الاثنين، 24 فبراير 2014

تاريخ علم فكر الاجتماع في الحضارات القديمة الفرعونية المصرية الصينية اليونانية



لمحة تاريخية عن الفكر الاجتماعي
أولا: في الحضارات القديمة :
تمهيد: إن المجتمعات التاريخية القديمة هي تلك المجتمعات التي خضعت للتطور الحضاري, وانتقلت في هذا السلم من حياة الترحال وعدم الاستقرار إلى حياة الاستقرار والتنظيم الاجتماعي, واستفادة من الخبرات الاجتماعية وتقدم النواحي التكنولوجية الفتية وخلفت آثارا حضارية مادية وكانت لها فلسفة اجتماعية وكونية وعرفت تقسيم العمل والتخصص الاجتماعي, وظهور الوعي بالفكر السياسي ونشأة الوحدة الاجتماعية الكبيرة للمجتمع المحلي في صورة قرية أو مدينة ويمتاز البناء الاجتماعي في هذه المرحلة بوضوح نظام التدرج الطبقي واستناد النظام السياسي والاقتصادي على أساس ديني ويعتبر هذا البناء الاجتماعي في مستواه العام، مرآة للمثل الاجتماعية التي يرتضيها المجتمع كأهداف غائية في العلاقات الإنسانية.
ا- الحضارة الفرعونية:إذا حللنا النظام السائد في مصر الفرعونية فنلاحظ أن البناء الاجتماعي لها كان يرتكز على تقسيم طبقي في قمة هذا البناء الطبقي يقوم الفراعنة لا باعتبارهم مجرد حكاما سياسيين أو رؤساء للدولة ولكن باعتبارهم آلهة لذلك فإنهم كانوا ا يجمعون في آن واحد بين السلطات الدنيوية والأخروية يلي هذه الطبقة طبقة الكهنة الذين يستمدون قداسة أعمالهم في المعبد وتفانيهم في خدمتهم لفرعون باعتباره الاها .ثم ياتي طبقة قوات الجيش وهم القائمون على حراسة الأماكن المقدسة ثم يلي طبقة الحرفيين والشيء الهام في هذا النظام هو الارتكاز على النظام الديني أما بالنسبة للأفكار لاقتصادية والسياسية فإنهم خلفو قدرا غير يسير فلقد أثبتت الوثائق التاريخية التي عثر عليها علماء الاثار ان الفكر الاجتماعي الفرعوني قد وعى بفكرة الملكية باعتبارها إحدى الحقوق القدسية الالهية فممتلكات المعابد من الأموال التي لا يجوز ملكيتها ملكية فردية ولكن ترجع الى الحق الالهي حسب مرسوم نقر كارع فالإله هو صاحب الملك والتصرف والكهنة هم من يقومون علبخدمة الاله اما بالنسبة للافكار القانونية فانها احتلت وضعا خاصا في التفكير الفرعوني فنجد كثيرا من الوصايا على اوراق البردي او النقش الت سطرت على جدران المعابد مضمونها يثبت مجموعة القوانين التي خلفتها المدنية المصرية حيث عرف الفراعنة كيف ينظمون حياتهم مثلا النظم الدستورية في عهد الاسرة الثالثة حيث وحدة مينا القوانين المصرية التي توضح نظم الملكية والارث والهبة والولاية والوصية...الخ
وكذلك المجموعة المعروفة باسم بوخوريوس مؤسس الاسرة الرابعة والعشرين ما نخلص إليه هو أن البناء الاجتماعي الفرعوني بالرغم من انه كان نظاما تيوقراطي وطبقي إلا انه كان نظاما متماسكا هذا لارتكازه على المحور الديني ونتيجة دعم الوحدة الاجتماعية والسياسية على مستوى الدولة ويعتبر الفكر الاجتماعي الفرعوني باكورة التفكير الاجتماعي العلمي لأنه يعكس أول مرحلة من مراحل النضج والوعي السياسي كان له فائدته التاريخية للإنسانية عامة .

ب- الحضارة الصينية :تنازع الفكر الاجتماعي الصيني القديم عدة تيارات متنافسة لعل أهمها الكونفوشيوسية والقانونية والتاوية والموتستية ,نأخذ على سبيل المثال الكونفوشيوسية حيث يعتبر الحكيم كونفوشيوس مؤسس أول مدرسة اجتماعية في الحضارات الشرقية القديمة أسهمت في كثير من الدراسات الاجتماعية والسياسية والأخلاقية وكانت لها أثارها العميقة في الحياة الفكرية والعلمية للصين قبل الثورة الشيوعية المعاصرة لان أراء كونفوشيوي ارتكزت على تمجيد النظام الإقطاعي وتقميته واتخاذه أساسا للبناء الاجتماعي والتنظيم الاقتصادي والسياسي ,فالمجتمع في نظر كونفوشيس لابد ان يكون مجتمعا طبقيا يضع في الاعتبار الأول صيانة حق الملكية وهي رد فعل عنيف ضد ما انتشر في أيام كونفوشيوس من أراء فوضوية أدت إلى انتشار حالة من الاضطراب وعدم الطمأنينة وكان لا بد من مواجهة هذه الحالة سياسة اجتماعية وإصلاحية هدفها إحياء التقاليد على أساس تدعيم النظام الطبقي الصيني القديم حيث كان يجلس في قمة الهرم الإمبراطور وأسرته ثم يليه الأحرار فالنبلاء والإشراف ثم في أخر درج السلم الاجتماعي السوقة وعامة الشعب ان من التقاليد الراسخة لدى الصينيين في فكرهم الاجتماعي القديم أن يحفظوا للأباطرة مكانتهم الدينية وأحقيتهم السلطوية لان العناية الإلهية فوضتهم بمهام مناصبهم نظرا لمواهبهم وقدراتهم العقلية ومواقفهم الخيرة وهم يظلون في مراكزهم طالما ظلوا متمسكين بالقانون الأسمى إذن فلسفة كونفوشيوس ترى أن النظام الاجتماعي الناجح هو الذي يقوم على أساس ديني و أن العلاقات لاجتماعية لابد أن تستمد من الإله الأعظم أما التخطيط التربوي والنظام التعليمي هو الطريق الوحيد إلى الفضيلة حيث أنشا مدرسة في كل قرية يقطنها 25 ألف ساكن وانشأ جامعة في كل مقاطعة أهم القواعد التي أشار إليها كونفوشيوس في المجال التربوي وجوب القائمين على شؤون التعليم التعرف ميول الطالب وقدراته الطبيعية وكان يرى أن يكف المدرسون عن طريق التدريس التي تحول الطلبة إلى مجرد آلات تحفظ الدروس بلا وعي ولا فهم .
ج-الحضارة اليونانية :يزعم كثير من مؤرخي الفكر اليوناني إن أول من وجه الفكر الإنساني المنظم لشؤون النسا الاجتماعية هو الفيلسوف الإغريقي في سقراط الذي ينتمي إليه عادة الفكر الإنساني لأنه أول من دشن التأمل الفلسفي في الطبيعة ونادي للمعرفة المحضة الخالية من شوائب الميتافيزيقا حيث يعتبر أول من انزل الفلسفة من السماء إلى الأرض ومن بواكير ما سجل الفكر اليوناني قصيدة نيوجيس المجاري التي تعتبر أول عمل اجتماعي حيث إشارة الى المثل العليا التي تتمثل في بر الوالدين والأقربين
كما يعتبر المفكر لاجتماعي فيكو ثيوسيد أول من أرخ للحرب الشهيرة التي تعرف بحرب الالبلبونيز حيث عرضها تحليل للقوى المتصارعة في تلك الآونة ومفسرا عوامل تدمير العالم الهي ليني لذاته وحضارته كما لا نمهل إسهامات التفكير الاجتماعي عند جماعة السوفسطائييين لأنها توضح مركزهم ودورهم الفكري ومجهودهم العلمي حيث ارسوا ارضية صلبة لفلاسفة الإغريق مثل أفلاطون واسطوا .
إن الفكر الاجتماعي الإغريقي الطوباوية عند افلاطون انطوى على تصورات ذهنية وتطلعات مثالية حيث يرى افلاطون إن المدينة في إبعادها ليست إلا تجسيدا للمجتمع الكبير على ان هذا لا يعني بحال من الأحوال إن التراث الفكري الاجتماعي اليوناني كان يخلو في هذه المرحلة من تحليل دقيق لمظاهر الحياة الاجتماعية فمثلا التدرج الهرمي البنائي حيث صور افلاطون المدينة الفاضلة وكأنها ارتكزت على ثلاثة طبقات متدرجة هرميا لكل طبقة وظائفها المتخصصة ,طبقة الحكام تتولى سياسة أمور الدولة العليا ثم يليها طبقة الجند التي تقةم بواجب حماية مصالح الطبقة الحاكمة ثم طبقة العمال من فلاحين وصناعيين تعمل توفير حاجيات الشعب.
وكذلك تصورات ذهنية حول أمور التنظيم والإدارة حيث جسد تصورات للتخطيط والتنظيم الاجتماعي المرتكزة على أساس فلسفة أخلاقية .
خلاصة القول إن الحكيم أفلاطون صاحب الجمهورية جسد فيها فلسفته المثالية لا يمكن للمجتمع تحقيقها لأنها بعيدة كل البعد عن الواقع الاجتماعي مما جعله نموذجا فريدا طوبا ويا . أما تلميذه أرسطو فكان عكس أستاذه فقد انطوت أفكاره الواقعية على عديد من المبادئ الاجتماعية التي تعتبر مسلمات كلاسيكية مثل الإنسان حيوان اجتماعي سياسي بمعنى ان لا يمكن إن يعيش منفصلا عن المجتمع ,الأسرة هي الخلية الأساسية الاجتماعية التي تقوم على أساس التعايش الزوجي وبتعدد الأسر والعائلات تولدت القرية وبتعدد القرى تنشا المدينة كوعاء للبناء الاجتماعي الطبقي الذي يرتكز أساسا عادى التخصص المهني الجماعي وعلى التساند والتكامل الاجتماعي والدولة هي الإطار السياسي وهي كهيئة تنظم حياة المواطنين وتحمي القوانين وتصون العدالة .ما يعاب على أرسطو هو انه لم يدخر جهدا في دراسة وتحليل العوامل التي تؤدي إلى تقويض هذا البناء أو اضمحلاله لأنه بناء طبقي حيث توزع له الملكيات والمراكز توزيعا غير عادل .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق