الخميس، 20 فبراير 2014

ظهور نظريات سياسية جديدة في عصر النهضة



ظهور نظريات سياسية جديدة :
عصفت النهضة بنظرية سياسية ظلت سائدة في أوربا طوال العصور الوسطى وهي أن العالم المسيحي يشكل وحدة عامة سياسية ودينية , ويخضع لقوتين هما : البابا الرئيس الديني الأعلى . والإمبراطور وهو إمبراطور الدولة الرومانية المقدسة , وهو الرئيس الأعلى للسلطة الزمنية والمسئول عن الأمن والمنفذ لأوامر الكنيسة . ويجب على كل فرد طاعتهما طاعة عمياء . فلما جاءت النهضة واتسعت الآفاق العقلية أمام الباحثين أخذوا يفكرون ملياً في النظريات والأنظمة السياسية ومدى صلاحيتها لتحقيق الرفاهية للمحكومين وقدرتها على مسايرة التغيرات العميقة التي طرأت على شتى مناحي الحياة الأوربية , ومن ثم ظهرت نظريات سياسية كان بعضها معروفاً من قبل ومارسها بعض الملوك ممارسة جزئية مثل لويس الحادي عشر ملك فرنسا , وتبيح هذه النظرية استخدام كافة الوسائل الخلقية وغير الخلقية لتحقيق أهداف الحاكم , وفيها تحريض سافر له على تجاهل تعاليم الأديان السماوية ونبذ الأخلاق وإخضاع جميع المبادئ للمصلحة السياسية . ولكن الجديد فيها أن سياسياً من فلورنسا بإيطاليا هو مكيافيلي وجد في نفسه الجرأة على تسجيلها في كتابه ( الأمير ) مطالباً بتطبيق هذه السياسة تطبيقاً حرفياً لتنفيذ الوحدة الإيطالية التي كانت تهفو إليها نفسه , ولذلك يرى البعض أن طريقة مكيافيلي ولو أنها ليست جديدة إلا أنها تعتبر حدثاً هاماً في تاريخ الفكر السياسي , لأن هذا الفكر ظل طوال العصور ذا طابع ديني مسيحي لتأثره بتعاليم الكنيسة . أما كتابة مكيافيلي فهي بداية عهد جديد للتفكير السياسي.
ونادى سياسي إنجليزي هو : توماس مور بنظرية تقول إن الهدف من قيام الحكومة هو السهر على مصالح المحكومين و وتأسيساً على هذه النظرية بسطاً رائعاً في كتابه ( عالم الكمال Utopia ) صور فيه الدولة المثالية وشرح أنظمتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية شرحاً طريفاً سنعرض له مع كتاب الأمير وكتاب ثالث في الفصل القادم .
تحطيم الحواجز الطائفية:
كان كل فرد في العصور الوسطى ينتمي إلى نقابة او طائفة سواء كان طبيباً أو تاجراً أو صانعاً أو قصاباً أو خبازاً أو نجاراً . وبازدياد التخصص في الصناعة والتجارة ازداد عدد النقابات والطوائف وبخاصة في المدن بحيث شملت جميع المهن والصناعات والحرف . وكانت كل نقابة او طائفة تفرض على العضو الذي ينتمي إليها قيوداً ثقيلة في اتصاله بالمجتمع . بل وفي نظام معيشته وملبسه وأسلوبه في العمل , وكان هذا النظام صارماً , ولم يكن في مقدور العضو أن يتحلل منه , بل أصبح بمثابة آلة تسير وتتحرك داخل نطاق القيود المفروضة عليه , وانتهى به الأمر إلى أن أصبح مسلوب الشخصية سليب الإرادة . فلما جاءت النهضة حطمت الحواجز التي كانت تحول دون الاندماج الطليق للفرد في المجتمع واسترد حريته بعد نبذ ولاءه الطبقي للهيئة التي كان ينتمي إليه,وأصبح يمارس نشاطه المهني أو الصناعي او التجاري حراً من كل قيد . واعتقد أن هذا التحرر يعود عليه بمكاسب عديدة , فهو يحقق له مزيداً من الربح , وهو يوسع دائرة معلوماته وينشئ له صلات بزملائه خارج المدينة التي هو فيها , ويوثق اتصالاته بسائر طبقات المجتمع , كما ان الحرية تتمشى مع الاتجاهات التحررية التي أتت بها النهضة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق