الأحد، 23 فبراير 2014

الجزائر و صندوق النقد الدولي اعادة جدول الديون والتسهيلات



اتفاقيات الجزائر مع الصندوق:
لإعادة التوازن إلى ميزان مدفوعاتها عمدت الجزائر إلى تقليص من وارداتها من جهة و من جهة أخرى لجأت إلى صندوق النقد الدولي، فقد وجدت السلطات التي حكمت البلاد بعد أحداث أكتوبر 1988 عجز مالي قدره 800مليون دولار تم علاجه باللجوء إلى شركة الاحتياطات الموجودة في الصندوق و بهذا تدخل الجزائر في مفاوضات مع هذه الهيئة المالية العالمية.
1- اتفاق الجزائر مع الصندوق سنة 1989: من أجل تسوية مشكلة الاختلال في ميزان المدفوعات لجأت الجزائر مع سنة 1988 إلى موارد الصندوق باستعمال شريحة الاحتياطات بمبلغ 155,7 مليون دولار (حقوق السحب الخاصة) يستعمل هذا المبلغ بدون شرط و هي تمثل %25 من حصة البلد و تتطلب منها فقط وحسب الإجراءات المالية و الاقتصادية التي تقوي إتباعها من أجل إعادة تسوية الوضعية المالية الخارجية فلجأت الجزائر إلى تسهيلات التمويل التعويض و الطارئ في جوان 1989 و ذلك بعد إنخفاض موارد الصادرات من المحروقات و بلغت قيمة هذه التسهيلة 315 مليون وحدة حقوق سحب خاصى أي ما يعادل %50.55 من جهة الجزائر و تعادل 600 مليون دولار تعمل أيضا دون قيد أو شرط حيث تميزت هذه القروض بطول أجلا التسديد.
2- اتفاق الإستعداد الائتماني stund ley 3 جوان 1991 : هذا الإتفاق يتعلق ببرنامج تهجم اقتصادي قصير المدى (10 أشهر) تنتهي مدته في 31 مارس 1992 بموجب هذا الاتفاق يلزم الصندوق بتحرير قرض قيمته 300 مليون وحدة حقوق سحب خاصة و يغمر تحديد الأقساط بناءا على تحقيق الأهداف المنصوص عليها في الاتفاقية المتعلقة بالإصلاحات الاقتصادية التي تضمنتها رسالة حسن النية التي وافق عليها الصندوق و هذه الأهداف تتعلق بالسياسة الاقتصادية الكلية لتخفيض قيمة العملة و تحرير الأسعار بما فيها أسعار الصرف و أسعار المواد الواسعة الاستهلاك و تحقيق فائض في الميزانية لتمويل التطهير المالي للمؤسسات العمومية و التحكم في التضخم و تنويع الصادرات من غير المحروقات و تحرير التجارة و تثبيت نمو الكتلة النقدية إلى %2 في سنة 1991.
-2 إعادة جدولة الديون الخارجية الجزائرية.
إذا كان خيار إعادة الجدولة للديون الخارجية أمرا مستجدا قبل 1993 من طرف السلطات العمومية الجزائرية فإن هذا الخيار أصبح يفرض نفسه بقوة نتيجة ثقل عبء خدمة الدين و التي أصبحت تمتص كل إيرادات الصادرات و الشيء الذي زاد من حدتها انخفاض أسعار المحروقات بالإضافة على انغلاق المؤسسات المالية و اشتراط الدائنين إعطاء الضوء الأخضر من طرف الصندوق النقدي الدولي.
و نظرا للتدهور الوضعية المالية و الاقتصادية للبلاد في نهاية 1993 إذا كان من المتوقع أن تصل نسبة خدمة الدين إلى %100 من إجمالي الصادرات طلبت الجزائر إعادة الجدولة ديونها الخارجية و عقد عدة اتفاقيات مع الصندوق النقدي الدولي و كان أولها By STAND سنة 1994 و أخرى من نوع التسهيلات التمويلية الموسعة في سنة 1995 فتوجهت إلى نوادي الدائنين في باريس و لندن لإعادة جدولة ديونها العمومية و الخاصة.
ثانيا: منهجية و إجراءات إعادة الجدولة:
باعتبار أن القرارات الاقتصادية هي في الأخير قرارات سياسية بحتة فإن الجزائر قررت إعادة الجدولة لديونها الخارجية و يعتبر البلد الذي يطلب إعادة الجدولة لديونه في حقيقة الأمر هو في حالة توقف عن الدفع و كما جرت العادة فإن الدائنين يخضعونه لجملة من القواعد و الإجراءات و يلزمه المرور بعدة مراحل من المفاوضات للوصول إلى إعادة الجدولة لديونه و هذا ما فعلته الجزائر، حيث باشرت عدة مراحل من المقاومات مع خبراء الصندوق النقد الدولي تعلقت في البداية حول وضعية الاقتصاد الجزائري ثم مرحلة أخرى ارتكزت حول الإصلاحات التي يجب تنفيذها و تتدرج زيارة وفد عن الصندوق من الخبراء إلى الجزائر التي تعبر عن برنامج الاستقرار الاقتصادي التي تنوي الالتزام به لاسترجاع التوازنات المالية خلال سنة من التطبيق و الذي يحمل عنصر رضي الصندوق الذي تنص مبادئه على أن ترتيبات الصندوق ليست اتفاقية تعاقدية مع الأعضاء و إنما هي قرارات من الصندوق تحدد بالاتفاق مع الأعضاء شرط مساعدته المالية لهم و توقفت الجزائر عن الدفع مباشرة بعد إرسالها الرسالة حسن النية للصندوق الذي وافق مجلس إدارته عليها في ماي 1994 و تعتبر موافقة الصندوق النقد الدولي على برامج الاستقرار الاقتصادي بمثابة ضمان أساسيا للدائنين الذين علقوا مساعدتهم المالية بالاتفاق مع الاقتصاد و قبولهم للدخول في مفاوضات ترمي إلى إعادة الجدولة و قد صاحب موافقة مجلس الإدارة على رسالة حسن النية منح تسهيلات مالية للجزائر باعتبارها عضو في الصندوق بحوالي مليار دولار و قبل المرور على نادي باريس قام الوفد الجزائري المفاوض (وزير المالية، محافظ البنك المركزي) بشرح البرنامج الاقتصادي للعديد من الدول الدائنة و المؤسسات المتعددة الأطراف و هذا للحصول على الدعم الضروري لتنفيذ البرنامج الذي يتوقف أساسا على ثقة الدائنين فيه و قد تقدمت الجزائر رسميا بطلب إلى رئيس نادي باريس إلى الاجتماع و هو ما تم فعلا في 31 جوان 1994 بحضور الوفد الجزائري يقوده وزير المالية و ممثلين على الصندوق و البنك العالمي و ممثلين آخرين عن بعض الهيئات و البنوك و بعد 36 ساعة من المفاوضات ثم التوصل إلى المحضر الرسمي الذي يحدد الإطار العام لإعادة الجدولة و تعتبر الديون القابلة لإعادة الجدولة لدى نادي باريس هي الديون العمومية المتوسطة و طويلة الأجل يستثني منها قصيرة الأجل المقدرة بحوالي %60 من إجمالي الديون الجزائرية و المقدرة في أواخر سنة 1993 بـ 24.012 مليار دولار و قد كان هدف النادي وضعيا هو لأجيل الدفع للنسبة من خدمات الديون العمومية للجزائر باعتبارها تواجه أزمة السيولة.
طريقة إعادة الجدولة: اتفق الدائنون في نادي باريس بعد العرض الذي قدمه وزير المالية الجزائري على أن يتم إعادة الجدولة وفق المجال التطبيقي و طريقة التسديد التاليين:
أ- مجال التطبيق: مست إعادة الجدولة للديون المبرمة قبل تاريخ 30 ديسمبر 1993 وهو تاريخ محدد و مثبت لا يمكن تجاوزه و التي تستحق خلال الفترة التي تمتد من 1 جوان 1994 إلى 31 ماي 1995 و المسماة بفترة التجسيد أو نافذة التجسيد و التي تحسب عموما بناءا بما يتوافق مع الفترة التي يستغرقها برنامج الاستقرار الاقتصادي (اتفاق الاستعداد الائتماني) المتفق عليه مع الصندوق قبل المرور إلى نادي باريس و المقدرة بـ 12 شهر.
ب- طريقة التسديد: باعتبار أن الجزائر بلد منتج للبترول و له قدرات كبيرة فهو يصنف من الدول ذات الدخل المتوسط و ليس من الدول الفقيرة و من هنا فإن طريقة التسديد المختلط و تتضمن:
·        التسديد يكون على أساس إطالة فترة الاستحقاق إلى 16 سنة.
·        مدة العضو تقدر ب 4 سنوات على الأكثر
·   التسديد يبدأ بعد الانتهاء من فترة الأعضاء أي السنة الخامة ابتداء من سنة 1998 فالجزائر لا تسدد أي شيء من المبلغ المعاد جدولته في 4 سنوات الأولى و تسدد فقط %10,7 من المبلغ خلال أرع السنوات التالية.
و في الأخير نشير إلى أن الجزائر و بمجرد إعادة الجدولة تحرم من الحصول على قروض مالية على الأقل خلال فترة العضو في حين تبقى القروض التجارية المضمونة للمديونية (إلغاء) باعتبار أن الجزائر لا تعتبر بلد فقير مقارنة مع الدول التي استفادت من ذلك منها الدول الإفريقية و بعض دول أمريكا اللاتينية.
-2 التسهيلات المالية و الثنائية و المتعددة الأطراف:
إعادة الجدولة مثلما تسمح بالحصول على النقود السائلة تمكن كذلك للبلد المدين من تحرير شرائح القروض المجمدة في إطار تنفيذ بعض الشروط و الاتفاق مع الصندوق و الحصول كذلك على تسهيلات مالية من الهيئات المتعددة الأطراف.
و بصفة عامة شكل إجمالي القروض التي ترغب الجزائر في الحصول عليها بالإضافة إلى مليار دولار من الصندوق أكثر من 01 مليار دولار من المؤسسات المتعددة الأطراف 5,3 مليار دولار ناتجة عن عملية إعادة الجدولة بالإضافة إلى المساعدات المالية الثنائية على شكل قروض تجارية.
-3 إعادة الجدول الأولى للديون العمومية 1 جوان 1994:
بعد التوقيع على اتفاقية STAND . BY دخلت الجزائر في مفاوضات مع نادي باريس لإعادة جدولة ديونها العمومية و قد تم جدولة 5,3 مليار دولار و تم تحديد مدة تسديد 16 سنة مع 4 سنوات فترة إعفاء و تشمل الديون التي وصلت إلى 5 مليار سنة1994 مقابل 8 مليار دولار سنة 1993 حيث أصبحت نسبة الديون إلى الصادرات %86 سنة 1993 و هكذا تم التوقيع على 17 اتفاقية ثنائية أولها كانت مع كندا في سبتمبر 1994 و آخرها مع إيطاليا فيفري 1995.
و تعتبر الاتفاقيات الثنائية تجسيدا الاتفاق العملي و الشامل لإعادة الجدولة حيث بلغت الديون العمومية 13,5 مليار دولار بالنسبة للدين القائم الذي يساوي 26 مليار دولار و أهم الصعوبات التي واجهت المفاوضات هي تردد اليابان و الذي طالب بضمانات و معاملة خاصة.
-4 إعادة الجدولة الثنائية 21 جويلية 1995
        استمرار لعملية إعادة جدولة الديون العمومية عبر نادي باريس تم يوم 21 جويلية 1995 إمضاء ثاني اتفاق مع الدائنين الرسميين و قد مست هذه العملية القروض المضمونة التي حصلت عليها الجزائر قبل 30 سبتمبر 1993 و هو المبلغ المتبقي بعد إعادة الجدولة الأولة بحيث تم الاتفاق على أن التسديدات تكون ضعيفة من 1995 إلى 2005 و تصبح أكثر أهمية بعد ذلك وهو ما يسمى التسديد المختلط و على هذا فإن رزنامة التسديد تكون كما يلي:
    • تسديد %0,43 من المبلغ المعاد جدولته في 1999/11/30
    • تسديد %0,60 من المبلغ المعاد جدولته في 2000/11/30
    • تسديد %0,43 من المبلغ المعاد جدولته في 2001/11/30
    • تسديد %0,98 من المبلغ المعاد جدولته في 2002/11/30
    • تسديد %8,82 من المبلغ المعاد جدولته في 2011/11/30
    • تسديد %9,59 من المبلغ المعاد جدولته في 2012/11/30
و يجب على الجزائر أن توقع على 17 اتفاقية قبل 31 مارس 1996 بحيث تم التوقيع على 14 اتفاقية ثنائية كان أخرها مع الولايات المتحدة الأمريكية يوم 28 مارس 1996 بمقدار 1 مليار دولار، لقد سمح الاتفاق الثنائي بإعادة جدولة أكثر من نصف الديون العمومية و يبدي التسديد في نهاية 1999 و المدفوعات تكون على مدى 25 سداسي و بصفة تدرجية بالنسبة لـ 8 سنوات الأولى بحيث تدفع الجزائر خلالها %9 من أصل الدين.



تقييم صندوق النقد الدولي.
        كانت نتائج السياسات النقدية المتشددة و الإصلاحات  الهيكلية و المؤسسية
1-     تحول العجز بين الميزان المالي للحكومة من %9 سنة 1993 إلى فائض بنسبة %3 سنة 1996 و %2,4 سنة 1997.
2-             انخفاض نسبة السيولة من %99 عام 1993 إلى %36 عام 1997 بسبب السياسة النقدية المتشددة.
3-             تعزيز الوضع الخارجي للجزائر بسبب تجديدها سياسات إدارة الطلب و تخفيض قيمة الدينار الجزائري.
4-     تراجع نسبة الهبوط في إجمالي الناتج المحلي من %2 عام 1993 إلى %1 سنة 1994 و ارتفاع معدلات النمو الحقيقي إلى حوالي %4 عامي 1996-1995.
تقييم المجلس الوطني الاجتماعي.
إن تطبيق برنامج التعديل الهيكلي انجر عنه آثار اقتصادية و اجتماعية وخيمة أهمها:
1-             حصاد عملية التصنيع و احتواءها و السيطرة عليها
2-             شل قدرات القطاع الزراعي و إعاقة فرص التطور التكاملي
3-             إضعاف مكانة الدولة
4-             الإشراف الاستشاري الأجنبي على قطاع الخدمات و التجارة
5-             تفاقم الفقر و انتشاره في المجتمع الجزائري
6-             تدهور القدرة الشرائية و ظروف السكان المعيشية
7-             توسع البطالة و تفاقمها خاصة لدى الشباب.
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق