الاثنين، 24 فبراير 2014

النظرية الحديثة في تعريف الحق نظرية دابان dabin


النظرية الحديثة في تعريف الحق  نظرية دابان

نتيجة للانتقادات الموجهة للنظرية السابقة ظهرت نظرية أخرى وهي النظرية الحديثة في تعريف الحق، وحمل لواءها الفقيه البلجيكي دابان Dabin، وتأثر بها أغلب الفقهاء. يعرف أصحاب هذا المذهب الحق بأنه: (( ميزة يمنحها القانون لشخص ما ويحميها بطريقة قانونية، ويكون له بمقتضاها الحق في التصرف متسلطا على المال معترف له بصفته مالكا أو مستحقا له.))، والعناصر الأساسية التي نستخلصها من هذا التعريف هي:(2)
1 - د. فتحي عبد الرحيم عبد الله و أحمد شوقي محمد الرحمن، النظرية العامة للحق، منشأة المعارف، الإسكندرية 2001، ص 7.
2 - د. محمدي فريدة زواوي، المرجع السابق، ص 7- 8.
1. الحق يعبر عن سلطة يقرها القانون، أي سلطة مطابقة للقواعد القانونية ويترتب على هذا ضرورة احترام الغير لها، فلابد من احترام الغير لهذا الحق. وذلك بالامتناع عن كل ما من شأنه الإضرار باستئثار الشخص بحقه والتسلط عليه. فالحقوق مرتبطة بوجود الالتزامات في مواجهة الغير وليست هناك أهمية لحق معين إذا لم يكن الغير ملزم باحترامه وكذلك الحال إذا لم يمكن صاحبه دفع الاعتداء عليه.
وإذا كانت الحماية القانونية لازمة للحق إذ لابد من تدخل السلطة العامة لحمايته إلا أنها ليست عنصرا من عناصر وجوده، فالحق لا يحمى قانونا إلا إذا كان موجودا حقيقة، فالدعوى -ـ وهي من أهم وسائل الحماية ــ لا يمكن إقامتها إلا للدفاع عن حق موجود ومعترف به.
2. إن الحق يفترض وجود شخص معين يكون صاحبا له، وقد يكون هذا الشخص شخصا طبيعيا أو شخصا معنويا، ويتمتع الشخص الطبيعي بصلاحيته لاكتساب الحقوق والتحمل بالالتزامات ويكتسب الشخصية القانونية بمجرد وجوبه وهو محمي قانونا وتكون له حقوق في مرحلته الأولى كالجنين، كما أن للمجنون حقوقا أيضا، وإن كانا لا يستطيعان ممارستها شخصيا. إذ ليس للإرادة دور في ذلك ويمكن للغير ( الولي، النائب ) ممارسة حقوق هؤلاء الأشخاص عن طريق نظام النيابة.
أما الشخص المعنوي فهو افتراض وجود قانوني لتجمع من الأموال أو الأشخاص، فيتحمل الالتزامات ويكسب الحقوق.
3. الحق يرد على قيمة معينة تكون محلا له، وقد يكون هذا المحل شيئا ماديا سواء كان عقارا أو منقولا، كما يمكن أن يكون عملا كالامتناع عن عمل أو القيام بعمل، وقد يكون قيمة معنوية كالإنتاج الفكري أو قيمة ملتصقة بالشخصية كحق الإنسان في سلامة جسمه وحقه في شرفه.
4. يفترض الحق أن تكون لصاحبه سلطة الاستئثار والتسلط على حقه:
*فالاستئثار هو الذي يميز الحق في الواقع يمكن القول بأن الحق ينشئ علاقة بين صاحب الحق ومحله ( مثال ذلك الشيء محل الملكية )، فهذه العلاقة تمثل الاستئثار بمعنى أن الحق هو ما يختص به صاحبه أي ماله. فالحق ليس المصلحة كما يقول إيهرينغ، حتى ولو كان الحق يحميها، وإنما هو الاستئثار بمصلحة أو بمعنى أدق الاستئثار بشيء يمس الشخص ويهمه ليس بصفته مستفيدا أو له أن يستفيد لكن بصفته أن هذا الشيء يخصه وحده.
* أما التسلط فهو النتيجة الطبيعيةللاستئثار ويقصد به سلطة صاحب الحق على ماله. بمعنى أدق: (( السلطة في التصرف الحر في الشيء محل الحق )).
فالتسلط لا يخلط إذن باستعمال الحق، فاستعمال الحق يتضمن سلطة إيجابية تترجم في مجرد دور للإرادة أما سلطة التصرف فهي رخصة في التصرف في الشيء محل الحق من جانب صاحبه بصفته سيدا عليه.(1)
ويختلف ذلك باختلاف أنواع الحقوق، إذ يتسع مجال الاستئثار والتسلط في نطاق الحقوق العينية، إذ تكون للشخص حرية استعمال واستغلال محل الحق كيفما شاء. بينما يضيق بالنسبة للحقوق الملتصقة بالشخص، إذ حق الشخص في إطارها يقتصر على إلزام الغير بعدم المساس بها واحترامها ولا يملك الشخص التصرف في هذه الحقوق ولا التنازل عنها.(2)
- د. نبيل سعد إبراهيم، المدخل إلى القانون، نظرية الحق، منشأة المعارف، الإسكندرية 2001.
2 - د. محمدي فريدة زواوي، المرجع السابق، ص 8 و ص 9.
والتسلط نتيجة حتمية للاستئثار، ولكن الاستئثار لا يثبت إلا للمالك أي صاحب الحق، أما التسلط أو مباشرة الحق فقد تثبت لشخص آخر كالوصي أو الولي مثلا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق