السبت، 22 فبراير 2014

استقلال المغرب



استقلال المغرب
في 18 نوفمبر عام 1927، تربع الملك محمد الخامس على العرش وهو في الثامنة عشرة من عمره، وفي عهده خاض المغرب المعركة الحاسمة من أجل الاستقلال عن الحماية. في 11 يناير 1944 تم تقديم وثيقة المطالبة بإنهاء حماية المغرب واسترجاع وحدته الترابية وسيادته الوطنية الكاملة. في 9 أبريل 1947 زار محمد الخامس مدينة طنجة حيث ألقى بها خطاب طنجة الذي أدى إلى تصعيد المقاومة (جيش التحرير) لإنهاء الحماية. في 20 غشت 1953 نفي محمد الخامس والأسرة الملكية إلى مدغشقر واندلع بالمغرب ما يعرف بثورة الملك والشعب.
في 16 نونبر 1955 عاد محمد الخامس والأسرة الملكية من المنفى. وفي 2 مارس 1956 اعترفت الحكومة الفرنسية باستقلال المملكة المغربية في التصريح المشترك الموقع بين محمد الخامس والحكومة الفرنسية، وفي 7 أبريل 1956 تم التوقيع مع اسبانيا على اتفاقيات تم بموجبها استرجاع المغرب لأراضيه في الشمال، وفي اليوم 22 من نفس الشهر انضم المغرب إلى منظمة الأمم المتحدة، وفي عام 1958 استرجع المغرب إقليم طرفاية من الاحتلال الأسباني وتم إلغاء القانون الذي تم بمقتضاه تدويل مدينة طنجة. وفي 26 فبراير 1961 توفي محمد الخامس.
استقلال المغرب وجيش التحرير
كان وصول المغرب إلى الاستقلال في مارس - أبريل 1956 ، والنداءات إلى الانتفاضة المعلنة من قبل قادة جيش التحرير بجنوب المغرب، هما ما حدا بالصحراويين للإنتفاض لأول مرة منذ التهدئة العسكرية سنة 1934. كان جيش التحرير حركة حرب أنصار قروية بدأت في تجنيد مقاتلين في جبال الريف والأطلس المتوسط خلال صيف 1955 بعد سنتين من تنحية محمد الخامس تعسفا من قبل الفرنسيين ونفيه إلى مدغشقر، بسبب تعاونه مع حزب الاستقلال. كان جيش التحرير قد قام في أكتوبر 1955 بانتفاضة في الريف وبعض أقسام الأطلس المتوسط، وأسر عددا كبيرا من الجنود الفرنسيين. وقد كانت جبهة التحرير الجزائرية قد شرعت هي أيضا في كفاح مسلح سنة 1954؛ لذلك قررت الحكومة الفرنسية، من أجل تفادي حرب على جبهتين، أن تسعى إلى مساومة مع محمد الخامس الذي أعادته من مدغشقر يوم 31 أكتوبر وسمحت له، بعد محادثات في فرنسا، بعودة مظفرة إلى المغرب يوم 16 نونبر . لكن بدل القاء السلاح بعد هذا النصر الأول، شدد جيش التحرير ضغطه على فرنسا بينما تتواصل المفاوضات بين الحكومة الفرنسية والسلطان. جرى قتل القياد( جمع قايد) الذين لم يبدوا حماسة وطنية، وتم أسر العديد من الجنود الفرنسيين في وجدة . وسريعا ما تعززت حركة حرب العصابات قوة ووزنا، سيما بعد دمج عدد كبير من قدماء القوات المساعدة التابعين للقوات المسلحة الفرنسية، الكوم والمخازنية، الذين تخلى عنهم الجيش الفرنسي في فبراير 1956. كان جيش التحرير، لما أنهت فرنسا الحماية واعترفت باستقلال المغرب يوم 3 مارس، يسيطر على جزء كبير من الريف وجبال الأطلس وأقصى جنوب المغرب.
بعد تخلي فرنسا عن حمايتها، لم يبق لدى الحكومة الاسبانية، التي واجهت خلال الخمسينات تنامي الحركة الوطنية المغربية بحدة اقل بكثير مما فعلت السلطات الفرنسية، بديل آخر غير أن تحدو حدو فرنسا. شرع السلطان في مفاوضات مع فرانكو في مدريد، و يوم 7 أبريل 1956 اعترفت الحكومة الاسبانية بسيادة المغرب الكاملة والتزمت " باحترام الوحدة الترابية للملكة التي تضمنها الاتفاقات الدولية " (1) . غير أن فرانكو كان مصمما على الحفاظ على ما بقي لاسبانيا من مستعمرات في أفريقيا ، بما في ذلك غرب افريقيا الاسباني. واسندت إدارتها لمكتب جديد ، la Direccion General de Plazas y Provincias Africanas التي عوضت la Direcciôn Gencral de Marruccos y Colonias التي الغيت يوم 21 غشت (2) . لم يكن فرنكو آنذاك مستعدا، لا سياسيا ولا ايديولوجيا، لقبول امكان تخلي اسبانيا عن " مهمتها الاستعمارية" في أفريقيا، وكان فضلا عن ذلك بحاجة إلى قاعدة آخرى للفيف الأجنبي الذي سينسحب من شمال المغرب. لم تكن القوات الاسبانية المرابطة هناك تقل عن 175000 رجل منهم 65000 إسباني، ولم يكن الضباط راضين بنهاية الحماية. جرى انزال وحدات عديدة في إفني وفي الصحراء أو في جزر كناريا. علاوة على أنه، رغم انعدام أي قيمة اقتصادية لافني، كان الجنرال فرانكو يعلم منذ سنوات عديدة أن باطن أرض الصحراء الغربية ينطوي على ثروات معدنية هامة. التقى فراكو سنة 1950 خلال زيارة للعيون بعالم الجيولوجيا مانويل عاليا ميدينا، الذي اكتشف الفوسفاط في المنطقة سنة 1940 ؛ وفي سنة 1952 أحدثت Direcciôn General de Marruccos y Colonias مصلحة للمعادن ،Servicio Minero ، الذي استند مهمات اخرى للتنقيب عن الفوسفاط الى l’Adaro de Investigacioncs Mineras ،وهي هيئة مرتبطة ب L’I.N.I. (المعهد الوطني للصناعة) (3) . وأخيرا كانت الموارد السمكية للساحل الأطلسي الصحراوي ثمينة للغاية بالنسبة لجزر كاناريا. أعلن نظام فرانكو أن له حقوقا شرعية للبقاء في إيفني وفي الصحراء الغربية. قال إن إيفني سلمت " إلى الأبد" بموجب معاهدة إسبانية- مغربية سنة 1860 ، وإن لإسبانيا سيادة مطلقة على الساقية الحمراء ووادي الذهب بموجب اتفاقات فرنسية - اسبانية لسنة 1904 و 1912 . لم يعترف الجنرال فرانكو بحقوق للمغرب سوى في جنوب المغرب الاسباني ، الذي كان أدمج في منطقة الحماية الاسبانية بموجب اتفاقية سنة 1912 وانسحب في أبريل 1958 .
غير أن خبر نجاح الكفاح من أجل الاستقلال في المغرب وصل بسرعة إلى الصحراء. كان رحل الصحراء الغربية والمناطق المجاورة يترددون بكثرة على كولميم أو أسواق واد نون وباني الأخرى: هناك علموا أن مقاتلي حرب العصابات يسيطرون على جزء كبير من الريف المغربي . تكونت نواة لحرب العصابات في بداية الأمر جنوب المغرب سنة 1954 في تزنيت من طرف إبراهيم النمري (إبراهيم تزنيتي )، لكنها لم تصبح حركة جماهيرية حقيقية إلا سنة 1956. وأثناء ندوة عقدت في مدريد من طرف زعماء جيش التحرير في يناير 1956، أحدثت ثلاث مناطق عملياتية، في الريف وفي الأطلس المتوسط والأطلس الكبير وفي الجنوب حيث سلمت قيادته العامة لبنحمو المسفيوي، قائد سابق لحرب العصابات في الريف. عندما قام المخازنية والكوم، غالبا بعد نهب مستودعات الاسلحة، بالانضمام بقوات جيش التحرير أصبح هذا سيدا على جزء كبير من جنوب سوس والأطلس الصغير والمناطق الواقعة جنوب تلك الجبال خلال ربيع 1956 ، مقيما المراكز الرئيسية لقيادته العامة في تزنيت و بويزكارن و كولميم. كان بعض الضباط الفرنسيين باقين في تلك المناطق بأماكن معزولة: أختطف إثنان منهم في يونيو وفي أكتوبر 1956 ولن يظهر لهها اثر أبدا(4).
كان على حكومة الملك محمد الخامس بالرباط ان تنتظر سنتين بعد نهاية الحماية كي تتمكن من السيطرة شيئا ما على الأحداث التي تجرى في تلك المناطق. رغم ذلك لم يرغب محمد الخامس في الترخيص للجيش الفرنسي، الذي لازال آلاف من جنوده بالمغرب، لاعادة ارساءالنظام بالجنوب لأنه يخشى أن يثير بذلك غضب الوطنيين ؛ وبمعنى ما، لم يكن مغتاظا إلا خلال سنة 1956 ، عندما ركز جيش التحرير عملياته في أقصى جنوب مملكته أي بعيدا عن مراكز البلد الكبرى الاهلة بالسكان. بيد أنه لم يكن ُينظر الى قادة حرب العصابات بعين الرضا لا من طرف زعماء حزب الاستقلال، الذين لقوا صعوبات جمة في محاولة اخضاعهم لسلطة الحزب أو من طرف القصر، الذي اعتبر أؤلئك "غير النظاميين" خطرا كامنا على الملكية وسعى الى دمجهم في الجيش النظامي الجديد، القوات المسلحة الملكية (F.A.R). كانت القوات المسلحة الملكية غداة تأسيسها سنة 1956 مكونة من الوحدات المغربية القديمة في الجيش الفرنسي والاسباني وحوالي ألفين من الضباط وضباط الصف الفرنسيين، وكان رئيس هيئة أركانها ولي العهد الامير الحسن. كان كل قائد من جيش التحرير، يتمكن في جعل أكثر من مائة مقاوم يلقون السلاح ، ُيجازى بمنصب ضابط في صفوف الجيش النظامي. على هذا النحو التحق حوالي عشرة آلاف من قدماء جيش التحرير مع نهاية سنة 1956 بالقوات المسلحة الملكية ليصل بذلك عددها إلى ثلاثين ألف رجل(5). لكن كان ثمة آلاف من غير النظاميين الآخرين، لاسيما بالجنوب، رفضوا إلقاء السلاح والانضمام الى القوات المسلحة الملكية. لا بل كان العديد من قادة النضال ضد المحتل مصابين بخيبة امل بفعل مساومة محمد الخامس مع فرنسا بعد الاستقلال . " بدأ البعض يتساءل إذا لم تكن ثورتنا قد فشلت بعد الإعلان عن الاستقلال ، ذلك ما سجلته في غشت 1956 الهيئة العليا لجيش التحرير وحركة المقاومة بالمدن، أي المجلس الوطني للمقاومة. ليست الانتصارات التي حققناها لحد الآن انتصارات إلا بالقدر الذي نتج عنها تحرير السيادة المغربية في مجال الدبلوماسية والعدالة. ولم تتحقق التحولات المطلوبة في الوضع الداخلي، أكثر من ذلك لم يظهر أي تحول يستحق الذكر"(6). وبوجه خاص، كان قبول محمد الخامس لبقاء عدة آلاف من جنود فرنسا على تراب المغرب، بينما فرنسا تحارب جبهة التحرير الوطنية في الجزائر، قد أذهل كثيرين. في الواقع، كان نضال المغرب من أجل استقلاله يندرج، بنظر العديد من زعماء حرب العصابات، في نضال تحرر المنطقة المغاربية والعربية بوجه عام. وقد جرى في يونيو 1955 تشكيل لجنة تنسيق جيوش تحرير المنطقة المغاربية، وبعد استقلال المغرب، بدأت بعض مجموعات جيش التحرير المغربي تشارك في تزويد جبهة التحرير الوطني بالسلاح سريا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق