الخميس، 27 فبراير 2014

القانون و المجتمع



القانون والمجتمع
لا يستطيع الانسان ان يعيش معزولا عن الاخرين ، بل لابد له من العيش في مجتمع ليتمكن من الايفاء بحاجاته وضمان آمنه الشخصي مما يستتبع دخوله مع غيره من الناس في معاملات وعلاقات اجتماعية واقتصادية .
وتتصف الحياة الاجتماعية الانسانية بانها حيوية ، متحركة دوماً للامام او للخلف ، لا ثبت على حال ايجابية كانت ام سلبية ، وقيل قديماً ان ثبات الحال من المحال ، وتشير طبيعة هذه الصفات في زمان ومكان معين الى نوع وطبيعة العلاقات الاجتماعية مجتمع ما في زمان ما ، فالمجتمع قد يكون في حال نشاط وتقدم ونهوض وقد يكون في حالة خمول وتراجع وتخلف الا ان المجتمع لا يكون في حالة سكون ابداً، وعلى اية حال كان المجتمع فأن هناك عاملين اساسيين يحكمان العلاقات الاجتماعية ، هما عامل المشابهة وعامل التنوع .(8)
ويتحقق عامل المشابهة من حقيقة ان الروابط الاجتماعية تنشأ بين افراد تجمعهم صفات وروابط وثقافات مشتركة وتقارب بين التطلعات والاماني ، ويتمثل الاشتراك بصفة عامة في القرابة الاجتماعية بتأثير النسب والمصاهرة ووحدة اللغة والدين والتاريخ المشترك بل حتى تقارب الاشكال من الناحية الجسمانية ،فالصينيون كلهم متشابهون من وجهة نظرنا وكذلك الامر من وجهة نظر الصينين بالنسبة للاخرين، وعامل المشابهة هذا هو عامل توحيد وتآخي وتضامن ، ولذلك نجد المهاجرين من مجتمع واحد يشكلون احياءاً خاصة بهم في بلاد الغربة
اما عامل التنوع والاختلاف فيمثل الفروق الشخصية بين فرد واخر ، داخل المجتمع ،واولها الفروق الفسيولوجية بين الرجل والمرأة ويترتب على ذلك فروق جوهرية في السلوك والعادات وطبيعة القيود الاخلاقية المفرضة على ايً منهما ،كما ان لكل فرد شخصية متميزة تتفرد ببعض الصفات والخصائص عن غيرها ، فليس ابناء المجتمع على مستوى واحد من الادراك او الذكاء او النشاط او الحرص او الالتزام بالقيم الاجتماعية والشرعية ، وهذه الخصائص والصفات المتنوعة هي التي تضفي الحيوية على حركة المجتمع وبسببها ينشأ الصراع على المصالح بين افراد المجتمع الواحد،وتعارض المصالح هذا سيفا ذو حدين اذ يمكن ان يكون سببا للتناحر والبغضاء والعدوان والحروب المدمرة كما يمكن ان يكون سببا للتعايش السلمي والحياة الحرة الكريمة ومعيار التمييز بين الوضعين هو التنظيم، اي تنظيم العلاقات الاجتماعية ، فمن المهم جدا والضروري للغاية تنظيم تلك العلاقات حتى لاتعم الفوضى اذا ماترك لكل انسان مطلق الحرية في تحقيق رغباته وفقا لمشيئته او وفق مايعتقد او يظن انه حقا وعدلا ، فالانسان بطبيعته لايدين نفسه ويبرر افعاله داماً وهكذا حال السارق والقاتل والزاني ، فكل له مبرراته.
وتنظيم تلك القواعد يكون بوضع قواعد عامة مجردة يقصد بها الحد من حريات الافراد ورغباتهم وتصرفاتهم المطلقة ، كما يقصد بها التوفيق بين مصالحهم حتى يزول التعارض والتضارب بينها ، هذه القواعد تضع معايير تحدد مايجب ان يكون عليه سلوك الافراد في المجتمع ، ولهذا يتعين عليهم احترامها والخضوع لها . ومن هذه القواعد التي تحكم وتنظم سلوك الافراد على النحو السابق يتكون القانون .
ان وضع القانون يرمي في الواقع الى تنظيم المجتمع تنظيما من شأنه التوفيق بين مصالح الافراد وحرياتهم من جهة وبين المصلحة العامة للجماعة من جهة اخرى .
ولما كان القانون علماً اجتماعياً معيارياً ، فان وضع القانون يتأثر بالعوامل والقيم الجتماعية كما ان صفته المعيارية لا تجعل منه مجرد علم تفسيري يصدر الاحكام على الوقائع وفقا لما تقضي به فكرة السببية او مبدأ العلة والمعلول ، وانما علماً يبحث في الغايات والاهداف الاساسية وطبيعة القيم الاجتماعية ومدى ملائمتها للغاية التي يتطلع اليها ، وفي ضوء ذلك كان لابد لكل قاعدة قانونية من غاية وقيمة اجتماعية .(9)

  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق