الأحد، 23 فبراير 2014

سيرة ابن سينا


نبذة عن ابن سينا
·
سيرة ابن سينا
·
مؤلفات ابن سينا

*****

بطاقة شخصية
من هو ابن سينا:
هو: الشيخ الرئيس، أمير الأطباء، الحكيم، الفليسوف
كنيته: أبو علي
اسمه: الحسين بن عبد الله ابن سينا البخاري
مشهورٌ بـ: ابن سينا
مولده: أفصهناه بالقرب من بخارى بلد أمه عام 370 للهجرة الموافق لـ 980 م.
وفاته: بهمدان بالقرب من أصفهان في جمهورية إيران الإسلامية عام 428 للهجرة الموافق لـ 1037م .

(¯`·._) ( سيرته ) (¯`·._)
ابن سينا هو أبو علي الحسين ابن عبد الله الملقب بالشيخ الرئيس. ولد ابن سينا سنة 980 ميلادية في قرية أفشنة قرب بخارى في تركستان و من أسرة فارسية أو ما يعرف حاليا بجمهورية أزبكستان(1). وقد حفظ القرآن عندما بلغ من العمر عشر سنين. وعندما بلغ من العمر واحدا وعشرين عاما غادر بخارى ليقضي باقي عمره متنقلا بين مختلف المدن الفارسية. ولما توفي سنة 1037 ميلادية كان يعد وقتئذ أحد عباقرة الفلسفة في الإسلام، وفي الطب فقد وضع في مصاف جالينوس حيث أطلق عليه لقب جالينوس الإسلام. وبسبب شهرته الواسعة فقد تسابق للاحتفال بذكراه عدة شعوب، والأتراك هم أول من احتفلوا بذكراه، عندما أقاموا عام 1937 مهرجانا ضخما بمناسبة مرور تسعمائة سنة على وفاته. ثم حذا حذوهم العرب والفرس حيث أقيم مهرجانان للاحتفال به في كل من بغداد عام 1952 ثم في طهران عام 1954. وفي عام 1978 دعت منظمة اليونسكو كل أعضاءها للمشاركة في احتفال إحياء ذكرى مرور ألف عام على ولادة ابن سينا، وذلك اعترافا بمساهماته في مجال الفلسفة والطب. وبالفعل فقد استجاب كل أعضاء المنظمة وشاركوا في الاحتفال الذي أقيم عام 1980.
ألف ابن سينا 276 مؤلفا، كلها كتبت بالعربية باستثناء بضع مؤلفات صغيرة كتبها بلغته الأم الفارسية. إلا أنه وللأسف فقد فقدت أكثر هذه المؤلفات ولم تصل إلينا. ويوجد حاليا 68 مؤلفا منتشرا بين مكتبات الشرق والغرب.
كتب ابن سينا في كل فروع العلم التي كانت منتشرة في ذلك الوقت، إلا أنه أكثر ما اهتم به هو الفلسفة والطب. وبعض المؤرخين المعاصرين يعتبرونه فيلسوفا أكثر منه طبيبا، إلا أن آخرين يعتبرونه أمير الأطباء في القرون الوسطى. وقد صنف بعضهم مؤلفات ابن سينا وفق ما تحويه فكانت كالتالي:

(¯`·._) (مؤلفاته ) (¯`·._)

ألف ابن سينا 276 مؤلفا كلها بالعربية، باستثناء بضع رسائل كتبها بلغته الأم الفارسية.
فخير حصر لها هو كتاب د.يحيى مهدوي، طهران 1954 فنحيل القارئ الذي يطلب البحث المستقصي إلى هذا الكتاب ونجتزئ ها هنا بذكر بعض الكتب الرئيسية من كتبه بالعربية دون الفارسية:
-
الشفاء في أربعة أقسام المنطق، الرياضي، الطبيعي، الإلهيات.
-
النجاة طبع في القاهرة 1331هـ/ 1913 م ط2 1938.
- (
الإشارات و التنبيهات) نشره فورجيه في ليون سنه 1892 م.(3)
- (
القانون في الطب) طبع أولاً في روما 1593 م ثم في القاهره 1877 يعتبر أكثر مؤلفات ابن سينا أهمية في الطب، وقد كتبه بالعربية، ووصفه أحد الأطباء الغربيين وهو William Osler بأنه أشهر كتاب طبي على الإطلاق. ويعد هذا الكتاب فريدا من نوعه، إذ يمثل وثيقة تحوي كل علوم الطب منذ أقدم الأزمنة (كالطب الفرعوني الإغريقي والهندي) وحتى عصر ابن سينا. وتميز هذا الكتاب بعرضه مواضيع الطب وفق خطة منهجية قريبة جدا لما تتبعه الكتب الطبية المدرسية الحديثة، خصوصا فيما يتعلق بطريقة سرد الأمراض من حيث التعرض لتصنيف الأمراض ثم ذكر أسبابها وأعراضها وعلاماتها وسرايتها، ثم ذِكْر علاجها وإنذارها. ويمكننا القول بأن حسن ترتيب كتاب القانون فضلا على شموليته جعلاه الأكثر انتشارا في الأوساط العلمية الطبية في كل من الشرق والغرب وذلك حتى أواخر القرن السابع عشر.
لقد عرف الغرب كتاب القانون من خلال الترجمة اللاتينية له التي قام بها جيرارد الكريموني وذلك في القرن الخامس عشر. وترجم أيضا إلى اللغة العبرية وطبع عدة مرات آخرها كان في بداية القرن التاسع عشر. بقي كتاب القانون قيد الاستعمال خاصة في جامعة لوفيان ومومبلييه وذلك حتى أواخر القرن السابع عشر. وقد ورد في المجلة التي تصدرها اليونسكو، في عدد تشرين الأول من عام 1980، أن كتاب القانون ظل قيد الاستخدام في جامعة بروسل وذلك حتى عام 1909.
قام كثير من الأطباء المسلمين بوضع شروحات لكتاب القانون، والبعض منهم قام باختصاره. وأشهر تلك الاختصارات كتاب الموجز في الطب الذي كتبه ابن النفيس الدمشقي الذي توفي عام 1288.
ابتدأ ابن سينا كتابه القانون بتعريفه للطب قائلا: " الطب علم يتعرف منه أحوال بدن الإنسان من جهة ما يصح ويزول عن الصحة ليحفظ الصحة حاصلة ويستردها زائلة".
يتألف كتاب القانون من خمسة كتب:
الكتاب الأول
يبحث في تعريف الطب ويشرح أغراضه، كما يتكلم فيه عن الأمزجة والأخلاط وتشريح الجسم ووظائف الأعضاء. وقد ورد فيه ذكر لبعض الأمراض وأسبابها وعلاجها(4).
الكتاب الثاني
وهو خاص بعلم العقاقير، أو الأدوية المفردة، ويحتوي عددا كبيرا من النباتات الطبية أكثرها فارسي المنشأ، وبعضها من أصل يوناني أو هندي أو صيني أو عربي (5).
الكتاب الثالث
تكلم فيه عن الأمراض التي تصيب أعضاء الجسم المختلفة، وذكر أسبابها وأعراضها وعلاجها وأحيانا إنذارها (6).
الكتاب الرابع
تحدث فيه عن عدة مواضيع، كالكسور والخلوع وبعض الحمات كالحصبة والجدري، وتحدث في القسم الأخير من هذا الجزء عن السموم ومضاداتها (7).

الكتاب الخامس
تحدث فيه عن الأدوية المركبة أو ما كان يعرف بالأقرباذين. وقد ورد في هذا الجزء ذكر لتحضير ما ينوف عن ثمانمائة دواء مركب. في الكتاب الرابع خصص ابن سينا أربع مقالات للحديث عن الزينة وأدويتها. فالمقالة الأولى تشمل أحوال الشعر والحزاز، في حين تحدث ابن سينا في المقالة الثانية عن أحوال الجلد من جهة اللون، أما المقالة الثالثة فتتعرض لأمراض الجلد المختلفة وعلاجاتها. المقالة الرابعة تتحدث عن أدوية الزينة المستخدمة في سائر البدن والأطراف.
مما يجدر ذكره أن بعض الأدوية والتراكيب المذكورة في مجال أدوية الزينة هي معروفة، ومن المفيد أن نصنف هذه التراكيب ضمن ثلاث زمر:
-
أدوية ثابتة التأثير لم يزل بعضها يستعمل حتى الآن لنفس الغرض.
-
أدوية عديمة التأثير وضارة ولا جدوى من تجربتها لأن العلم يرفضها.
-
أدوية تحتاج إلى دراسة وتمحيص فقد يثبت العلم فائدتها، وهذا ما تقوم به بعض المراكز مثل مركز الكويت للطب الإسلامي، ومؤسسة هامدرد في الباكستان (8) .
-
منطق المشرفين طبع في القاهرة 1910 م.
-
رسالة في ماهية العشق نشرها ميرن عام 1889 م ثم أحمد آنشن استنبول عام 1953 م.
- (
أسباب حدوث الحروف) نشرها الأستاذ خانلري طهران 1333.
مجموعة من الرسائل منها: رسالة في الحدود، رسالة في أقسام العلوم العقلية، رسالة في اثبات النبوات، رسالة حي بن يقظان، رسالة الطير(9).

°·.¸.•°(
الفصل الثاني )°·.¸.•°

·
آرائه في التربية

مرحلة الطفولة
مرحلة التعليم
أساليب و طرق التعليم
صفات المعلم
*
الخلاصة من التعليم عند ابن سينا
*****

(¯`·._) (أراءه في التربيه ) (¯`·._)

له آراء تربوية في العديد من كتبه التي كتبها بالعربية أو الفارسية غير أن اكثر آرائه التربوية نجدها في رسالة مسماة بـ(كتاب السياسة) وان ابرز ما تميز به المذهب التربوي لابن سينا هو:

(¯`·._) (مراحل الطفوله الاولى عند ابن سينا ) (¯`·._)

أن التربية السيناوية تميزت بأنها تناولت حياة الإنسان منذ لحظة ولادته فما هي المبادئ والأسس التي خص بها هذه الفترة؟
الاسم الحسن
أكد ابن سينا على ضرورة الاسم الحسن للمولود فهو حق من حقوقه وهو يفرض على الطفل دون اختيار منه، فيجب أن يكون هذا الاسم مقبولاً اجتماعياً واخلاقياً. واهتمام ابن سينا بهذه الناحية جاء من كونه أدرك من خلال عمله كطبيب، الأثر الذي يحدثه الاسم السيئ على صاحبه، فهذا الاسم ليس مؤقتاً يتخلص منه الإنسان بعد فترة من الزمن بل هو ملازم للإنسان طوال حياته.
.
فإذا كان هذا الاسم مما يبعث على السخرية والتشاؤم فانه سينعكس على شخصية الطفل طوال حياته فيعيش في حالة لا تخلو من الاضطرابات النفسية التي لا يحمد عقباها
وهو ما أكد عليه الدين الإسلامي فقد حث رسول الله(ص) على الاسم الحسن للمولود. حيث ورد في السيرة أن رسول الله(ص) قد غيّر الكثير من الأسماء إلى الأحسن.
*
الرضاعة
يقول ابن سينا في كتاب القانون: (يجب أن يرضع الطفل ما أمكن من لبن أمه، فإنه أشبه الأغذية بجوهر ما سلف من غذائه وهو في الرحم)(11).
بهذه العبارة التي اوصى بها ابن سينا بالرضاعة الطبيعية وضرورتها نجده قد سبق الدعوات العالمية التي تدعو وتحث على الارضاع الطبيعي للطفل وتحذر من اخطار الارضاع الصناعي وفي حال تعذر الرضاعة من الأم فلا مانع من اللجوء إلى مرضعة يشترط فيها الصحة الجسدية والخلقية.
وهذا ما أكده القرآن الكريم حيث وردت عدة آيات تبين وجوب إرضاع الطفل عامين كاملين.

*
مرحلة ما قبل المدرسة (3-5) سنوات.
أدرك ابن سينا أهمية هذه المرحلة وأولاها الأهمية البالغة وهي مرحلة تمهيدية تكون سابقة لدخول الطفل المدرسة والتي تعرف الآن باسم (سن الحضانة) وقد أثبتت البحوث والدراسات التربوية الحديثة ما توصل إليه ابن سينا حيث وجدت أن الفترة من (3-5) من عمر الطفل هي المرحلة الذهبية التي تخطط فيها شخصية الطفل المستقبلية. يقول ابن سينا (فما تمكن منه من خلق، غلب عليه فلم يستطع له مفارقة ولا عنه نزوعاً). ويعلل ابن سينا أهمية هذه المرحلة بأن شخصية الطفل في هذه المرحلة مرنة قابلة لاكتساب جميع العادات والطباع السيئة منها والصالحة على حد سواء لذا يدعو ابن سينا إلى اتباع أسلوب تربوي نبعد فيه الطفل عن الرذائل ونؤمن له تربية صالحة وسليمة يتمثل هذا الأسلوب بإبعاد الطفل عن كل ما هو سيء في محيطه حتى لا يكتسب الطفل هذه الرذائل وهو أسلوب وقائي.
والأسلوب الآخر هو التربية الرياضية حيث نجد الشيخ الرئيس في كتاب (القانون) قد خصص لهذا النوع من التريبة صفحات عديدة، إذ يراها تربية ضرورية وليست خاصة بمرحلة أو عمر معين لذلك فهو يجعلها متلائمة ومتناسبة مع كل طور من اطوار الحياة.
وهذه النظرة تتسم برؤية تربوية عميقة. ولابد أن تكون متوافقة مع عمله كطبيب. بالإضافة إلى ما تمنحه من قوة ومناعة كما رأى أفلاطون وار سطو من قبله وكما ترى التربية الحديثة اليوم.

(¯`·.
_) (مراحل التعليم المدرسي ) (¯`·._)

أ. سن الدخول إلى المدرسة:
في كتاب (القانون) يقول ابن سينا إن سن السادسة من العمر هي السن المناسبة للبدء بالتعلّم، إذ يمكن حينها أن يقدم الصبي للمؤدب أو المعلّم والآراء في هذا الشان مختلفة فمنهم من يرى أن الخامسة هي السن المناسبة لدخول المدرسة ومنهم من يفترض قبل ذلك وخاصة بعد انتشار رياض الأطفال التي تستقبل الطفل في الثالثة من عمره ويصعب تحديد هذه السن بالدقة لعدة عوامل مؤثرة. منها البيئة والمجتمع والفروق الفردية هذا بالإضافة إلى الوراثة واثرها.
ب. مواد التدريس (المنهاج):
يقول ابن سينا(12) (إذا اشتدت مفاصل الصبي، واستوى لسانه، وتهيأ للتلقين، ووعى مسمعه، أخذ في تعلم القرآن وصور حروف الهجاء. ولقن معالم الدين). لم يكن ابن سينا الوحيد الداعي إلى تعلم القرآن الكريم والبدء به فلقد سبقه آخرون.. ) وإن ابن سينا قد حفظ القرآن الكريم وهو في العاشرة من العمر.

الأساليب و الطرق التعليمية
أ. التدرج بالتعليم:
يقول ابن سينا: (إن على الصبي أن يتعلم اولاً الرجز، ثم القصيدة، لأن رواية الرجز أسهل وحفظه أمكن، لكون بيوته أقصر، ووزنه أخف) (13)وهكذا يكون ابن سينا قد اخذ بعين الاعتبار الفروق الفردية بين التلاميذ. فهو يأخذ بيده ويسير معه بما يتناسب مع طاقاته وامكانياته.

ب. التعلم الجماعي:
(
ينبغي أن يكون مع الصبي صِبْية حسنة آدابهم وطيبة عاداتهم) (14)على الرغم من أن ابن سينا قد تلقى العلم من قبل معلمين خاصين به إلا أننا نجده يفضل أن يكون مع الصبي أقران، لان انفراد الصبي الواحد بالمؤدب أجلب لنظرهما ولأن الصبي عن الصبي ألقن. وهو عنه آخذ وبه آنس.. ووجود الصبي مع غيره من الصبيان (ادعى إلى التعلم والتخرج فإنه يباهي الصبيان مرة ويغبطهم مرة ويأنف عن القصور عن شأوهم مرة ثم انهم يترافقون ويتعارضون الزيارة، ويتكارمون ويتعاوضون الحقوق وكل ذلك من أسباب المباراة والمباهاة، والمساجلة والمحاكاة، وفي ذلك تهذيب لأخلاقهم وتحريك لهم وتمرين لعاداتهم).
وهذا ما اكتشفه علم النفس الحديث، أما الطفل في هذه المرحلة فهو بحاجة إلى اللعب والتقدير والانتماء والشعور بالتفوق والنجاح، وهو بحاجة إلى إشباع ذلك بطرق وأساليب تربوية سليمة.
ج. توجيه التلاميذ على حسب مواهبهم وميولهم:
من أهم ما يستحق الاعجاب في أساليب التربية السيناوية ذلك الاهتمام بموضوع توليه التربية الحديثة اليوم قصارى اهتمامها، نعني بذلك العناية بميول الطلاب وقابلياتهم وتوجيههم نحو الدراسات التي تؤهلهم لها تلك الميول والقابليات. وكثيراً ما يخيل إلينا أن فكرة (التوجيه المهني) فكرة محدثة لم تعرف إلا في القرن الأخير بعد تقدم الدراسات النفسية، والواقع أن الشيخ الرئيس قد عرف جذورها وبذورها حيث يقول ابن سينا في القانون: (وعلى المؤدب أن يبحث للولد عن صناعة فلا يجبره على العلم إذا كان غير ميال إليه. ولا يتركه يسير مع الهوى، إذ ليست كل صناعة يرومها الصبي ممكنة له. لكن ما شاكل طبيعته مناسب، وأنه لو كانت الآداب والصناعات تجيب وتنقاد بالطلب دون المشكلة والملائمة إذن ما كان أحد غفلاً عن الأدب وعارياً من صناعته. وإذن لأجمع الناس على اختيار اشرف الصناعات).
د. الثواب والعقاب:
تنتشر في أيامنا الراهنة بين أوساط المربين والرأي العام الواسع مختلف الآراء التي تتناول استخدام الثواب والعقاب في تربية الأطفال فمنهم من يعتقد انه يجب الاكثار في العقاب والإقلال من الثواب وعلى العكس يعتبر آخرون أنه يجب الاكثار من الثواب وان يكون العقاب قليلاً، بينما يعتبر غيرهم انه يجدر ممارسة الثواب فقط وعدم اللجوء إلى العقاب وهناك ثمة من يعتقد أن التربية الحقيقية هي التربية التي لا ثواب ولا عقاب فيها.
فلنرى رأي ابن سينا في هذا الأسلوب التربوي:
يؤمن ابن سينا بالثواب والعقاب المعنويين وليس الماديين، فإلى جانب العقاب المعنوي (الترهيب والاعراض) هناك ثواب معنوي (الترغيب والحمد والاقبال) وقد أوضح هذا الأمر في كتاب السياسة فصل تدبير الرجل ولده حيث نجد أن ابن سينا قد اهتم بتربية الطفل وتأديبه في مرحلة مبكرة من عمره كخطوة وقائية اولية.
وعند الاقدام على الثواب والعقاب ينبغي مراعاة طبيعة المتعلم والعمل الذي اقدم عليه ويجب أن تتدرج من الإعراض إلى الايحاش، فالترهيب، فالتوبيخ. فالعقوبة عند ابن سينا ارشاد وتوجيه للسلوك وحرص على تعديله برفق، ويحرص كذلك على أن يكون الدافع من وراء العقاب ليس الانتقام والكراهية بل حسن التربية والاخلاص في العمل.

صفات المعلم
نرى في التربية السيناوية نظرات صائبة لما يجب أن يكون عليه المؤدب وهي آراء تقترب من الآراء التربوية الحديثة في المربي والمعلم فيقول ابن سينا (على مؤدب الصبي أن يكون بصيراً برياضة الاخلاق، حاذقاً بتخريج الصبيان) . وهذا ما تؤكد عليه التربية الحديثة فيجب على المعلم أن يكون عالماً بعلم نفس النمو وسن الطفولة والمراهقة.
ويجب أن يكون وقوراً ورزيناً، بعيداً عن الخفة والسخف، قليل التبذل، ذا مرؤة ونزاهة.
فلم يخف على ابن سينا ما للمعلم من اثر مباشر على الطلاب حيث انه سيلازمه وهو أول من سيتطبع بطباعه.
الخلاصة في التعليم
هكذا يكون ابن سينا قد وضع لنا منهجاً تربوياً مستمداً أسسه ودعائمه من الدين، ومن واقع عصره ومجتمعه، ليفي بمتطلبات مجتمعه ويساعده على النهوض والخلاص مما هو فيه من انحلال وتعطل وفقدان للقيم إنها تربية اجتماعية بكل معنى الكلمة. متعددة الجوانب فردية، مجتمعية، أخلاقية، دينية مهنية..
مما يجعل معلمنا من أصحاب المذاهب التربوية الجديرة بالدراسة والاهتمام وفي مذهب هذا الفيلسوف من الآراء والنظريات العلمية ما يجعله جديراً بأن يمد الإنسانية بمعين لا ينضب من المعرفة، وما يتفرع عنه من تربية وسياسة وإصلاح، بعد أن أمدها بمعين من الفلسفة والطب.



°·.¸.•°(الفصل الثالث)°·.¸.•°

§
ابن سينا وطب الأسنان
-
الحشو المستخدم
*****


(¯`·._) (ابن سينا و طب الاسنان ) (¯`·._)

يُعَدُّ نخر الأسنان (Dental Carie) من أكثر الأمراض حدوثًا، وهو يصيب الإنسان في مختلف مراحل العمر، وإصابة السن بالنخر تتميز بظاهرة رئيسية هي تخرب نُسُجه المينائية أولاً والعاجية ثانيًا، ويتشكل في موضع الإصابة تجويف يعرف بالحفرة (Cavity).
وتهتم مداواة الأسنان بترميم ما يتخرب من الهيكل السني بفعل النخر وسواه من العوامل المخربة الأخرى، وذلك بمعالجة ما قد تحدثه تلك العوامل نفسها من إصابات متقدمة كالالتهابات اللُّبِّية المختلفة والاختلاطات المحيطة بذرى الأسنان(15).
كان ابن سينا (370 - 428هـ/980 – 1037م) واضحًا دقيقًا في تحديده الغاية والهدف من مداواة نخور الأسنان حين قال: "الغرض من علاج التآكل منع الزيادة على ما تآكل؛ وذلك بتنقية الجوهر الفاسد منه وتحليل المادة المؤدية إلى ذلك". ونلاحظ أن المبدأ الأساسي لمداواة الأسنان هو المحافظة عليها (conservative dentistry)، وذلك بإعداد الحفرة إعدادًا فنيًّا ملائمًا مع رفع الأجزاء النخرة منها، ثم يعمد إلى ملئها بالمادة الحاشية المناسبة لتعويض الضياع المادي الذي تعرضت له السن، مما يعيدها بالتالي إلى أداء وظيفتها الغريزية من جديد.

الحشو المستخدم
أما المواد الحاشية التي استخدمها الأطباء العرب القدامى فهي عديدة منها:
المصطكي: وتسمى أيضًا العلك الرومي (Pistacia Lentica) وهي نوع من أنواع الصموغ البيضاء، الناعمة، الطيبة الرائحة، ذات اللدونة، المائلة إلى المرارة، وشرح أبو الحسن الطبري الذي عاش في القرن الرابع الهجري لطريقة استخدامها في كتابه (المعالجات البقراطية)، فقال: "ويستعمل المصطكي، فيسدون الثقبة به، بأن يذوب المصطكي ويُعْجَن ثم يعملون منه شكلاً على استدارة الثقب فيجعلونه فيها، ويمرون على الفاضل من المصطكي حديدة مُحماة".
وعرف الأطباء المسلمون الحَشْوات المصبوبة، وهي شكل من أشكال الترميم السني الذي تعوض فيه النسيج السنية المتخربة أو الضائعة بكتلة معدنية ترجع في طبيعتها إلى أحد الخلائط المعدنية غير الصدئة وبخاصة الخلائط الذهبية منها، واستخدم الأطباء المسلمين لصنعها عظام الحيوانات أو العاج، ويشرح هذه الطريقة أبو الحسن الطبري فيقول: "ومن الأطباء من ينحت من عظام الفيل جسمًا مدملجًا عريض الرأس لطيفًا فيهندمونه في الثقبة".
أما في الحالة التي ينفذ فيها النخر داخل طبقات السن، ويؤدي إلى انكشاف اللُّب والتهابه، وبالتالي حصول الألم الشديد الذي يتوافق مع هذه الحالة، وإذا ما جُسَّت الناحية بالمسبر نَفَذَ داخل الكتلة العاجية المتلينة مثيرًا ألمًا واضحًا يُؤكد تشخيص الإصابة(16).



مع الإنترنت :
www.alnoor-world.com
www.google.com
www.bnseena.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق