نيكولا مكيافيلى: مكيافيل
ولد
نيقولا ميكافيلي Nicolss Mackiavel في فلورنسا من
اسرة متوسطة الثراء . ولا يكاد الباحثون يعرفون شيئاً ذا غناء عن نشأته الأولى ,
غير أن القسط الذي حصل عليه ميكافيلي من التعليم قد أهله ليتدرج في الوظائف
الحكومية في فلورنسا حتى وقع عليه اختيار مجلس الثمانين ليكون أميناً لمجلس
العدلية , وهو منصب خطير , لأن هذا المجلس – وقوامه عشرة أعضاء فقط – كان يخطط
للسياسة
الخارجية التي تسير عليها فلورنسا . وقد أوفد المجلس مكيافيلي في بعثات
سياسية متلاحقة كان بعضها إلى خارج إيطاليا , والبعض الآخر إلى الإمارات المختلفة
في شبه الجزيرة الإيطالية لتنفيذ السياسة : خير الكثير من خفايا السياسة الدولية ,
ولمس عن كتب أخلاق رجال السياسة , وأضاف إلى حصيلته العلمية مزيداً من المعلومات
والآراء السياسية . وقد اعترف مكيافيلي في رسائله أن المناصب السياسية تتواءم مع
ملكاته لأنه لا يفقه كثيراً ولا قليلاً في شئون الاقتصاد , وليس له ميل فطري
للفنون .
وكان من بين الآراء التي خرج بها من
تجاربه أن اعتماد دولة ما على دولة أجنبية في الدفاع عن أراضيها يعتبر نكبة تؤدي
إلى ضياع الدولة الأولى . ولذلك رأى أن سلامة فلورنسا تتطلب إنشاء جيش وطني قوي
بدلاً من الاعتماد على الجنود المرتزقة , وكان أمراً مألوفاً في تلك العصور
استخدام الجنود المرتزقة في الدفاع عن المدن الإيطالية وفي تكوين الجيوش الأوربية
عامة . وقد بذل مكيافيلي جهداً مضيئاً في إنشاء جيش قوي لفلورنسا دل صدق وطنيته
ورغبته في حماية مدينته.
وحدث أن أراد البابا جيل الثاني إجلاء الفرنسيين
عن إيطاليا , وكان على فلورنسا أن تختار بين صداقة البابا الطموح وبين صداقة
حليفتها فرنسا . واختارت فلورنسا لإبلاغه استمساك فلورنسا بتحالفها مع فرنسا ,
واشتعلت الحرب بين فرنسا وبين البابا جيل الثاني واستطاع إجلاء الفرنسيين عن
إيطاليا , ولكنه استبدل النفوذ الإسباني بالنفود الفرنسي , وكان من نتائج هذه
الأحداث أن أسقطت الجمهورية الفلورنسية وعادت أسرة مدتشي إلى الحكم وطرد مكيافيلي
من منصبه , وأصبحت فلورنسا خاضعة خضوعاً تاماً للأسرة ممثلة في الكاردينال جيوفاني
مدتشي . ومع ذلك فقد عرض مكيافيلي خدماته على أسرة مدتشي أملا في استرداد وظيفة .
ولعله كان يعتقد أن رجلا مثله لا يمكن أن تستغني عنه الحكومة الجديدة , وأن خبراته
السابقة تجعل وجوده في منصبه أمراً لا غناء عنه ولكنه سرعان ما أفاق على الحقيقة
المؤلمة , فلم تقتنع الحكومة الجديدة بعزله , بل أمرت بنفيه مدة عام على أن يبقى
في حدود دولة فلورنسا , ولما لم تسفر مساعيه في العودة إلى منصبه عن النتيجة التي
كان يبتغيها رأى أن ينتقل بمواهبه وخبراته من ميدان السياسة إلى عالم التأليف .
وفي منفاه في سان كاشيانا
شرع يؤلف كتاب ( الأمير ) وقدمه لأسرة مدتشي , ثم وضع كتاباً
ثانياً بعنوان
( مطارحات ) , وأتبعه بكتاب ثالث ( تاريخ فلورنسا ) ثم
بكتاب رابع ( فن الحرب)
تلك أبرز ملامح أوروبا في عصر النهضة لتبدأ حقبة جديدة هي
تاريخها في العصر الحديث.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق