حكمة
مشروعية الإرث
الإنسان
في هذه الحياة أكرم مخلوقاتها ، وهو مستخلف في الأرض ، ومحتاج إلى ما يضمن له بقاء
هذا الاستخلاف .
والمال
وسيلة لتحقيق ذلك ، يحتاج إليه الإنسان ما
دام على قيد الحياة ، فإذا مات انقطعت
حاجتـه ، فكـان من الضروري أن يخلفه في ماله مالكٌ جديدٌ . فلو جُعل ذلك المالك
الجديد أولَ شخص يحوز المال ويستولي عليه ، لأدَّى هذا إلى التشاحن والتنازع بين
الناس ، وتغدو الملكية حينها تابعة للقوة والبطش .
من
أجـل ذلك جعلت الشريعة المالَ لأقارب الميت ، كي يطمئنّ الناس على مصير أموالهم ؛
إذ هم مجبولون على إيصال النفع لمن تربطهم بهم رابطة قوية من قرابة أو سبب .
فـإذا
مات الشخص ، وترك مالاً ، فإنّ الإسلام يجعل هذا المال مقسَّماً على قرابته ؛
الأقرب فالأقرب ، ممن يُعتبر شخصه امتداداً في الوجود لشخص الميت ؛ كالأولاد ،
والأب ، ومن يليهما في درجة القرابة .
الحكمة
في تفضيل الذكر على الأنثى في الميراث
قد
يتساءل البعض عن الحكمة التي لأجلها يُعطى الذكر من الميراث أكثر ممّا تُعطاه
الأنثى ، والجواب على هذا التساؤل يظهر بتأمّل وظيفة كلّ من الذكر والأنثى في
الحياة ؛
(1)-
فالذكر أحوج إلى المال من الأنثى ؛ إذ الرجال قوّامون على النساء ، والمرأة
مكفيَّة المؤنة والحاجة ؛ فنفقتها واجبة على ابنها ، أو أبيها ، أو أخيها ، أو
غيرهم من قرابتها . والقائم على غيره ، المنفِق مالِه عليه ، مترقِّبٌ للنقص
دائماً ، ومكفيُّ المؤنة والحاجة يترقَّب الزيادة دائماً . والحكمة في إيثار
مترقِّب النقص على مترقِّب الزيادة جبراً لنقصه المترقب ظاهرة جداً .
(2)-
المرأة لا تُكلَّف بالإنفاق على أحد ، بخلاف الرجل ؛ فإنَّه مكلَّف بالإنفاق على
الأهل والأقرباء وغيرهم ممَّن تجب عليه نفقتهم .
(3)-
الرجل يدفع مهراً لزوجته ، ويُكلَّف بنفقة السكن ، والمطعم ، والملبس لزوجه
وأولاده . وكذا أجور التعليم ، وتكاليف العلاج ، وثمن الدواء ، وغير ذلك ممَّا
يدفعه الرجل دون المرأة .
فحين
كانت النفقات عليه أكثر ، والالتزامات عليه أكبر ، استحق أن يكون نصيبه أكثر وأوفر
.
وهكذا
لا تجد المرأة نفسها في حاجة إلى المال في نظام
الإسلام ؛ فما تأخذه من نصيبها في
الميراث ، ومهرها من الزوج ، يكون مالاً محفوظاً لا يتعرَّض للنقصان .
ولذا
كان من الطبيعي أن تأخذ نصف نصيب الرجل . بل إنّ في إعطائها هذه النسبة ـ وهي لا
تكلَّف بتكاليف مادية ـ محاباة لها على الرجل ، يقصد الإسلام من وراء ذلك إكرامها
، وإعزازها ، وصيانتها من الفاقة والحرمان .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق