الخميس، 20 مارس 2014

أقوال الفقهاء واختلافاتهم في أحكام الوضوء



أقوال الفقهاء واختلافاتهم في أحكام الوضوء
وهنا سأذكر عدة مسائل في باب الوضوء اختلف فيها العلماء وسأذكر الراجح منها بالأدلة:
أولا: المسح على الخف: نقل خلاف بين الصحابة رضوان الله تعالى عنهم في حكم المسح بين منكر ومثبت وقد نقل عنهم الإنكار عن أربعة من الصحابة: عائشة رضي الله عنها، وعلي، وأبو هريرة، وابن عباس رضي الله عنهم أجمعين، وللإجابة والترجيح في هذا الخلاف نقول والله أعلم من ثلاثة أوجه:ا
الأول: أن جميع ما نقل عنهم في ذلك ضعيف ولا يثبت، فمثلاً ما روي عن أبي هريرة يقول فيه الإمام أحمد : إنه باطل لا يصح، وما نقل عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه فهو خبر منقطع. وما نقل عن عائشة ففيه راوٍ يقول عنه ابن حبان : كان يضع الحديث وهو محمد بن المهاجر .فالجواب الأول عما نقل عن الصحابة: هو أن يقال: إن ما نقل عن الصحابة لا يثبت عنهم.
الثاني: أن يقال: إنه إن صح عن أحد منهم فقد ثبت عنه أنه رجع عنه، كما ذكر ذلك البيهقي عن ابن عباس، وكما في صحيح مسلم عن علي وسيأتي، وكذلك عن عائشة رضي الله عنها.الجواب الثالث: أن يقال: هب أنه ثبت عن هؤلاء الصحابة روايتان: رواية بالقول بالمسح على الخفين، وأخرى في إنكاره، فأي الروايتين أجدر بالقبول ولو كانتا صحيحتين، أيهما أجدر وأحق بالقبول؟ الرواية بالمسح؟ لماذا؟ لأنها مثبتة، وأيضاً لأنها هي الموافقة لرأي ورواية بقية الصحابة، وعلى كل حال فقد ورد عن هؤلاء الصحابة الذين نقل عنهم إنكار المسح على الخفين القول بالمسح، فقد رواه أبو هريرة والله أعلم.

ثانيا:أقوال العلماء في حكم وضوء من مس فرجه:في هذه المسألة خلاف على أربعة أقوال:
الأول: الحنفية لا يرون نقض الوضوء من مس فرجه مطلقا، دليلهم:ا رواه ابن أبي شيبة، قال: حدثنا ملازم بن عمرو، عن عبدالله بن بدر، عن قيس بن طلق، عن أبيه طلق بن علي، قال: خرجنا وفدًا حتى قدمنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فبايعناه، وصلينا معه، فجاء رجل، فقال: يا رسول الله، ما ترى في مس الذكر في الصلاة؟ فقال: ((وهل هو إلا بضعة - أو مضغة - منك))
ثانيا:الشافعية والحنابلة وبعض المالكية ويرون أن مس الفرج ينقض الوضوء مطلقا، أدلتهم:ما رواه مالك، عن عبدالله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، أنه سمع عروة بن الزبير يقول: دخلت على مروان بن الحكم، فتذاكرنا ما يكون منه الوضوء، فقال مروان: ومن مس الذكر الوضوء، فقال عروة: ما علمت هذا، فقال مروان بن الحكم:أخبرتني بسرة بنت صفوان أنها سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((إذا مس أحدكم ذكره فليتوضأ))
ثالثا:مالكية المغرب ويرون استحباب وضوء من مس فرجه، ولا دليل لهم غير كونهم يرون في هذا توفيقا بين النقول.
رابعا: قول جماعة من أصحاب مالك في المشرق ويرون،إن مسه بشهوة أعاد الوضوء،قالوا: إن قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ((إنما هو بضعة منك)) إيماء لاعتبار الشهوة؛ لأمرين:الأول: أنك إذا مسست ذكرك بدون شهوة منك، لم يكن هناك فرق بينه وبين أي عضو من أعضائك، أما إذا مسسته بشهوة، فإنه يفارق بقية الأعضاء؛ حيث يجد اللذة بلمسه دون غيره، وقد يخرج منه شيء، وهو لا يشعر، فما كان مظنة للحدث علق الحكم به كالنوم.الثاني: أن حديث طلق فيه سؤال عن الرجل يمس ذكره في الصلاة، فقال له الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ((إنما هو بضعة منك))، ومس الذكر في الصلاة لا يكون بشهوة؛ لأن في الصلاة شغلاً عن مس ذكره بشهوة، بخلاف مسه خارج الصلاة، فقد يقع منه المس بشهوة، والله أعلم.
خامسا:قول بعض المالكية إن مسه بعمد نقض، وإن مسه بغير عمد لم ينقض، مستدلين بقول الله تعالى ?وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ ?
الراجح أنه ناقض مطلقا لقوله صلى الله عليه وسلم: من مس ذكره فليتوضأ. رواه أبو داود وغيره. وفي المسألة مناقشات طويلة، ومن العلماء من يرى المس غير ناقض مطلقا كقول أبي حنيفة ومنهم من يرى أنه ناقض إذا كان لشهوة فقط وهو إحدى الروايات عن مالك، وإليه يميل شيخ الإسلام في بعض فتاواه،  والراجح عندنا أنه ناقض مطلقا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق