نهاية النهضة في شبه الجزيرة الإيطالية :
على هذا
النحو أصبحت المدن المتناثرة في شبه الجزيرة الإيطالية مهاداً للنهضة الأوربية
ومراكز للإشعاع الفكري والثقافي , وسارت النهضة تشق طريقها قدماً في ربوعها , ولما
اكتمل نموها ونضجها تعرضت لعاملين تضافرا في القضاء عليها في نهاية الأمر .
والواقع أن نور النهضة أخذ يخبو وشيكا منذ أواخر القرن الخامس عشر حين بدأ ما يعرف
في تاريخ أوربا الحديث باسم ( الحروب الإيطالية ) التي كانت مظهراً من مظاهر
التنافس الدولي بين فرنسا وأسبانيا . وكانت شبه الجزيرة الإيطالية هي ميدان هذه
الحروب في معظم أدوارها , واستمرت ما يقرب من خمس وستين سنة , وكان استيلاء قوات
الدولة الرومانية المقدسة على روما إيذاناً بانهيار النهضة الإيطالية وانطفاء
شعلتها ونهاية عصرها.
أما
العامل الآخر فكان الحركة الدينية الثورية التي تزعمها مارتن لوثر في ألمانيا ,
وكان من أهدافها التحرر من السيطرة المحكمة التي كانت تمارسها الكنيسة الكاثوليكية
في روما على أفراد العالم المسيحي الكاثوليكي . وقد نقم البابوات بطبيعة الحال على
هذه الحركة واعتبروها نتيجة من نتائج حركة إحياء العلوم والآداب والفنون القديمة ,
ومن ثم نشطوا في محاربة الحركة الإنسانية محاربة لا هوادة فيها , واستعانوا في هذا
الصدد ببعض ملوك أسبانيا الكاثوليك المسرفين في تعصبهم للمذهب الكاثوليكي .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق