ألا تلجئ زوجها
إلى استخدام هذه الوسيلة، بل تعينه على أن يتحاشى ما يؤدي إلى استخدامها من
شطط في القول أو الفعل .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق