إن مسألة
الوظيفة
العامة لم يعد أمرا استثنائيا في حياة الموظفين – كما كان الحال عليه في
الماضي – و لم يعد في وسع أي شخص أن يتجنب التعامل مع الموظف العام.
فقد أصبحت الوظيفة العامة جزءا من حياة
المواطن من ميلاده إلى وفاته، يدخل الحياة بشهادة ميلاد، و يخرج منها بشهادة وفاة
، و كلاهما يقوم بتحريرهما موظف عام بصفة رسمية، حتى تترتب عليها الآثار
القانونية.
و قد نصت أغلب الدول في دساتيرها على أن
الوظائف العامة حقا للموظفين ، يطبق على قدم المساواة، و ذلك بموجب لإعلان العالمي
لحقوق الإنسان في 1791 الذي نص على حق
التوظيف و المساواة في تولي الوظائف العامة قدراتهم دون تمييز بينهم لغير كفاءتم.
يتساوى جميع الموظفين في تقلد المهام و الوظائف في
الدول دون أية شروط، غير الشروط التي يحددها القانون".
في كل مرة تقوم الدول بإصلاح أجهزتها الإدارية ، محاولة تحقيق أفضل النتائج في
رفع الكفاءة الإنتاجية في هذه الأجهزة.
تطبيق نظام الوظيفة العامة في الجزائر:
يمكن
تقسيم تطبيق نظام الوظيفة العامة إلى مرحلتين في الجزائر، فالمرحلة الأولى في عهد
الاستعمار ، و المرحلة الثانية بعد الاستقلال.
1)
مرحلة الاستعمار:
في هذه الفترة عرفت الجزائر النظام الفرنسي حيث امتد تطبيق
القانون المتعلق بهذه الوظيفة الصادر في 19/10/1946 إلى
الجزائر، مع بعض الاستثناءات التي اقتضتها ضرورة التطبيق العاملي، و هذا راجع إلى
عدة عوامل و أسباب ، منها أن الوظيفة العامة كانت حكرا على الفرنسيين فقط.
و في عام 1956 وضعت بعض
النصوص في نظام التوظيف لتسل التصاق الجزائريين بالوظيفة العامة ، و استمر الوضع
على هذه
الحالة إلى غاية 1959 حيث صدر نظام جديد لها
في فرنسا في 4 فيفري من نفس العام، و قد امتد تطبيقه
إلى الجزائر أيضا بموجب المرسوم الصادر في 2 أوت 1960، و الذي استمر به العمل إلى غاية الاستقلال.
2)
مرحلة الاستقلال:
بعد الاستقلال بدأت الحكومة مهامها، و كان
الأمر جد صعد. و من المهام الصعبة التي واجهت الحكومة ، مهمة الإصلاح الإداري في
الدولة، فالإدارة لم تكن قد تهيأت بعد لتحقيق هذا الإصلاح ، حيث لم يكن هناك من
الموظفين العموميين الجزائريين إلا عدد قليل جدا تنقصهم الخبرة و الكفاءة، و قد
كلفوا بتطبيق التشريعات الفرنسية الكثيرة و المعقدة بالنسبة لهم، مما أدى إلى تفشي
البيروقراطية في أعمال الوظيفة العامة. و من ثم بدأ التفكير لتنظيم جديد لهذه
الوظيفة، فشكلت لجنة وزارية تتكون من وزارتي المالية و الداخلية لوضع
القانون الأساسي للوظيفة العامة فأعدت مشروع قانون عرض في جانفي 1965 على مختلف الوزارات ، و حزب جبهة التحرير الوطني ، و كذا
النقابات المهنية لإبداء رأيها في المشروع ، ثم عرض بعد ذلك على مجلس الوزراء
للمناقشة في أفريل 1966 ، ثم ناقشه مجلس
قيادة الثورة في ماي 1966 ، و صدر في 2
جوان 1966 ، و هو ما يعرف بالمرسوم رقم 66/133 المتضمن قانون الوظيفة العمومية.
هذا
القانون تضمن الأسس و المبادئ العامة للوظيفة العامة تاركا مهمة تحديد نماذج
التطبيق للقطاعات المعنية.
خلاصة:
يمكن القول أن أول تشريع للوظيف العمومي في فترة الاستقلال كان في سنة 1966، و هو المرسوم الشهير 66/133 بتاريخ 02-06-1966 ، الصادر في الجريدة الرسمية رقم 46
من نفس السنة ، و قد كان ساري المفعول و النفاذ إلى غاية سنة 85
حيث بدأت في اوائل الثمانينات تصدر القوانين و التشريعات محاولة وضع انسجام في
الرؤية بين القوانين التي تحكم عالم الشغل بين قانون الوظيف العمومي، و هذا ما ظهر
في المرسوم 85/59 المتضمن القانون
الأساسي النموذجي لعمال المؤسسات و الإدارات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق