حماية البيئة و حقوق الانسان
يجسّد مفهوم التنمية
المستدامة بانحيازه للعدالة, حقوق الإنسان في بيئة نظيفة لأنه يشكل معياراً تستطيع
من خلاله تحديد مدى التقارب ما بين سياسات التنمية والإنسان, يشير المفهوم إلى أن التجاوزات
على حقوق الإنسان والبيئة هي محصلة علاقة غير متوازنة بين التنمية والبيئة, فقد أشار
تقرير مستقبلنا المشترك في عام 1987 وتبنيه عالمياً في مؤتمر قمة الأرض في عام
1992 والتأكيد عليه من خلال المؤتمرات الدولية المتعاقبة، أعيدت صياغة نظرية التنمية
لتنتصر للإنسان الذي أهملته مسارات التنمية بدون حدود لعقود طويلة, فالدعوة إلى تلبية
حاجات الأجيال الحالية بدون الأضرار باحتياجات الأجيال القادمة تبرز وتدعم فكرة العدالة
مع الحفاظ على محدودية التنمية , ولا ننسى هنا أن عملية المصالحة هذه ما بين التنمية
والبيئة تواجه مصاعب جمة لما لها من ترابطات شائكة لكل المجالات المتعلقة بالبيئة من
اقتصاد، صحة، تجارة، اجتماع، تعليم . . .
يعود هذا إلى وجود
صعوبات تواجه عمليات دمج الإرادة السياسية مع الموارد الاقتصادية والفنية والمعرفة
بإدارة الموارد الطبيعية والبيئية والتغيرات في السلوك الاجتماعي لأبناء المجتمع المحلي
المعني بالأمر , فالاستجابة للاستحقاقات مفهوم التنمية المستدامة تتطلب إنشاء مؤسسات
سياسية لمناقشة الآثار السياسة التنموية مما يساعد على إعادة توزيع مكتسبات التنمية
بعدالة والتي أدى غيابها سابقاً إلى تدهور في قاعدة الموارد الطبيعية ومعاناة وفقر
على مستويات مختلفة , و تحقيق هذا الأمر حتى في دول الشمال ليس بالأمر الهين أو البسيط
كما يتصوره البعض نظراً لعدم وجود مؤسسات قادرة على الإيفاء بمستلزمات التنمية المستدامة
, تُرى كيف سيكون الحال في الدول النامية!
في ظل هذه المشاكل
المتراكمة التي جاءت كنتاج من المفهوم فإن الاقتراح بالانتقال من مرحلة سياسات التنمية
غير المستدامة باتجاه تنمية مستدامة يشكل خطوة إيجابية , وما يهم العالم في هذا السياق بحث حقوق الإنسان في بيئة نظيفة هو قدرة
خطاب مبادرات التنمية المستدامة على معالجة العلاقات المتبادلة ما بين المجتمعات الإنسانية
وسياسات حماية البيئة , وهو ما نجده في الأجندة العالمية 21 والتي تؤكد على مفهوم التنمية
المستدامة كخطاب عالمي لتقييم القضايا البيئية أو بمصطلح علمي هي عملية توجيه للسياسات
البيئية وذلك من خلال تحديد الهدف الذي ينبغي تحقيقه. إن الهدف من التنمية المستدامة
يعتبر محورياً, فكما أشارت وأكدت أدبيات حقوق الإنسان والبيئة إلى حصول تطورات إيجابية
في هذا المجال.
ثالثا: انتهاكات
حقوق الإنسان البيئية:
كان من أهم مخرجات
تداخل السياسة وقضايا البيئة خلال العقود الماضية أنه جرى التوثيق لعدد كبير من حالات
انتهاك حقوق الإنسان البيئية في دول مختلفة من العالم , وهذا ما أكدته كل المؤتمرات
والإعلانات العالمية بوجود علاقة واضحة بين انتهاك حقوق الإنسان والتدهور البيئي لتدعم
موقف منظمة العفو الدولية التي اعتمدت حملات كتابة الرسائل لصالح سجناء الرأي مع منظري
حقوق الإنسان البيئية الذين يتبنون الفلسفة القائمة على وجود أعداد كبيرة من السكان
مهددون بتدهور قاعدة الموارد الطبيعية وتلوث المياه أكثر ممن هم مهددون بالتعذيب. هذا
التوجه يتفق مع دراسة أعدّها مرصد حماية حقوق الإنسان وهيئة الدفاع عن الموارد الطبيعية
في واشنطن في عام 1996, تشير الدراسة بوضوح إلى أن حالات انتهاك حقوق الإنسان مرتبطة
بالتدهور والتلوث البيئي على المستويين الوطني أو المحلي , هنا يتبادر إلى الذهن سؤال:
هذا الحراك السياسي البيئي إلى أين؟
رابعا: مؤسسة حقوق
الإنسان البيئية:
لقد جاءت فكرة حقوق
الإنسان في بيئة نظيفة كرد على مظاهر الظلم البيئي وغياب العدالة البيئية وأساليب التنمية غير المستدامة . إنّ مأسسة حقوق الإنسان البيئية
لا يمكن أن تتم إلا من خلال تبني أهداف التنمية المستدامة ممثلة بالمساواة بين الأجيال
الحاضرة و أجيال المستقبل . إن عملية مشاركة الجمهور ومؤسسات المجتمع المدني في صناعة
القرار التنموي من خلال عملية تقييم الأثر البيئي أحد أهم الآليات باتجاه مأسسة حقوق
الإنسان البيئية ليمكن المجتمعات من حماية حقوقها البيئية من خلال إتاحة المعلومات
البيئية حول حجم ومدى الضرر البيئي للمشاريع التنموية وتبني مبدأ من يلوث يدفع للحفاظ
على حقوق الإنسان وطبيعة بيئته ومواردها من الإنضباب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق