الأحد، 23 فبراير 2014

اسباب الرسوب الحلول العلاج لظاهرة الرسوب



التخلف الدراسي يكون على شكلين أساسيين :

1-        التخلف العام  : هو الضعف الظاهر لدى التلميذ في جميع المواد الدراسية .
  2 -  التخلف الخاص : هو الضعف الظاهر لدى التلميذ في مادة أوعدد قليل من المواد فقط ويعود الضعف الدراسي إلى عوامل متعددة تتفاوت في قوتها وتأثيرها بين فئات المتخلفين دراسيا ومنها :
1-2- أسباب الرسوب :
1-2-أ – الأسباب الذاتية :
التخلف العقلي ،ضعف الجهاز العصبي ،ضعف أو عجز في أجهزة  الكلام والنطق ،الخوف ، عدم الثقة بالنفس ....... لاشك أن ضعف قدرات التلميذ العقلية هي  القاعدة الأولى في التخلف الدراسي وأن  الترابط الكبير بين الضعف والذكاء والتخلف الدراسي يظهر في حالات التخلف العام لكن  مثل هذا الترابط قد يكون بالنسبة للمتخلف الخاص والنقص العقلي يعتبر أساسيا في مشكل النطق والكلام لوجود علاقة سلبية بين الضعف العقلي والتأخر في الكلام وتكون مشكلة النطق والكلام سببا في الخوف وعدم الثقة لأن الطفل في هذه الحالة لا يتجرأ أن يسأل الزيادة من الفهم أو التوضيح لعدم ثقته من ناحية ولخوفه من انتقاد زملائه له وسخريتهم من كلامه من ناحية أخرى.
والخوف قد يكون لدى الطفل قبل دخوله المدرسة لأخذه صورة مرعبة ومريعة ووهمية عن  المدرس والمدرسة مسبقا بسبب تمويه الأسرة وتهديده بها.
والخوف وعدم الثقة بالنفس قد يتولدان بسبب المغالاة في صد الطفل وقهره والوقوف في طريق تحقيق رغباته وإشباع حاجاته ، ولخوفه من العقاب أو الانتقاد الشديد الذي يكبت مشاعره مما يجعله مترددا بليدا غير واثق في نفسه  [2]
وهذا الكبت يولد له القلق نتيجة الصراع بين رغباته وعدم إشباعها مما يكون له تأثير سيء على جهازه العصبي يؤدي الى توتره المستمر كما أن بعض الأمراض يكون لها أثرها السيء على السمع والنطق ولاشك أنه اتضح لنا مدى ترابط وتكامل هذه العوامل الذاتية ببعضها . [3] 
-2-ب- الأسباب العائلية:
إن حال الأسرة المتدني والتي  تعاني من الفقر والعوز يجعلها عاجزة عن إشباع رغبات طفلها ،بل عاجزة عن تلبية أبسط رغباته كتوفير مستلزمات الدراسة ومتطلبات التحصيل ،وفي هذه الحالة لا يمكن للتلميذ أن يحقق أي تحسن أو أن يحرز أي تقدم ،اللهم إلا في  حالات قليلة جدا وأنى يكون له 


ذلك وهو لا يملك أدنى أداة كالقلم أو الكراسة  أو الكتاب وإذا تصورنا حالته النفسية وهو شعوره بالغبن والإهانة والدونية إضافة إلى الاحتياج ويكون وقع التأثير أكثر  وأعمق إذا كان عدد أفراد
الأسرة كبيرا والمسكن ضيقا ، وغير مناسب وملائم للدراسة والتحصيل ، والأدهى والأمر إذا كان المسكن منعدما مما  يجبر الأسرة على الكراء أو التنقل بين الأهل والأقارب وفي ظل التنقل المستمر
وعدم الاستقرار  يفقد الطفل التوازن ويشوش أفكاره ويضطرب تركيزه ، فكيف للتلميذ  في هذه الحالة أن يقوم بواجباته وينجز وظائفه ويراجع دروسه ويحضر لامتحاناته وليس عنده مكان لنومه وراحته وكيف له أن يفكر يركز وبطنه فارغة ؟
الواقع إن مثل هذه الظروف القاسية جدا ، فإن التلميذ المسكين  همه منصبا في مشاكل أسرته وتفكيره منشغلا في سبيل الوصول إلى حلول  وإخراج الأسرة  من أزمتها كما أن الوضع المضطرب بسبب الصراعات وسوء  التفاهم بين الأولاد وبين أفراد الأسرة يكون له تأثير سلبي على تحصيل التلميذ الدراسي ومردوده العلمي وقد ينجم عن هذه الصراعات التفكك الأسري والطلاق ولكم أن تتصوروا حالة ذاك الطفل المسكين الذي تربى تحت رحمة زوجة أبيه المتسلطة بسبب الطلاق أو الوفاة أو حالة تلك الفتاة التي نشأة في كنف زوج أمها الذي لا يرحمها ويفضل أبنائه وبناته عليها
والانعكاسات السلبية لهذه  العوامل الأخيرة التي لا يسلم منها حتى أبناء الأسرة الميسورة الثرية
فضلا عن الأسرة المعوزة والفقيرة ، وقد يكون الطفل في  جو ينقصه الحنان والعطف والعناية والاحترام فيتولد له بسبب ذلك التوتر والقلق والحرمان وتزداد المشكلة عنده إذا اشتدت القسوة عليه ممن كان ينتظر  منه الحب والعطف والدفء. [4]
ثم لا ننسى أن المقارنة الخاطئة تحرج الطفل  وتربكه فينشأ منعدم الثقة بالنفس ، وذلك إذا بين له  والده أنه غير مرغوب فيه لأن أخاه الأصغر أفضل منه أو أخته وقد  تكون الأسرة جاهلة تنتقد
المدرسة والمعلم أمامه ،مما يجعله يعزف عن الدراسة ولا يرغب فيها  ويتصور له قبل التحاقه بالمدرسة بأن المدرسة ستؤذيه وتعاقبه عن كل أعماله وتصرفاته فيعتقد أنه مقبل على مؤسسة عقابية لا مؤسسة تربوية تعليمية ويكون له تصور بأن المعلم < غول > يلتهم  كل من يخطئ أو يذنب ولو قليلا  - وكذلك التسلط على الطفل  وفرض الرأي عليه والتدخل في شؤونه وخصوصياته ومنعه من التعبير عن ذاته بتحقيره أو منعه من توجيه الأسئلة والاسترشاد كلها تضعف من شخصيته  وقدرته

على اتخاذ القرار وبالتالي يفقد الثقة بالنفس – منع الطفل من مشاركة أقرانه في اللعب واستخدام اللعب مما يسبب له القلق نتيجة  إحباط حاجاته الفيزيولوجية والنفسية . [5]
وعلى العكس من هذا فإن تدليل  الطفل الزائد والخضوع لكل مطالبه بدون توجيه أو رقابة ، والقيام بالأعمال والواجبات المدرسية نيابة عنه ، أنانيا إتكاليا غير قادر على القيام  بوظائفه بنفسه.
- التفرقة والتمييز بين  الأبناء وعدم المساواة بينهم مؤداه الكره والبغضاء بين الإخوة مع السخط والتمرد والخروج عن الطاعة .
- عدم  استقرار الوالدين على  أسلوب معين من المعاملة " أي التذبذب بين التساهل في العقاب أو القسوة الزائدة  "كل مثل هذه العوامل والمعاملات لها تأثير سلبي على التحصيل المدرسي  للطفل. [6]
 1-2-ج- الأسباب المدرسية :
إن العوامل المدرسية قد تكون لها علاقة بسابقتها وقد تظهر عوامل أخرى جديدة في المدرسة وتعود أساسا إلى المعاملة في هذه المؤسسة التربوية فالمعلم الذي لا يعلم شيئا عن سيكولوجية التلاميذ ولا  يحسن معاملتهم ولا يساعدهم على حل مشاكلهم والخروج منها من  شأنه أن يزهد التلاميذ في الدراسة والتعليم ويعزفون عنهما .
- كما أن  المعلم الذي يستعمل التمييز والتفرقة بين التلاميذ ولا يجازيهم حسب أعمالهم وجهودهم بسبب الحقد والكراهية في أوساط التلاميذ مما يجعل المهمشين منهم يشعرون بالإهمال والإقصاء ويركنون إلى الجمود والخمول لأنهم لم يجدوا الدعم والعناية .
- وهناك عوامل تتعلق بالبرامج وكثافتها والمناهج وكيفيتها والامتحانات وصياغاتها ومضامينها والتقويم وأسسه والتقييم وأساليبه ودقته كل هذه العوامل تؤثر سلبيا على تحصيل التلميذ الدراسي
ومردوده العلمي إذا لم تراعى فيها القدرات العقلية والنفسية والجسمية للتلاميذ ،وتعبر عن وجدانهم وتتماشى مع عواطفهم ومشاعرهم .
وقد لا تتوفر المدرسة على  الأدوات والوسائل والأجهزة اللازمة بجميع أنواعها وأشكالها مما يصعب من مهمة المعلم ويعطل جهوده وينقص من مردوده العلمي وينعكس سلبا على  تحصيل التلاميذ .

- وقد تكون المدرسة  بعيدة عن  مقر مسكن التلميذ مما يتعبه ويرهقه وكذلك صعوبة  التنقل إليها مما يؤثر كل ذلك على تحصيله الدراسي ،وحتى المبنى المدرسي قد لا يكون لائقا ولا  تتوفر فيه أوصاف المبنى الحديث  للمدرسة المعاصرة التي  توافق وتتلاءم مع نفسيات التلاميذ .
- وحتى توزيع التلاميذ في القسم من حيث الذكاء والاجتهاد تجعل المعلم في غالب الأحيان والأوقات
يتعامل مع الفئات الذكية والأكثر نشاطا ، ويهمل الفئة الباقية مما  يسبب لها القلق وعدم الشعور بالذات ، وعدم الاطمئنان فتلجأ إلى الانزواء والركون لأن الجو غير مناسب لها وكذلك الأمر  بالنسبة لاختلاف السن والجسم ، فالتلميذ الأكبر سنا وجثة والكامل النمو ،عادة ما يعبر عن  نفسه
ويلقى اهتمام المعلم  على عكس زميله الأقل  سنا والأضعف جسما الذي لا  يملك الفرص عن التعبير عن نفسه ، وتكوين علاقة اجتماعية سليمة لشعوره بالنقص . [7]
1-2-د- الأسباب الاجتماعية :
كما يقال المرء ابن بيئته فإذا كان  التلميذ يعيش في بيئة اجتماعية سيئة فلا شك أنها تؤثر تأثيرا سلبيا على مستواه الدراسي ،وكذلك جماعة رفاق السوء والأطفال المتشردين والأشقياء المهملين في حيه  أو في الشارع مثلا أو في أماكن اللهو واللعب فإنه يسلك سلوكهم وتنقل العدوى إليه .
- كما أن نظرة التلميذ الدونية للمدرسة والتعليم بسبب ذهاب هيبتهما ومكانتهما التربوية  والعلمية لانتقاد المجتمع لها وتقزيم دورها في  مجالات الحياة . [8]
- كذلك الحال بالنسبة للتقليل من قيمة وشأن  المعلمين بصفة خاصة ،وإهدار كرامتهم وحقوقهم ، وطبقة المثقفين ذوي المستويات العالية والشهادات الرفيعة بصفة عامة ، وحالة التهميش والإقصاء والبطالة  التي يعانون منها .
كل هذه الأسباب وغيرها من العوامل والمعاملات لها تأثيرها  السلبي على التحصيل الدراسي للطفل وتجعله لا يبالي بالعلم والتعليم ولا  يحترم المدرسة  والمعلم .



- الحلول والعلاج  لظاهرة الرسوب المدرسي :
لعلاج المرض لابد من معرفة تحليله والتعرف على الأسباب الكامنة وراءه وقد عرفنا الأسباب والعوامل المؤدية إلى الضعف والتخلف والنتائج الرديئة والمتسببة في الرسوب وقد صنفت إلى عوامل ذاتية وعائلية ومدرسية واجتماعية .......
وإذ لم نسارع  في اتخاذ القرارات والتدابير اللازمة واحتواء الظاهرة فإن الأمر يتفاقم وينفلت كل شيء من أيدينا ، وكما نعلم أن التلميذ هو المحور الأساسي في التربية والتعليم فإنه يحتم علينا أن  نخلق له الجو المناسب والملائم لعطائه وإبراز قدراته ، والاستجابة لميولاته الشخصية مع المساعدة والتوجيه وإحداث الظروف المناسبة له بدءا من الأسرة فالشارع والحي ثم المدرسة وخلق ترابط وتكامل بين هذه المؤسسات  .
وتعتبر المدرسة أهم مؤسسة فبجب رد هيبتها واعتبارها ومكانتها وتجهيزها بأحدث الوسائل التعليمية العصرية من حيث المباني  والأدوات والمخابر ......
وإشراك المعلم في صنع القرار ووضع المناهج والبرامج  المناسبة لمجتمعنا وثقافتنا وهويتنا والالتفات إلى  تحسين وضعيته لأنه العنصر الأساسي في المدرسة وكذلك التخفيف من أعباء وتكاليف الدراسة التي أثقلت كاهل الأولياء والتنسيق المستمر بين الأولياء والمدرسة ووضع رزنامة دورية للاجتماع بأولياء التلاميذ وتحسيسهم على مستوى  كل مدرسة، بالإضافة  إلى المتابعة المستمرة من الأولياء والمعلمين للتلميذ وغيرها .
إن هذه الحلول والتي أدلى بها السيد المفتش كلها  من شأنها أن ترفع من مستوى التعليم وتحسنه ولو بشكل أحسن مما هو عليه .

خـــاتمة :   
من  خلال هذه الإطلالة السريعة على أسباب الرسوب لدى التلاميذ في السنوات الأولى من  حياتهم الدراسية يتبين لنا خطورة هذه الظاهرة التي لا تنعكس آثارها السلبية على التلميذ فقط وإنما تمتد إلى كل المجتمع وهي من الأمور التي تشغل البال وتؤرق الجفون لما تسببه من إهدار مادي وبشري كبير في الميدان التعليمي بالذات وهي خسارة للشعب والدولة على حد سواء .
وإذا كانت الدولة تسعى إلى توفير العلم والمعرفة لأبنائها لتفيدهم وتستفيد  منهم  فإن الرسوب يعتبر معول هدم للأفراد والجماعات على حد سواء – كيف لا ونحن نرى أن رجال الغد الذين كنا نأمل ونطمح فيهم أصبحوا عبئا ثقيلا على بلادهم وحملا لا يطاق حيث يقول الشاعر :
     صعدا نحو العلا والسؤدد                               يا شباب اليوم أبطال الغـد
     أنتم اليوم رجال وغدا أنتم                              أركـاب صرح للأبـــد
     فاصدقوا العزم لتحقيق البقاء                             فالبقاء وقف على المجتـهد
-  فكيف للتلميذ المتخلف الضعيف أن يحقق هذا   ؟
إن الأمم المتقدمة والقوية لم تبلغ ما بلغته من العلى إلا بالعلم والعمل وليس هناك معجزة أخرى غير  العلم والعمل نحو بلوغ أعلى المراتب والرقي والازدهار .
كل  ما نأمله هو أن تعطى للعلم قيمته والعلماء أو رجال التربية مكانتهم اللائقة لبلوغ أهدافنا السامية التي من شأنها أن ترفع من قيمة العلم والمستوى  وبذلك نرفع التحدي .

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق