السبت، 22 فبراير 2014

قطاع السكن في المغرب العقاري والسكني




المغرب : الضغط المكثف على القطاع العقاري والسكني يهدد السوق
الأسعار في ارتفاع مستمر رغم جهود الإعمار في المنطقة
 
قال باحثون اقتصاديون ان الحركة الاقتصادية التي تشهدها مناطق شمال المغرب، وخصوصا جهة طنجة - تطوان، تهدد بتكثيف الضغط على الأرصدة العقارية الموجودة والضعيفة اصلا في المنطقة، لخلق حالة من الندرة تهدد النمو المتوازن، على شاكلة ما حدث خلال تطور مدينة الدار البيضاء المغربية في العقود السابقة. وقد عالجت الدولة آنذاك المسألة بتعبئة الرصيد العقاري العمومي واطلاق برامج السكن الاقتصادي. غير ان نفس الامر لا يمكن توقع تكراره في شمال المغرب، لقلة ما يملكه القطاع العمومي من عقارات، ولتزايد نشاط الوسطاء والمضاربين المركّز على اطراف المدن. ولم تفلح برامج السكن المكثف المنجزة في طنجة في دفع الاسعار الى الاستقرار، مما احدث انطباعا عاما بالندرة وبدأ يدفع الأسعار الى أعلى دون توقف،خاصة مع مجموع المشاريع الهيكلية والسياحية التي تشهدها سواحل شمال المغرب وحمى الشراء المستشرية بها حاليا، وهو ما يمكن ان يتحول الى عنصر تثبيط وتنفير للمستثمرين مستقبلا ،اذا اخذت الامور نفس الوجهة التصاعدية. وفي تطوان، ورغم ان المدينة لم تعرف تصاعد قيمة العقارات السكنية بنفس الوتيرة، فان الأسعار في أطرافها الساحلية التي اكتست طابعا سياحيا في السنوات الاخيرة، خاصة مع الاعلان عن منطقة "تمودا باي"، آخذة في الارتفاع في محيط مرتيل وطريق سبتة المحتلة وطريق طنجة.وكان التوسع العمراني وطفرة البناء قد أصبحا يهددان في السنوات الأخيرة اجراءات السلامة في مطار تطوان، مما اضطر السلطات للتقليص من مدرج هبوط الطائرات به، بعدما فكرت في الاستغناء عنه تماما بسبب اقتراب العمارات العالية منه. كما ان الضغط العقاري أصبح واضحا للعيان في المراكز الحضرية الجديدة مثل الفنيدق والمضيق. ولمواجهة هذه الوضعية التي تهدد بالافلات من السيطرة في ظل الحكومة الحالية التي جعلت من شعار حل ازمة السكن احد رهاناتها، قامت السلطات في المنطقة بفتح 15 الف هكتار من مناطق التعمير الجديدة، محاولة التخفيف من الضغط الديموغرافي الواقع على هذا الجزء من شمال المغرب. وتم تخصيص ثلثي الرصيد المذكور لمحيط مدينة طنجة. ويهدف هذا الاجراء الى ضمان احتياطي عقاري يمكن ان يواكب تطور مدن شمال المغرب في السنوات المقبلة. كما تم في نفس السياق الإعلان عن خلق مجموعة من المراكز الحضرية الجديدة التي هي عبارة عن مدن صغرى متكاملة وهي: اكزناية الجديدة، القصر الصغير او قصر المجاز وملوسة. ويتكون المركز الحضري ملوسة وحده من 2000 هكتار موجّهة للتعمير ولتكون قاعدة خلفية لمجموع المناطق الصناعية الحرة التابعة للميناء المتوسطي الجديد التي ستفتتح بها. ولا يبعد هذا المركز الا 15 كيلومترا عن جنوب شرق طنجة. وهو ما يفسر حمى الشراء والمضاربة التي اتجهت نحو الأراضي في المحيط القروي المجاور لمدينة البوغاز. اما اكزناية الجديدة، التي تقع الى الغرب من طنجة، فتضم رصيدا عقاريا يمتد على 1070 هكتارا موجها للتعمير يوجد على بعد كيلومترات قليلة من وسط المدينة ومن المنطقة الحرة "تيفزيد". لذا من المتوقع ان تتحول بسرعة الى مدينة تأوي العاملين في المناطق الصناعية المجاورة المذكورة بطاقة استيعاب تبلغ 55 الف نسمة مع كافة التجهيزات الضرورية لهم. وقد استقطبت مجموعة من كبار الفاعلين العقاريين في المغرب، وعلى رأسهم شركة "الضحى" التي تبني بها 18 الف سكن في الفترة الحالية. فيما يشكل المركز الحضري "قصر المجاز" أصعب الحلقات التعميرية نظرا لصعوبة تجهيز أراضيه بسبب بنية تضاريسها المتفاوتة الارتفاع، رغم جماليتها الخاصة بسبب اطلالتها على البحر المتوسط. ويهدف مخطط التعمير لتحويل هذا المركز الى قطب حضري والى عاصمة لعمالة فحص انجرة التي يقع الميناء المتوسطي الجديد داخل نفوذها الترابي.
كما سيتم افتتاح مناطق جديدة للتعمير بجوار جماعة مقاطعة بني مكادة على أراضي تابعة للأملاك المخزنية والخواص بغرض حل مشكل السكن العشوائي الذي تعاني منه هذه الجماعة، وتهيئة مجالات اخرى للتعمير في جماعات الشرف - مغوغة والسواني تتوزع ميادين النشاط بها على السكن والسياحة والصناعة.
وتحظى مناطق التعمير الموجهة للسياحة بأحسن المواقع في المجهود العام الموجه للتعمير بالمنطقة رغم ان المساحة الاجمالية المخصصة لها لا تتعدى 670 هكتارا. فالمنطقة السياحية الاولى الموجودة بين طنجة واصيلة على الطريق الوطنية رقم 1، والتي تضم في نطاقها محيط ملعب طنجة الجديد ومطار ابن بطوطة الدولي، تتمتع منذ الآن بتغطية جيدة من حيث شبكات الماء والكهرباء والتطهير.
في مدينة تطوان المجاورة، التي عرفت في الفترة الاخيرة انطلاقة العمل على اعادة تأهيل مجالها الحضري، تعتزم السلطات فتح 1500 هكتار جديد في وجه التعمير في محيط المدينة وضواحيها،خاصة في الفضاء الفاصل بينها وبين مارتيل المكون من سهل مفتوح مجاور للمطار يجري العمل على اعداد تصميم تنطيقه من طرف الوكالة الحضرية لتطوان. ويعتزم المسؤولون ان تتم تهيئة سهل مارتيل بحيث يتضمن نواة حضرية متكاملة بمدارسها واسواقها واربعة مستوصفات ومساحات خضراء. اما سواحل تطوان فتعرف حركية كبيرة من حيث المؤسسات السياحية بعدما استفادت من ربطها بالطريق الوطنية وبالشبكة الوطنية للطرق السيارة. وهي الاستفادة التي ستتعزز مع افتتاح البنية الطرقية الرابطة بين الميناء المتوسطي والمنطقة وباقي التراب المغربي.
الا انه، ورغم المجهود التعميري الواضح الذي تم بذله في المنطقة والمشاريع التنموية والاستثمارات التي تدفقت عليها، فإنها تظل مهددة بان تعرف نمط تطور عقاري ومعماري يسير بإيقاع يهزم القدرة الشرائية للسكان المقيمين والوافدين، ويعيد التجربة الصعبة للدار البيضاء التي تحولت الى أول قطب صناعي في المغرب من غير ان تكون قادرة على استيعاب العمالة الوافدة عليها. مما أدى الى ظهور مناطق السكن الصفيحي في العقود السابقة. وفي حالة طنجة ومناطق شمال المغرب، يبدو الضغط على العقار مضاعفا اليوم بسبب الاستثمار الصناعي والسياحي من جهة، وكذا بسبب اتجاه الأوروبيين الى شراء اقامات ثانوية بها نظرا لقربها من الأندلس ولتحسن صورة المغرب بعد إصلاحات السنوات الأخيرة الامر الذي يهدد، في حالة عجز المغاربة عن الدخول الى مجال ملكية السكن، بتكرار" متلازمة الدار البيضاء"، وبنفخ الروح من جديد في مارد السكن العشوائي في ضواحي مدن شمال المغرب، مثلما حدث في مدن الوسط قبل سنوات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق