خصائص الحرية في الإسلام: للحرية في الإسلام جملة من
الخصائص، تمتاز بها عن غيرها من الحريات كما هي في الديمقراطيات، وغيرها من
المذاهب الوضعية.
منها:
أنها ربانية المصدر؛ فالذي يشرع الحرية، ويحدد المسموح منها من الممنوع .. هو خالق
الخلق I، الذي له الأسماء الحسنى، والصفات العليا .. فالحرية هبة الله
لعباده .. لا منّة فيها لمخلوق على مخلوق .. وبالتالي فإن اعتدي عليها من قبل
مخلوق .. أو طاغية من الطغاة .. تُنتزع منه انتزاعاً .. ولا تُستجدى منه استجداءً،
وكأنها منة منه يمن بها على العباد!
ومنها:
أن الحرية في الإسلام تتسم بالثبات والاستقرار .. من دون أن تتعرض لأدنى تغيير؛
زيادة أو نقصاناً .. لأنها صادرة عن العالم الخبير الذي يعلم السر وأخفى .. وما
ينفع وما يضر الإنسان اليوم وغداً، وإلى يوم القيامة .. وبالتالي فكل إنسانٍ يُدرك
ما له وما عليه .. والمساحة التي يمكن أن يتحرك فيها كحق وهبة وهبه الله إياها ..
فما هو حلال ومباح اليوم؛ حلال ومباح غداً، وإلى يوم القيامة.
ومنها: أن الحرية في الإسلام .. تكون في دائرة المباحات والمسموحات
التي أذن الله بها ـ لا أحد غيره ـ وأذن لعبده استباحتها والتنعم بها .. والتحرك
فيها وضمن دائرتها .. إذ لا سلطان لمخلوق ـ أياً كانت صفته ـ في أن يُنقص شيئاً
منها، أو يزيد.
ومنها: كذلك تحديد
الشر أو الخبيث والضرر الذي لا حرية في اقترافه، أو الاقتراب منه، مرده إلى الله
تعالى وحده .. وليس إلى أحد سواه .. فما حكم الله تعالى عليه بأنه شر، فهو الشر،
الذي يجب اعتزاله .. ولو اجتمع الإنس والجن على إباحته أو تحسينه .. وما حكم عليه
بأنه خير ومباح، فهو الخير والمباح الذي يجب العمل به .. ولو اجتمع الإنس والجن
على حظره ومنعه، أو تقبيحه.
ومنها: أن
الحرية في الإسلام لا تحل إلا الجميل والطيب، والحبيب للنفوس السوية .. ولا تحرم
إلا الخبائث، والضرر .. كما قال تعالى:) وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ
عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ (الأعراف:157.
وفي الحديث:" إن الله جميل، يحب الجمال
" مسلم. وهذا من مقتضاه أن لا يبيح الله تعالى إلا الجميل والطيب، الذي ليس
بعده إلا الخبيث والضرر، والقبيح.
ومنها: أن
الحرية في الإسلام هي أصل، وهي المساحة الأوسع في حياة وحركة الإنسان .. والمحظور
استثناء، والمساحة الأضيق في حياة الإنسان وحركته؛ فالمرأ له أن يمارس كل شيء،
ويتمتع بكل شيء في هذه الحياة .. لأن الأصل في الأشياء الإباحة .. ما لم يرد نص
يفيد الحظر والمنع لشيء من الأشياء، أو فعل أو قول .. فحينئذٍ يتعين الإمساك عن
هذا الشيء.
ومنها: أن
الحرية في الإسلام .. تكفي طموح الإنسان .. وتحقق له رغباته وكمال حريته ..
وكرامته، وعزته .. فهو لا يشعر ـ مع الحرية التي شرعها له الإسلام ويتمتع بها ـ
أنه يحتاج إلى مزيد من الحرية .. فإن طالب بالمزيد من الحرية عما قد شرعه الله
وأذن به .. فحينئذٍ يُطالب بحرية الشذوذ، والضرر، والمرض، والشر .. وهذا بالنقل
والعقل مرفوض، ومردود.
ومنها: أن
الحرية في الإسلام .. تعني الانطلاق والتحرر من مطلق العبودية للعبيد ـ سواء جاءت
هذه العبودية من جهة الديمقراطيات أم من جهة الديكتاتوريات ـ لتقرر أن المعبود
بحق، هو الله تعالى وحده لا شريك له.
فعبودية المخلوق للمخلوق .. شرك .. وذل .. وظلم
.. وامتهان لكرامة الإنسان .. بينما عبودية العبد لخالقه I حق .. وعز .. وكرامة .. وشرف .. ونعمة .. للإنسان!
ومنها: أن
الحرية في الإسلام .. تتسع لتحرر الإنسان من جميع عناصر الإكراه والضغط والتأثيرات
.. النفسية والخارجية .. التي تؤثر سلباً على اختياره وحريته وتفكيره وقراره ..
عساه بعد ذلك أن يحسن الاختيار .. ويكون مسؤولاً عن اختياره في الدنيا
والآخرة.
قال تعالى:) وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ
اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ
نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَاداً وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا
رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا
هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (سبأ:33.
وقال تعالى:) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا
لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ (فصلت:26.
Thank you for the informatoin
ردحذفلم أكتفي بهذه المعلومات
ردحذفاذا ممكن مصادر المعلومات
ردحذف