الجمعة، 14 فبراير 2014

التعايش في ضوء الكتاب والسنة



 التعايش في ضوء الكتاب والسنة:

المطلب الأول : التعايش في ضوء القرآن الكريم
التعايش بين المسلمين وغير المسلمين المسالمين مشروع، والنصوص التي تدل على مشروعيته كثيرة، ومن أبرز نصوص القرآن الكريم الدالة على التعايش ما يأتي:-
1.    قال الله تعالى }لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}[1].
والآية فيها الحث على الإحسان والبر[2] بغير المسلمين، الذين لم يقاتلوا المسلمين، أو يتآمروا على قتلهم. والإحسان المذكور في هذه الآية يكون بالرفق بضعيفهم، وسد خلة فقيرهم، وإطعام جائعهم، وكساء عاريهم، ولين القول لهم، واحتمال أذيتهم في الجوار لطفاً منا بهم، لاخوفاً وتعظيماً، والدعاء لهم بالهداية، وأن يجعلوا من أهل السعادة، ونصيحتهم في جميع أمورهم في دينهم ودنياهم، وحفظ غيبتهم إذا تعرض أحد لأذيتهم، وصون أموالهم، وعيالهم، وأعراضهم، وجميع حقوقهم ومصالحهم، وأن يعانوا على دفع الظلم عنهم.
سبب نزول هذه الآية:
وقيل[3]: إن سبب نزول هذه الآية أن أسماء بنت أبي بكر الصديق ـ رضي الله عنها ـ رفضت أن تقبل هدية أمها المشركة ، حيث قدمت لها أمها بعض الهدايا ، فأبت أسماء أن تقبل هديتها ، وأبت أن تدخلها بيتها. فسألت عائشة ـ رضي الله عنها ـ النبي e عن ذلك فأنزل الله تعالى :} لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ ..{ إلى آخر الآية، فأمرها النبي e أن تقبل هديتها، وتدخلها بيتها.
2.    وقال الله تعالى:{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}[4].
والآية فيها الدعوة للتعارف ـ وهو يستلزم التعايش ـ بين جميع الناس بعيداً عن العصبية للجنس، أو اللون، أو العرق، وأنه لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى.
3.    وقال تعالى:} الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}[5].
والآية أحلت طعام أهل الكتاب ونساءهم، وهما أمران يستلزمان التعايش والتساكن.
4.    وقال تعالى في التعامل مع الوالدين إذا كانا كافرين، وكان الولد مسلماً:} وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}[6].
أي صاحبهما صحبة إحسان إليهما بالمعروف[7]، والبعد عن الإساءة إليهما بالقول، أوالفعل، والحرص على طاعتهما، وتقديمهما على كل شيء إلا على طاعة الله ورسوله فإنهما مقدمتان على كل شئ.



[1] الممتحنة: 8، 9
[2]الفروق 2/434 لأبي العباس أحمد بن إدريس القرافي المتوفى 684هـ، تحقيق عمر حسن القيام، نشر مؤسسة الرسالة ـ بيروت ـ الطبعة الأولى 1424هـ الموافق 2003م
[3] تفسير القرآن العظيم 4/369 لأبي الفداء إسماعيل بن كثير القرشي 774هـ، نشرته مكتبة دار الفيحاء بدمشق، الطبعة الأولى 1413هـ الموافق 1992م.
[4] الحجرات: 13
[5] المائدة: 5
[6] لقمان: 15
[7]  تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ص 908 للشيخ / عبد الرحمن بن ناصر السعدي، نشر جمعية إحياء التراث الإسلامي ـ الكويت، 1422هـ الموافق 2001م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق