الجمعة، 21 فبراير 2014

معاملات المصارف التجارية أو التقليدية او الربوية


 
1.     الفائدة هي أساس عمل المصارف التجارية الربوية :
تعتبر المصارف التجارية أو التقليدية ، هي أدوات النظام المصرفي الربوي ، وأساس النظام الاقتصادي المعاصر ، فهي التي تقوم بدور الوساطة بين المقرضين والمقترضين ، بغرض الحصول على الفائدة ، عن طريق الاتجار في الديون والقروض والائتمان ، ولسنا نقول أنه لا يمارس أعمالا استثمارية أخرى ، ولكنها لا تشكل المهمة الرئيسة للمصرف ، فالغالب على أعمالة هو الاتجار في القروض والديون ، للحصول على الربح ، بدون مخاطرة أو خسارة محتملة ، ووسيلته في ذلك أن يقترض بفائدة من المودعين ويقرض بفائدة للمحتاجين والمستثمرين والفرق بين الفائدتين يكون محصلة الربح المتحقق للمصرف .
وهذا التعامل بالفائدة من جانب المصارف التقليدية ، ليس خاصا بالقروض المصرفية فقط ، إنما يعم كل عمليات المصرف ، مبدأ وغاية ، وتعتبر الفائدة الثابتة على القروض المصرفية أو السندات مسألة جوهرية ، لأجل سلامة النظام النقدي والمصرفي ، وضرورة لا غنى عنها ، لتجنيد المدخرات المحلية وصحة الاستثمار. وسوف نوضح هنا بعض العمليات المصرفية التي تعتمد الفائدة كأساس لها وبمسميات مختلفة.
   أ. خصم الأوراق التجارية  :
تتلخص عملية خصم الأوراق التجارية في تقديم العميل للمصرف أو الصيرفي ورقة تجارية شيك ، أو كمبيالة أو سند أذني ، قبل حلول موعد استحقاقها من أجل الحصول على قيمة السند المقدم حالاً ، بعد خصم الفوائد والعمولات التي يتقاضاها المصرف تغليبا ؛ لأن المصرف يقوم بالخصم عادة ، ويكون هذا العمل عن طريق تظهير الورقة التجارية عادة بأقل من قيمتها المسجلة بها- القيمة الاسمية- مطروح منها ثلاث عناصر:
·        الفائدة(عن المدة بين تاريخ الخصم وتاريخ الاستحقاق)
·        الأجرة أو العمولة (لتغطية النفقات العامة للمصرف)
·         والمصاريف(مصاريف التحصيل).
وفي العادة ، فإن عملية الخصم هذه تكون مسبوقة باتفاق يحدده شرط الخصم وسعر الفائدة والعمولة وكذلك السقف- الحد الأقصى- المخصص للعميل من ناحية مجموع ما يمكن أن يخصمه ، فإذا تجاوز السقف توقفت عمليات الخصم لحين تسديد بعض الديون وهكذا.
ويعتبر خصم الأوراق التجارية ذو أهمية للمصارف حيث يمثل حقلاً هاماً من حقول الاستثمار قصير الأجل والقابل للتصفية التلقائية . وأجل الأوراق التجارية لا يزيد في الغالب عن ستة أشهر على الأكثر. كما وأنها موزعة على مدينين مختلفين مما يسهل من أمر تحصيلها عند الاستحقاق ، وكذلك بمقدور المصرف أن يعيد خصمها إذا بقيت لديه ، ويتم الخصم لدى المصرف المركزي .
ولا يُفهم الخصم في الفقه إلا كونه قرضا ربوياً تحسب فائدته عن المدة الواقعة بين تاريخ الخصم وتاريخ الاستحقاق . فالمصرف يقرض في الحال مبلغا من المال يساوي القيمة الحالية للورقة التجارية على أن يسترد في الأجل ، مبلغا أعلى منه ، يساوي القيمة الاسمية للورقة ، وهذا عين ربا النسيئة المحرم .
وإذا نظرنا للخصم على أنه حوالة حق ، حيث يحيل مظهر الورقة حقه فيها إلى المصرف في مقابل ما أقرضه المصرف ، نجد أن هناك أيضا معارضة بين مبلغين من النقود أحدهما حال بمبلغ معين، والآخر مؤجل بمبلغ أعلى من الأول ، وهذا ربا النسيئة أيضا . وإذا نظرنا للخصم على أنه بيع دين ، فإن الفقهاء يفرقون بين بيع الدين لمن هو عليه وبين بيع الدين لغير من هو عليه ، وبالنظر إلى الخصم نجد انه بيع الدين لغير من هو عليه هذا الدين ، وهنا يظهر الفقهاء خلافاً في جوازه فنجد أن المالكية أجازوه بشروط([1]) ونجد الحنفية والحنابلة والشافعية لم يجيزوا بيع الدين لغير من هو عليه([2])، فقد احتجوا بان الدين المبيع غير مقدور التسليم ، فقد يجحده المدين أو يتخلف عن دفعه ، فهو إذا من بيع الغرر.
ومعاملة الخصم هذه باطلة من وجهة النظر الإسلامي ، فهي لا تصح أن تكون حوالة أي من المظهر للمصرف الخاصم على المسحوب عليه ولو كان مديناً ، لفوات شريطة التساوي بين الدَّين المحال به والدَّين المحال عليه ، وكذلك لا تصح أن تكون قرضاً من المصرف الخاصم ، لأنه حين ذاك قرض جر نفعاً ، وأيضاً لا تصح على سبيل بيع الدَّين لغير من هو عليه ، لأن العوضين هنا هما من النقود ، ولا يجوز بيع النقود بالتفاضل . فإذاً هذه العملية (الخصم) تضاف إلى عمليات التسليف بالفائدة التي تقوم بها المصارف ، ويشملها كلها نظر شرعي واحد([3]).
   ب. القروض :
الإقراض من أهم الخدمات والنشاطات الرئيسية في المصرف التقليدي ؛ لان المصرف في الأصل تاجر ديون ، والفوائد التي يتقاضاها المصرف الربوي على القروض ربا محرم ، مهما اختلفت مسمياتها المهم تكييفها الفقهي ، ولذلك فانه لا فرق بين قرض إنتاجي واستهلاكي أو استثماري ، وأن الربا المحرم قليله وكثيرة حرام.
   ج . السحب على المكشوف :
أن يسمح المصرف التجاري لبعض عملائه بالحصول على قروض تتجاوز قيمة أرصدتهم بحيث يصبح حسابهم الجاري مكشوفا أي مدين بعد أن كان دائن ، ويتم ذلك لمدة قصيرة مع تحديد حد أقصى بقيمة المبالغ المسحوبة ، ولا يتقاضى المصرف عن ذلك أية مصاريف أو فوائد وبعد فترة سماح قصيرة يبدأ حساب الفوائد على الحساب المدين الذي قدم فيه المصرف ذاك القرض ، وقد بدأت المصارف الربوية بحساب فوائد على السحب حتى في فترة السماح.
والسحب على المكشوف بهذه الصورة غير مشروع ، ويعتبر ربا محرما ، ويرى الدكتور محمد بابلي أنه في حالة السحب على المكشوف دون احتساب فوائد فان الأمر جائز وهو من القرض الحسن التي تستحسنه الشريعة الإسلامية.
      د. الاعتماد المستندي غير المغطى بالكامل :
وهو ما تقوم به المصارف التقليدية من تمويل جزئي أو كلي للاعتمادات المستندية لقاء فائدة محتسبة على أساس فترة التمويل وهو تعامل ربوي محرم شرعا. وهناك بدائل شرعية لهذه المعاملة وتحويلها إلى عمل شرعي عن طريق عقد المضاربة أو المرابحة للآمر بالشراء.
     هـ. الودائع بالفوائد :
إن جميع الودائع التي تقبلها المصارف التقليدية مقابل فائدة متفق عليها ، تبعا لسعر الفائدة الجاري ، هذه الودائع كلها محرمة شرعا ، فالودائع الجارية التي تعطي فائدة ، ودفاتر التوفير بفائدة ، وودائع الأجل ، والسندات بفائدة ثابتة أو عائمة أو قابلة للتحويل إلى أسهم ، وسواء أكانت بعملة محددة أو بسلة من العملات ، كحقوق الدفع الخاص أو وحدات النقد الأجنبي. فكل ما سبق سواء بالتحريم ؛ لأنها لا تخرج في تكييفها عن قرض بفائدة ، وهو ما تحرمه الشريعة .
وهكذا نرى بوضوح مدى تغلغل الفائدة في عمل البنوك التجارية والتي تأخذ أشكال ومسميات مختلفة ، فالفائدة جزء لا يتجزأ من عملية الإقراض ، سواء كان القرض من الفرد للمصرف أو من المصرف للفرد أو لهيئة أخرى ، أو عند الاكتتاب في السندات التي تطرحها

الشركات للجمهور للاكتتاب العام فيها.
وبهذا نجد أن التمويل في ظل النظام الرأس مالي ، وفي ظل المؤسسات المالية وعلى الأخص المصارف التي نشأت لخدمته ، تعتمد على الفائدة ويتلخص تبرير سعر الفائدة في النظام المصرفي إلى أنها إما ثمن للانتظار ، وإما كما قال كين- ثمن التضحية بالسيولة النقدية ، لا ثمن الانتظار. 


[1])) الخرشي على مختصر سيدي خليل ، ج5/77، البهجة في شرح التحفة ، التسولي ، ج2/47 .
[2])) تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق ، الزيلعي ، دار المعرفة ، بيروت ، ط2 ، بدون تاريخ ، ج4 ، ص83 ، المجموع ، النووي ، ج9/275 ، المبدع في شرح المقنع ، ابن المفلح ، المكتب الإسلامي ، بيروت ،1980، ج4 ، ص199 ، المحرر في الفقه على مذهب الإمام أحمد ، مجد الدين أبي البركات ، مطبعة السنة المحمدية ، القاهرة ، 1950، ج1،ص338.
[3])) الموسوعة الفقهية الكويتية ، وزارة الأوقاف ، الكويت ،  1987، ص243،242 .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق