خصائص النهضة الأوربية :
ظهرت
النهضة واسعة شاملة , وكانت في حقيقة أمرها امتداداً لما سبقها من تيارات حضارية شهدتها
أوربا في العصور الوسطى , لأنه من الثابت تاريخياً أن راكب الحضارة لم يتوقف في
أوربا إبان العصور الوسطى , وأن هذه
العصور لم تخل من وثبات حضارية ([1]).
وقد تميزة النهضة الحديثة بعدة خصائص , مكنها : أنها كانت علمانية , أي لم تنشأ في
رحاب الكنيسة والخروج
على تعاليمها . كما جاءت النهضة بمفاهيم جديدة وآراء جديدة ,
وأحدثت تغيرات جذرية تسللت إلى مختلف القطاعات السياسية والدينية والثقافية
والفنية والاجتماعية .
واعتمدت
النهضة في نموها وانتشارها على المركز القوي الذي سمت إليه المدن في نهاية العصور
الوسطى فقد نجحت المدن في أن تصبح وحدات سياسية حرة في وسط إقطاعي متزمت , وأن
تغدو مهاداً للطبقة الوسطى ونمو الشعور القومي , وأن تكون معول هدم في بنيان
النظام الإقطاعي والحد من نفوذ الكنيسة . وقد تجمعت في المدن الثروات , وبخاصة
الأموال السائلة , ولأن سكان المدن اعتمدوا على التجارة والصناعة وابتعدوا عن
سيطرة النبلاء الإقطاعيين في إقطاعياتهم الزراعية . ولذلك فإن النهضة الأوربية
قامت في لخمتها وسداها على أكتاف سكان المدن , وهم أفراد الطبقة الوسطى , وكانت
هذه المدن مراكز صالحة للإشعاع الفكري والفني والقومي والحضاري , ومهاداً للنشاط
الاقتصادي والسياسي في أوربا.
ومن خصائص
النهضة أن الفرد ظهر فيها متمتعاً بشخصية مستقلة له حرية الرأي والتصرف , وأصبح
الخلية الأولى في بناء المجتمع , فلم يعد الفرد يذوب في جماعة أو طائفة أو نقابة
ينتمي إليها , بل تعددت امامه طوال العصور الوسطى بسبب استبداد النظام الإقطاعي
وصرامة تعاليم الكنيسة , ولم يكن أمام الشخص الطموح المغمور سوى الانتظام في سلك
الكهنوت ابتغاء الوصول في نهاية الشوط إلى منصب كبير في الكنيسة يدر عليه مرتباً
ضخماً .
ومن خصائص
النهضة أيضاً أنها لم تظهر في جميع البلاد الأوربية في وقت واحد , بل ظهرت فيها
تباعاً : بدأت في مدن شبه الجزيرة الإيطالية حتى إذا اكتملت واستوى عودها تسربت أو
انتقلت إلى سائر
البلاد في غرب أوربا .
موقع رائع
ردحذف