أرزمس :
يعتبر
ديدية إرزمس Didie Erasmes أكبر داعية للنهضة خارج شبه الجزيرة الإيطالية , وهو عالم هولندي
ولد في روتردام , طبقت شهرته دول أوربا حتى ان فرنسا وانجلترا وألمانيا كانت تدعيه
لنفسها استناداً إلى انه أقام بكل منها زمناً يحاضر في اللغتين الإغريقية
واللاتينية , وتجمع حوله علماء تلك البلاد وصفوة المثقفين فيها . وقد شغف بالبحث
عن الكتب القديمة وجمعها والتعليق عليها ونشرها للإفادة منها , وقد وضع عدة مؤلفات
باللغة اللاتينية .
كان إرزمس
يرى أن الدراسات الإنسانية وسيلة لغاية , هي إصلاح المجتمع الأوربي وتخليصه من
الشرور والآثام والفضائح الخلقية التي كانت ترتكب جهاراً , وكذلك من الجهالة
المتفشية فيه . وبعبارة أخرى كان يرى ان الدراسات الإنسانية يجب أن تهدف أولاً
وقبل كل شيء إلى علاج الأمراض الاجتماعية والمساوئ الخلقية وكانت الناحية الدينية
بارزة في إرزمس , فدراسة الإنجيل هي الدراسة المفضلة لديه . وقد نشر النسخة
الإغريقية الأصلية للإنجيل وأرفقها بترجمة لاتينية سليمة وتعليقات جديدة مبسطة ,
وكان يريد أن يعود الناس في أوربا على المسيحية الأولى في بساطتها ونقائها . ولكنه
كان يخشى أن يؤدي إحياء الدراسات الإغريقية إلى بعث الوثنية والفساد التي يحيونها
, وضعف مستواهم العلمي , والاهتمام بظواهر الدين دون لبه , واعتقاد الناس في الخرافات
الدينية . فكان إرزمس في طليعة الرواد الذين دعوا على الإصلاح الديني , ولكن لم
تتجاوز رغبته في إنهاض الكنيسة الثورة عليها أو الخروج على روما , وقد ظهر قبيل
مارتن لوتر بفترة وجيزة.
ويختلف
إرزمس عن الإنسانين الإيطاليين في أنه لم تظهر في كتاباته أية نزعة وثنية , بل كان
مسيحياً متديناً مستنيراً معتدلاً , اتسمت كتاباته بالطابع الأوربي العام والبعد
عن العنف . واستبدت به رغبة قوية في نشر الدراسات الإنسانية وتثقفت الناس بها حتى
عقدت له الزعامة الثقافية في أوربا , وكان يرى أن التعليم أرقى مهنة . وقد توفى في
مدينة بال بسويسرا حيث كان يستعد لطبع مؤلفاته . وقد أطلق عليه بعض المؤرخين :
فولتر اللاتيني Le Voltare Latin .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق