النهضة الاوربية عصر النهضة في أسبانيا والبرتغال والاراضي المنخفضة ايطاليا بلجيكا وروسيا
ودول البلقان
النهضة في أسبانيا والبرتغال ([1]):
كان عدد من الأسبان قد زاروا شبه الجزيرة
الإيطالية في القرن الخامس عشر وتقلدوا دراسات في اللغة العبرية والإغريقية
واللاتينية وعادوا يحاضرون في هذه الدراسات في أشبيلية ولشبونة وغيرهما , وهكذا
كانت شبه جزيرة أيبيريا في مطلع القرن السادس عشر مهيأة للدراسات الإنسانية . ولكن
ما لبث أن اهتز مركز هذه الدراسات اهتزازاً عنيفاً .
اشتهر ملوك أسبانيا بأنهم مسرفون في
تعصبهم للمذهب الكاثوليكي , وسنرى أن بعضاً منهم قد وضع موارد أسبانيا ومستعمراتها
التي كانت لها في العالم الجديد في خدمة الكنيسة الكاثوليكية في روما لضرب البروتستانت
. وكان انتشار النهضة وما أتت به من بعث الدراسات القديمة من العوامل التي أدت إلى
ظهور حركة الإصلاح الديني . لقد أحس الباباوات مؤخراً ببوادر هذه الحركة المعادية
للكنيسة الكاثوليكية , فوقفوا موقفاً عدائياً من الدراسات الإنسانية واستعانوا في
هذا الصدد بملوك أسبانيا . وعقد البابا كلنت السابع والإمبراطور شارل الخامس ملك
أسبانيا الكاثوليكي([2])
اتفاقا في بولونا استهدفا منه تصفية الحركة الإنسانية , ونجم عن هذا الاتفاق أن
أصبح الدراسات الإنسانية في أسبانيا خصوم أعز نفراً وأقوى نفوذاً , واستعانوا
بمحاكم التفتيش تنكل وتبطش بأصحاب الدراسات الإنسانية . وفي هذا الجو الخانق
انكمشت هذه الدراسات على نفسها , ولم يكن لها تأثير عميق في المجتمع الإسباني .
النهضة في الأراضي المنخفضة:
كانت الأراضي المنخفضة – ما يسمى الآن بلجيكا وهولندا –
تابعة لإسبانيا وانسحب على ممتلكات أسبانيا ذلك الحجر الذي فرض على الدراسات
الإنسانية في أسبانيا , وما لبثت أن قامت الثورة في الأراضي المنخفضة هادرة تروم
الاستقلال عن أسبانيا . وفي غضون الصراع
الحربي الرهيب الذي نشب بين فيليب الثاني ملك أسبانيا وشعب الأراضي المنخفضة أنشئت
جامعة ليدن Leyden تخليداً لذكرى انتصار الهولنديين على الأسبان , وسرعان ما أصبحت
هذه الجامعة مركزاً هاماً للدراسات الإنسانية . واهتمت بالدراسات اللاتينية وبخاصة
ما يتصل منها بالتاريخ
والآثار , والدراسات الإغريقية وبخاصة ما يتصل منها
بالمسرحيات التي من نوع التراجيدي ( المآسي ) , كما وضعت مسرحيات باللغة اللاتينية
شعراً ونثراً , وقد استهدفت الدراسات الإنسانية بوجه عام في الأراضي المنخفضة نشر
ونقد المؤلفات التي وضعها رجال الدراسات الإنسانية الأوائل.
النهضة في الروسيا والبلقان:
كان أثر النهضة ضئيلاً للغاية في الروسيا وفي بلاد
البلقان الخاضعة للدولة العثمانية , ولم يتعد هذا الأثر بعض مظاهر فردية لا ترقى
إلى تطوير جذري مباشر أحست به الجماهير في تلك الأقاليم , ولم يطرأ أي تغيير على
المجتمع أو نظم الحكم أو الفنون أو الدين أو الأدب . ومن المظاهر الفردية صورة
رسمها أحد فناني مدينة البندقية للسلطان محمد الفاتح , ووضعت في قصر السلطان في
الآستانة وتشيد قصر الكرملين Kremlin في موسكو , وقد اقتبس تصميمه من
ميلان .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق