الاثنين، 24 فبراير 2014

اركان جريمة الابادة الجماعية المادية المعنوية الدولية



                              اركان جريمة الابادة الجماعية
     قلنا سابقا ان أركان الجريمة الدولية هي : الركن المادي الذي يقصد به الأفعال او الامتناع عن الأفعال التي تشكل جريمة دولية . و هناك الركن المعنوي الذي هو أن الجريمة الدولية ترتكب عمدا ( قصد جنائي ) وهو ما يدل على خطورة الجريمة الدولية التي تهز أركان المجتمع الدولي في أمنه وتهدد السلم العالمي . و هناك الركن الدولي .
                                             المـطلـب الاول
                                               الركن المادي
    تعددت المظاهر المادية لهذه الجريمة ، و بالتالي حسب المادة 2 من اتفاقية منع جريمة الابادة الجماعية  حددت ان أعمال الابادة هي :
- قتل اعضاء من الجماعة :
      و يقصد بها أعمال القتل التي يذهب ضحيتها مجموعة من أعضاء الجماعة ، الأمر الذي ينبئ عن وقوع و لو جزئية للجماعة . فالقتل مزجه للقضاء على الجماعة و على ذلك فان الابادة الجماعية لا يشترط لقيامها عدد معين من القتلى ، كما لا يشترط في القتلى ان يكونوا كبار او صغار ، رجالا او نساء ...
 ويستعمل في قتل الجماعات الغازات السامة او الإعدام او الدفن وهو أحياء او القصف بالطائرات او الصواريخ او باي وسيلة أخرى تزهق الروح .
- إلحاق أذى جسدي او روحي خطير بأعضاء من الجماعة :
     تشمل الابادة أيضا الاعتداءات الجسيمة التي تقع على الجماعة فتصيب أعضائها في سلامتهم الجسمية او العقلية .
و قد يتحقق ذلك بممارسة بعض أنواع القهر المادي او المعنوي المباشر على الجماعة ، كالضرب و التشويه ، التعذيب و الحجز ، ونشر الأوبئة او إجبارهم على القيام بأعمال معينة او بإعطائهم بعض المواد ، او تعريضهم الى مواقف قاسية و مرعبة . فالابادة هنا تعني كل عمل يفقد الجماعة هويتها او يشوه شخصيتها بحيث تصبح غير قادرة على الاستمرار الطبيعي في الحياة .(1)


 
1- عبد الله سليمان سليمان ، المقدمات الأساسية في القانون الدولي الجنائي ، الجزائر ، ديوان المطبوعات الجامعية ، 1992 ، ص 289.

- اخضاع الجماعة لظروف معيشية قاسية يراد منها تدميرها المادي كليا او جزئيا :
 و ذلك بهدف منع الجماعة من الاستمرار الطبيعي في الحياة . ويحدث ذلك بحصر الجماعة و اجبارهم
على العيش في بيئة معينة او في ظل ظروف مناخية محددة او إجبارهم على العيش في منطقة مجدبة و بالتالي تعريض الجماعة للموت البطيء .
- التدابير التي ترمي الى إعاقة النسل داخل الجماعة او الابادة البيولوجية :
    اذا ما خضعت تلك الجماعة لوسيلة من الوسائل التي تجعلها غير قادرة على النمو و التزايد ، اعتبر ذلك بمثابة الموت التدريجي للجماعة ، بهذا فان عمليات إعاقة النسل ( كتعقيم النساء و خصي الرجال ) هي أعمال لا تختلف مع أعمال القتل المنظم للجماعة من حيث غايتها .
- نقل الصغار قهرا من جماعتهم الى أخرى :
    و هو بمثابة تغيير مسيرة الحياة في الجماعة ، إذ يعد نقل الصغار من جماعتهم الى أخرى من قبيل التغريب الثقافي او الفكري ، حيث ان مستقبل الجماعة و استمرارها يكمن في صغارها ، فان نقلهم الى جماعة أخرى يعني وقف استمرارية الحياة على نحو طبيعي في تلك الجماعة .
و هناك نوع آخر من الابادة الجماعية يتمثل في الابادة الثقافية وتتمثل في تحريم التحدث باللغة الوطنية والاعتداء على الثقافة القومية . غير ان الأسرة الدولية لم تتجه بعد الى اعتبار هذا النوع من الابادة جديا وخطيرا ويؤدي الى الفناء ، على الرغم من هذا النوع من الابادة هو ابادة معنوية تدمر البشر وهي تؤدي الى الصهر والإذابة والتدمير وهو عمل غير مشروع .
                                       المـطلب الـثانـي
                                          الركن المعنوي
     يتطلب الركن المعنوي لهذه الجريمة ضرورة توافر القصد الجنائي الخاص فالجاني او الجناة يجب ان يكون على علم بأنه يقوم بعمل يؤدي الى تهديم كيان الجماعة و ابادتها ، ومع ذلك فلا يرتدع و إنما يواصل عمله بهدف الوصول الى الغاية .
و لا يكفي في هذه الجريمة ان يتوافر للجاني عنصري القصد الجنائي : العلم و الإرادة فقط . إذ يتطلب الركن المعنوي ان يكون مدفوعا بغرض محدد و تحركه أسباب معينة ترتبط بعوامل ذكرتها المادة 2 من الاتفاقية و هي أسباب قومية أو أثنية أو عنصرية أو دينية، فالفاعل هنا يكون مدفوعا بأغراض انتقامية و كيدية محصورة في هذه الأسباب دون غيرها .
وعليه فالقتل الجماعي لا يعد جريمة ابادة إلا إذا كان بدافع من هذه الدوافع ، وهذا ما يجعل القصد الجنائي في هذه الجريمة قصد جنائي خاص .
و يلاحظ ان الاتفاقية لم تأخذ الأسباب السياسية الى جانب الأسباب التي ذكرت ، إذ لا يعد القتل الجماعي الراجع لأسباب سياسية جريمة ابادة .
و حسب الأستاذ عبد الله سليمان سليمان فان هذه نقطة انتقاد للاتفاقية ، خاصة وان التاريخ عرف الكثير من الممارسات التي تعني قيام هذه الجريمة ضد جماعات تحمل أفكار سياسية تختلف مع أفكار أصحاب السلطة .
                                       المـطـلب الثـالث
                                           الركن الدولي
     غالبا ما تكون هذه الجريمة مدبرة ، ترتكب من قبل الحكام او فئات اجتماعية غالبة و بيدها السلطة او ترتبط ارتباطا وثيقا بالسلطة ضد فئات اجتماعية او عرقية او دينية مقهورة . و لا يعفي الحكام من المسؤولية تواريهم وراء فئات أخرى و دفعها لارتكاب الجريمة .
و تستمد هذه الجريمة صفتها الدولية من الأمور التالية :
- ان مرتكبها هو صاحب سلطة فعلية قائمة او من يرتبط بالسلطة الفعلية القائمة .
- كما ان موضوعها مصلحة دولية تتمثل في وجوب حماية الإنسان لذاته بغض النظر عن جنسه او دينه او العنصر الذي ينتسب إليه .
- و تجد هذه الجريمة مصدرها في الوثائق و المعاهدات الدولية التي تصت عليها و جرمتها .(1)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق