مقدمة
ان الولادة في جميع معانيها لاتعني البداية من الصفر بل
هي سيرورة ينخرط فيها الإنسان بدون وعي منه , حتى ما نعتقده بداية أو أصلا
لبداية هو أيضا يسعى الى أن يثبت أنه هو
الأصل الوحيد لجميع البدايات لذلك فمن الضروري أن نعيش البداية الغريبة المعالم
كإنطلاق وليس كنوستالجيا أوكمقدس , وكما قال الببير كامى في كتابه "كائن
لاتحتمل خفته " وهذا نقلا عن نيتشه :"لوقدر للثورة الفرنسية أن تعود
مرات عديدة لكان الفرنساويون أقل فخرا "بروبس بيير" " . فالعودة الدائمة للوراء ليست محمودة بل ينبغي
أن نطور التراث بدل البكاء على الأطلال .
فالمسرح لا يستثنى من هذه القاعدة ازاء ما يعرف بالتراث
, فالسؤال المطروح الأن "هل العودة الى الماضي هو ضرورة للحاضر والمستقبل ؟
أو بمعنى أخر هل من الممكن أن نتحدث عن مسرح "عربي" يحمل الأصالة في
طياته أم ينبغي أن نقرنه بالتجارب السابقة الغربية؟ وسوف نأخد المسرح المغربي
كنمودج .
I.
أليات التعامل مع التراث
· لقد عرفت مرحلة السبعينات بالمغرب ظهور محاولات تنظيرية تمثلت في
:
- الاحتفالية " عبد الكريم برشيد"
- المسرح الثالث {المسرح الفقير} "المسكيني الصغير"
- مسرح المرحلة " حسين حوري "
- الاحتفالية " عبد الكريم برشيد"
- المسرح الثالث {المسرح الفقير} "المسكيني الصغير"
- مسرح المرحلة " حسين حوري "
-مسرح النفي والشهادة"محمد مسكين "
جل هذه المحاولات التنظيرية استمدت مقوماتها من التراث ,
التراث لدى اتجاه المسرح الثالث هو مرادف للتاريخ ، انه " ذاكرة الحدث
الدرامي "[1]
فهؤلاء الرواد لا أحد منهم ينكردور التراث في عمله لكن الجانب يجب أن يناقش هنا هو
مامدى اخدهم عن التراث هل احتفظوا به كلية أم قاموا بتعديلات عليه ؟
المسكيني ينظر الى التراث نظرة إنفتاح وثورة في نفس
الوقت فما يهمه بدرجة كبيرة هوما مدى استجابته لمتطلبات الجمهور, مؤكدا
العملية التفاعلية بين العرض والتلقي حيث لايحصر مسرحه في ثراتي محدد بل يجعل التراث
الإنساني عامة " عربي\اسلامي افريقي \عالمي" .
وأيضا يأكد محمد مسكين في
أعماله على أن جل الأعمال العربية مند مارون النقاش هى أعمال نكوصية:" الخطاب
المسرحي التنظيري ، خاصة مند مارون النقاش حتى الآن هو خطاب دفاعي / نكوصي يبحث عن
مبررات وجوده في الماضي / الذاكرة /التراث " [2]. فهذا الطرح النقدي للثرات لايعطينا
الحق أن نفهم محمد مسكين على أنه يرسم قطيعة مع التراث بل يرى بأن الإرتكان الى التراث
وحده لن يضفي قيمة على الأعمال المسرحية فعلينا أن ننفي شيئا ونشهد جميعا لحظة
الولادة في اطار منفتح على جميع التجارب
كيفما كانت . وأن نجعل التاريخ وحده هو المفصل الوحيد والمنطلق الوحيد لجميع
التجارب : " إن تجربة المسرح النقدي وهي تبني مقولاتها الخاصة وسط هدا المد
التنظيري كانت ترى التراث من خلال تجاوره مع التاريخ عنصرا يضفي على العمل المسرحي
طاقة حركية تثير اهتمام
المتلقي ، مادامت الأساطير تخول التأويل الحي "[3].
ويبقى السؤال المطروح الأن كيف سوف نتعامل مع التاريخ ؟
وهل جميع المواد التاريخية صالحة لأن تكون أعمالا مسرحية؟ بطبيعة الحال ليست جميع
المعطيات التاريخية صالحة لأن تكون أعمالا مسرحية قد لايكوى المشكل كيفية اعداد
هذا التاريخ ليصير دا شكل مسرحي بل قد تكون اديولوجية المادة التي نشتغل عليها
لاتتناسب مع معتقدانتا أو قد تكون هذه المواد قد استنفدت صلاحيتها لأن تعود الى
حاضرنا وهدا جواب على السؤال الذي طرحناه في المقدمة . فهذا ما أرق جميع الباحتين
في التراث . حيث لعب النقد دورا هاما في
التعامل مع التراث وهذا ما أشار إليه محمد مسكين فيما يخص التراث حيث يجب التعامل
معه من : " منظور نقدي وكتجربة إنسانية تختزن عددا لا متناهيا من الدلالات
الحضارية والإنسانية" [4]
.
كما أن الحسين حوري لم ينأى عن هذه القاعدة حيث فتح
مسألة التراث بين قوسين وأشار الى نقطتين مهمتين هما هل التراث ينحصر في الكتابة
الدرامية أم أنه يتجاوزه الى التأتير في أليات الإشتغال .
من المستبعد حقيقة أن نفصل المسرح عن التراث الإنساني .
وهنا سنجيب على سؤال التأصيل ولو بشكل مختصر هو ما قد أشرت اليه هوأن الإنسان داخل
سيرورة معقدة من الصعب أن يدرك البدايات ,هدا لايعني أنه قادر على أن يخلق بداية
بل بقدر ما يعني أنه ملزم أن يجد نفسه داخل هطه السيرورة وكذا المسرح فعندما
يتعامل مع ثرات بداته لايعني أنه ينفصل عن ثراثات متعددة , اذا فمسألة التأصيل هي
صعبة "وليست مستحيلة" فالمسرح متجدر داخل التاريخ بشكل كتيف.
قد يتساءل أحدهم لماذا هو صعب القبض على البداية مادام
جميع الباحتين قد أجمعوا على أن المسرح يوناني النشأة هنا يجيب الدكتور عبد الكريم
برشيد في كتابه الكائن والمتحول :" لقد خدعونا عندما قالوا أن المسرح يوناني
النشأة بل المسرح معنا فينا أينما حللنا وارتحلنا"
II.
تجليات التراث في الأعمال العربية
" طرح الباحث
سالم اكويندي فصلا من كتابه " سلطة المسرح " عنوانا مستفزا : " هل
انتهى مسرح التراث بالمغرب ؟ ليعيد جانب من المطارحات الهامة بالفكر العربي ، يؤكد
الباحث أن المفهوم الذي يعتمده للتراث هو المفهوم الذي يقدمه المفكر المغربي محمد
عابد الجابري " حيث لا يصبح التراث إنتاجا تاريخيا وحسب ، بل إنتاج صنعه
التاريخ والمجتمع وهو أيضا عطاء ذاتي إنساني لشخصيات ... الشيء الذي يجعلنا أمام
تراثات وليس تراث بالمفرد " وهنا ينتقل الباحث إلى تحديد مفاهيمي أبعد حيث
يعتبر مفهوم المتخيل أكثر شمولية لديه من التراث بما هو سيكولوجيا الإبداع ، لكن
مرجع الأصول فيه مغربي عربي أما زيغي أفريقي . وادا كان سؤال التراث يدخل في خط
اهتمام الفكر العربي فهو أيضا عقبة بفعل هذه المطارحات النظرية تعترضها بعض
المعوقات العملية "[5].
بعد أن بينا بأن الرواد قد اعتبروا التراث له أهمية كبيرة في مسرحنا
وأننا ينبغي علينا أن نتعامل معه بشكل نقدي مادمنا سنتعامل مع التراث
كاستمرار يمكننا أن نرى تجليات هدا
ألإستمرار في بعض الأعمال العالمية مثل "الدون جوان" لموليير والتي
ثمثلت في التراث العربي تحث تيمة العدل المستحيل لمسرحية "الزير سالم"
عام 1967، فالزير لا يقر بغير استعادة أخيه حيا مطلبا صحيحا، فهو يقول: "أريد
كُليبا حيا"! أي أنه يريد القتيل حيا، وقد جعله يفلسف هذا المطلب العجيب، بأن
التحقيق اكتشاف منطق سلوك الشخصية من أجل تحقيق العدالة، ذلك هو القانون الصحيح،
في رأيه، فكُليب قد مات غيلة وغدرا، وهو في سبيل تحقيق مطلبه، يضرب بسيفه في
المستحيل، وحين يشق سيفه الممكن، يرفض قائلا: "العدل الكامل هو ما أريد"،
وهو يفلسف مطلبه قائلا: "أعدل أن أبيع ملك كريم بدم قاتل الملك الكريم".
وهو في سبيل تحقيق هذا المطلب العادل، يطلب أن يرتد الزمن، فكلما أغرق في الدم
أوغل أيضا في استحالة تحقيق مطلبه. "وما يصنعه البشر يتدفق دائما، في وجهه
وحده، وما أعظم الظلم الواقع من جراء ذلك".[6]
ان المنطلق الإنساني لهذه المسرحية تكفي لأن تعتبر كموروث انساني
لأنها لم تتقوقع داخل قومية محددة.
فختاما لايجب على ممارسين
المسرح أن يتعاملوا مع التراث كمفارقة تامة ولاكمحايثة تامة بل أن يوظفوا التراث
خدمة للإنسان بشكل عام .
مراجع
عبدالمجيد شكير "
المسرح المغربي قراءة في أوراق التنظير"
مجلة الثقافة المغربية :
يونس الوليدي "استلهام التراث في المسرح الهاوي المغربي"
التراث في الخطاب
المسرحي في المغرب عبد الحق ميفراني موقع مسرحيون
[3]
-
نفس المرجع ، ص 30 -
- مجلة الثقافة المغربية : يونس الوليدي
"استلهام التراث في المسرح الهاوي المغربي"ص150/عدد 8 ماي 1999-وزارة
الثقافة المغربية ص 134
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق