نماذج من جرائم الابادة في
الجزائر إبان الاحتلال الفرنسي
يعترف
احد القادة العسكريين الفرنسيين في واحد من تقاريره قائلا " إننا دمرنا تدميرا
كاملا جميع القرى و الأشجار و الحقول و الخسائر التي ألحقتها فرقنا بأولئك السكان
لا تقدر "
فسر الجنرال بيجو عدم احترام الجيش الفرنسي
للقواعد الإنسانية في تعامله مع الجزائريين الى احترام هذه القواعد يؤدي الى تأخير
عملية احتلال الجزائر ، وهذا اعتراف صريح على ممارسة الجيش الفرنسي لأسلوب الابادة
و النهب و التهجير تجاه الجزائريين .
ومما
لا شك فيه ان تلك العقلية العسكرية للجيش الفرنسي قد غلبت عليها النزعة العدوانية
الوحشية الى درجة ان المرء لا يستغرب التسمية شبه الرسمية التي أطلقها القائد
السفاح montaniac " " على جنوده و هي
مشاة الموت ، كما انه لا يستغرب إذ تجد كبار الضباط و المؤرخين يطلقون على طوابير
التخريب التي سلطها بيجو على الجزائر تسمية الطوابير الجهنمية .
و لا غرابة في افتخار " " saint arnaud في رسائله ، بانه محى من الوجود عدة قرى ، واقام
في طريقه جبالا من جثث القتلى . و لما لام
البرلمان الفرنسي الجنرال بيجو عن الجرائم التي مارسها ضباطه و جنوده على الجزائر ، رد على وزير حربيته قائلا
: " و أنا أرى بان مراعاة القواعد الإنسانية تجعل الحرب في أفريقيا تمتد الى
ما لا نهاية .
و لم تنحصر عملية ابادة الجنس البشري على منطقة
محددة في الجزائر بل أصبحت هواية كل قائد عسكري ، اوكلت له مهمة بسط نفوذ فرنسا و
رسالتها الحضارية . و من اشهر الابادات التي وقعت آنذاك نجد :
المـطلـب الاول
مذبحة
العوفية
اقترنت
هذه المذبحة الفضيعة بإحدى القبائل العربية التي كانت تقطن عند وادي الحراش ،
والتي تعرضت في ليلة السابع من شهر افريل 1832 الى ابادة جماعية على يد المجرم
الدوق di rofigo و قواته العسكرية ، وبحكم انه فرنسي أصيل نتدرب
على القتل و وفيل لحضارته فقد قام بابادة هذه القبيلة التي تشير المصادر الى ان
عدد أفرادها وصل 12000 نسمة أبيدوا عن أخرهم . كون هذا السفاح قد اشتبه فيهم
وقوفهم وراء سرقة أمتعة المبعوثين الذين أرسلهم عميل الفرنسيين فرحات بن سعيد بمنطقة الزيبان الى الدوق di
rofigo ، ورغم التعرف على براءة
القبيلة من التهم المنسوبة إليها إلا ان
شيخ القبيلة اعدم هو الأخر و اعطيت رأسه
الى الطبيب beaunafon
ليجري تجارب عليها . و قد وصف حمدان بن عثمان خوجة مذبحة العوفية بقوله : "
تلك الفضيحة ستكون صفحة سوداء في تاريخ الشعوب ، والتي لا يصدق الكثير وقعت في
القرن التاسع عشر عهد الحرية و الحضارة الأوربية " .
المطلب الثاني
مذبحة غار الفراشيش
جاءت
هذه المذبحة بعد مشاركة قبيلة أولاد رياح في انتفاضة جبال الظهرة 1845 و التي شارك
في إخمادها كل من بيجو و saint arnaud ، زيادة على العقيد bilisier . هذا الأخير تتبع هذه القبيلة فقام بتحطيم أملاكها مما دفع
بالقبيلة الى الفرار ناحية غار محصن نوعا ما
ويسمى غار الفراشيش للاحتماء به ، وكان عدد أفراد القبيلة أكثر من 1000 شخص
رجالا و نساءا و اطفالا مع حيواناتهم .
حاصر bilisier و جنوده الغار من جميع الجهات و طلب من القبيلة الاستسلام فاجابته بالرصاص، واهتدى الى خطة لإرغامها على
الخروج من الغار و الاستسلام . فقد جلب أكداس الحطب و أحاط بها الغار و اخذ في إيقادها
عند المداخل ، ومضى اليوم الأول يوم 17/18 جانفي دون خروج احد ، ولما حل الليل جلب
bilisier
تعزيزات إضافية و ضاعف من إيقاد النار . و في اليوم الثالث و قع انفجار مهول في
الغار و كان ذلك إعلانا باختناق ما يزيد عن 1000 شخص في الغار الذي تحاصره النيران
و الدخان منذ يومين و ليلتين ، وقد كانت الحصيلة مهولة .
و اتفق اغلب الكتاب على ان عدد المختنقين قد
تجاوز الألف ، إلا ان تقرير bilisier يذكر 600. و لاحظ احدهم ان التقرير لم يأخذ في الحسبان الأطفال
الرضع الذين كانوا ملتصقين بأثداء أمهاتهم و داخل ثيابهم كما انه أهمل عدد الجثث
التي كانت متراكمة فوق بعضها ، كما لاحظ كاتب آخر ان الغار لم يفرغ كله من
المختنقين لعدهم بل بقي بعض المخلفات البشرية .
و قد حاولت السلطات الاستعمارية إخفاء حجم
الجريمة بالتكتم عن التقرير الذي أرسله bilisier و عدم نشره ، أما بيجو فقد امتدح
ضابطه على ما قام به تجاه قبيلة رياح .
المطلب الثالث
مجزرة قبائل السبيعة
اقترنت هذه المذبحة السفاح الكولونيل kaviniak الذي طبق لأول مرة طريقة جديدة هي الإعدام الجماعي في
غرف الغار ، وكانت الضحية هي قبائل السبيعة التي كانت تقطن الضفة اليسرى من نهلا
الشلف . ففي عام 1844 خرج الكولونيل بقوة عسكرية متوجها الى قبائل السبيعة الآمنة
، التي ما ان شعرت بالخطر حتى فرت الى إحدى المغارات و اعتصمت بها رافضة الاستسلام
، وما ان وصلت قوات الاحتلال حتى قامت بمحاصرة المغارات ، وعندها أصدر kaviniak أوامره بالهجوم على المغارات و سد
مداخلها بتفجير لغم و هدمه حتى لا يتسنى لأفراد القبيلة الخروج منها ، وقد قام
جنوده كذلك و بأمر منه بإشعال نار كبيرة عند المدخل ، وكان ذلك عام 1844 . وقد قال
روسي عن هذه المجزرة مايلي " و في اليوم
التالي اضطر المحاصرون الذين مات
اغلبهم اختناقا الى الخروج ... ليجدوا رصاص kaviniak في
انتظارهم .
تعتبر هذه الجرائم موجه ضد الإنسانية على أساس إنها جرائم تنتهك حقوق الإنسان . وقد
حددت هذه الجرائم مبادئ محكمة نورنبرغ في أنها تعد جرائم دولية ترتكب عمدا ضد الإنسانية وهي
بمثابة جرائم كبرى وخطيرة يعد فاعلها مجرما دوليا خطيرا .
ان من أفظع الجرائم الابادة الجماعية . ان
المسؤول الأعلى عن كل ابادة جماعية هي الدولة التي وقعت تحت مسؤوليتها الجريمة و
هذا ما قررته محكمة الشعوب الدائمة المنعقدة بباريس في افريل 1984 ، فما هو حظ
مرتكبي الجرائم و الأعمال الوحشية و الابادة الجماعية ضد الجزائريين ؟ و هل من
حقنا نحن كجزائريين ان نطالب السلطات الفرنسية الحالية بحقوق الضحايا المادية و
المعنوية ، ام ننسى اننا قد خنا ذكرى هؤلاء الشهداء و لم ننصف العدالة و الحقيقة
التاريخية بمحاكمتنا للمجرم ايا كان .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق