السبت، 22 فبراير 2014

السياق التاريخي لمسألة الإصلاح الدستوري-السياسي في المغرب



السياق التاريخي لمسألة الإصلاح الدستوري-السياسي
     كان لإقبار نظام الثنائية القطبية وانتشار المد الديمقراطي العالمي إلى جانب حدوث تحولات نوعية  طرأت على المجتمع المغربي مع بداية عقد التسعينات دور كبير خلق نوع من التوافق السياسي بين جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني والأحزاب الوطنية المتمثلة في الكتلة الديمقراطية قصد إجراء إصلاح دستوري سيشكل مدخلا أساسيا للقيام بانتقال ديمقراطي هادئ وهادف من داخل بنية النظام السياسي المغربي  على اعتبار أن الدساتير الديمقراطية تعبر عن مواكبتها للمرحلة المنبثقة فيها وترجمتها لمقتضيات دولة القانون[2] .
 المطلب الأول: دور التحولات الدولية لعقد التسعينات في تدشين مسلسل الإصلاح الدستوري
      مع مطلع عقد التسعينات شهد المنتظم الدولي جملة من التحولات الجوهرية تجلت في إقبار نظام الثنائية القطبية وبروز نظام عالمي جديد أمسى يحمل بين طياته تصورات ومفاهيم جديدة؛ فانتشر المد العالمي للمسألة الديمقراطية الذي طال بلدان أوربا الشرقية وإفريقيا حيث عرفت هذه الأخيرة ظاهرة المؤتمرات الوطنية التي طرحت على بساط المناقشة كل الإشكاليات السياسية كالمسألة الدستورية[3] إلى جانب إقرار حقوق الإنسان بمفهومها الكوني[4] كما أفضى هذا النظام إلى تبني نظام العولمة، إذ يشير إغناسيو راموني على أن هذه المرحلة بدأت خلال الثمانينات؛ وبالضبط في نهايتها لتتخذ سنة 1990 مؤشرا للقطيعـة مع مرحلة سابقة، وهي السنة التي عرفت انهيار جدار برلين؛ لكن حتى لا نبقى مقتصرين على نوع من الصنمية والأحادية على هذه السنة فقط نستطيع أن نوسع المؤشر الزمني ليشمل 1989-1991 فخلال هذه الفترة الوجيزة وقعت ثلاثة أحداث أساسية كبرى هي التي تؤسس لهذه المرحلة الجديدة، وهذه الأحداث هي سقوط جدار برلين سنة 1898 واندلاع حرب الخليج الثانية لسنة 1991 وانهيار الاتحاد السوفيتي في دجنبر 1991[5] 
وعلى اعتبار المغرب فاعلا نشيطا داخل المنتظم الدولي فقد تأثر برياح التغيير؛ حيث أشار العاهل المغربي الحسن الثاني على أنه "سيكون من مجافاة الصواب القول إننا غير معنيين بالأحداث التي شهدها العالم أو إدعاء ألا تأثير لها علينا"[6] دون أن ننسى الموقع الجغرافي المتميز للمغرب الذي يفرض "علينا أن نظل حذرين يقظين؛ ولكن دون أن نغفل أو نتجاهل ما يجري حولنا، وهذا هو ما جعلنا دائما متابعين ما يعتري العالم من تقلبات، منتهين إلى ما يجري على ساحته من تطورات ومهتمين أكثر من ذلك بما يحققه المغرب من تقدم وما يجري فيه من تحول"[7] مضيفا جلالته في موضع آخر "العالم كله عرف تغييرات عميقة قلبت كل الأسس بما في ذلك أن جانبا مهما من هذا المجتمع هوى بكامله مبرزا عن نفسه للعالم مظهرا غير منتظر بدا فيه نظام القطبية وقد انقلب رأسا على عقب. وكان من الطبيعي والحالة  هذه أن يسعى المغرب بدوره إلى التلاؤم مع النظام الجديد فمبررات انحسار والانقطاع التي كانت واردة  فيما مضى لم يعد لها وجود"[8].

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق