الأحد، 23 فبراير 2014

نشأة و تطور النقد الدولي صندوق و أهدافه والدول المؤسسة له



نشأة و تطور الصندوق و أهدافه:
على اثر الاضطرابات التي سادت نظام النقد الدولي خلا فترة الحرب العالمية الثانية أجمعت الدول رأيها على تسلم أمرها إلى منظمة دولية تأخذ على عاتقها مهمة الإشراف على تغيير أسعار صرف عمات الدول، و قد كان مؤتمر برتون وودز بالولايات المتحدة في جويلية 1944 الذي عتر نقطة تحول في العلاقات الاقتصادية الدولية قد وضع الأساس للتعاون فيما بين الدول و لحل مشاكل النقد العالمية.
-1-I اتفاقية برتون وودز:
        نتيجة الفوضى التي سادت النظام النقدي الدولي قبل وخلال الحرب العالمية الثانية اندفعت الدول للبحث عن نظام نقدي دولي جديد من شأنه التخفيف من حدة هذه الاضطرابات و الأزمات و كذا يحقق ه أهدافها المتمثلة في خلق تجارة دولية متعددة الأطراف، ثبات أسعار الصرف، إمكانية التحويل من العملات، ...
        على إن تمتع النظم الجديد بمرونة كافة فيكون بمقدور هذه الدول إتباع السياسة النقدية الملائمة لظروفه الاقتصادية في الداخل.
        و يتشكل هذا النظام أساسا من مؤسسة مالية دولية تربطها علاقات بالبنوك الوطنية المركزية للدول، و ف هذا الإطار برزت مناقشات عديدة بتشجيع كل من الولايات المتحدة الأمريكية و إنجلترا حول الطرق المثلى للتحكم في أسعار الصرف و في ظل أي نظام نقدي، و كيفية تسهيل حركة المبادلات الدولية و تحقيق نوع من التوازن في ميزان المدفوعات للدولة.
        و منه تم استدعاء مجموعة من الخبراء الماليين الأربع و أربعين دولة للمشاركة في المؤتمر النقدي للخروج بوثيقة تعتبر معاهدة دولية لتنظيم الحياة الاقتصادية و المتمثلة في اتفاقية بريتون وودز، هذه الأخيرة تعتمد بشكل كبير على مخطط " هاري هوايت" الامريكي، و تأخذ بعض البنود من خطط "اللورد كينز" الإنجليزي.
-1-1 مخطط كينز
        هو مشروع نسب لواضعه البريطاني "اللورد مينارد كينز" و قد وضع المشروع سنة 1941 إلا انه قدم كورقة عاملة سنة 1943 يرسم فيها الإطار الذي من خلاله يمكن قيام نظام نقدي دولي.
        و لقد تمحور هذا المخطط حول فكرة جوهرية مفادها تكوين اتحاد ماصة دولي، أو بالأحرى إنشاء بنك مركزي دولي للاحتياط، بحيث يتيح للدول الأعضاء أن تحصل على اعتمادات واسعة و تستطيع بواسطتها تسديد عجزها الخارجي و عليه فإن الذهب لا يمكن اعتباره الحل الأمل لاسيما إذا كانت الدولة تتمتع بفائض كبير يمكنها من جلب هذا المعدن و كذا اقتراح كينز إضفاء الطابع النقدي على المبادات الدولية و ذك في إطار أسعار الصرف الثابتة.
و على ضوء ما سبق مكن معرفة العناصر التي يتضمنها المخطط و التي تتمثل في:
أ- إنشاء عملات دولية جديدة: يتم ذك بسعر صرف ثابت بالنسبة للذهب و اصطلاح على تسميته (البانكور –BANCOR) و بذلك يلغى كل الاحتياطي من العملات الرئيسية إلا أنه يبقى على قاعدة صرف الذهب و هذا لأغراض نقدية دولية، حيث يرى كينز انه عند دخول المخطط حيز التنفيذ و التطبيق تصبح المدفوعات الدولية تتم بعملتين فقط هما (البانكور و الذهب) و يمكن للدول الحصول على البانكور عن طريق بيع الذهب و استخدم حقها في الاقتراض من " اتحاد المقاصة الدولي"، أما العملية العكسية أي الحصول على الذهب مقابل البانكور فإن ذلك غير ممكن.
        و يستند هذا المخطط أيضا على حالات العجز و الفائض، ففي حالة العجز تلجا الدول لبيع الذهب أو الاقتراض من أجل الحصول على البانكور حيث يمكن تحديد حجم الحصة لأي بلد على أساس صادرات و واردات البلد، و من ثم تحديد رسم يقدر ب، 1% سنوا للدولة التي تطلب قرضا لا يزيد عن نصف حصتها، أما إذا تجاوزت ذلك فإنها مجبرة على دفع رسوم 2% سنوا و حتى الدول التي تحقق فائضا و ذلك عندما يفوق رصيدها الدائم نصف حصتها و قد حدد هذا الرسم بـ %1 سنويا.(1)
ب- تطبيق نظام معدل صرف ثابت: إن تطبيق هذا النظام يجعل ك العملات بما فيها العملات المهيمنة تشترك ف عملة موحدة هي " البانكور" و في هذا المجال فإن معدلات الصرف ثاتة، و قد افترض كينز في هذا المجال السماح بتخفيض اعملة في حدود %5 إذ تجاوزت الدولة %25 من حصتها خلال السنة.(2)
·        إنشاء بنك مركزي دولي.
·        إنشاء عمة جديدة تكون دولية التعامل تدعى " البانكور"
و ما يجدر ملاحظته هو أن الأسس التي قام عليها المشروع كانت تخدم المصالح الخاصة لبريطانيا و تتجاوب مع أهدافه التي ترمي على تحقيقها بإقامة هذا النظام الجديد حيث تسعى لتحقيق ما يلي:
·   إيجاد الكيفية المناسبة التي تسمح بالحصول على كمية كبيرة من الدولارات لإعادة بناء الاقتصاد و تصحيح العجز الكبير في ميزن المدفوعات.
·        استخدام السياسة النقدية بحرية تامة دون القبول بفرض قيود معينة.
·   تقوية مركز الجنيه الإسترليني و بشكل خاص مقابل الدولار مع تمكين لندن من القيام بدورها كسوق نقدية متطورة.
-2-1 مخطط هاري هوايت:
        عن الطرح الذي قام به (هاري ديكستر هوايت) كان بناءا على تجربته و معرفته للأوضاع الاقتصادية العالمية التي اكتسبها من خلال ممارسته لوظيفته كأمين مال للخزينة الأمريكية.
فمخطط هوايت يعكس وجهة نظر الأمريكيين و يمكن تلخيص طرح هوايت ف نقطتين:
·        ضرورة إنشاء وحدة حساب اسمها " UNITAS" محدودة بالنسبة للذهب.
·   اقتراح صندوق لتسوية المبادلات بين العملات و هذا مناجل تصحيح الاختلافات الموجودة و هذا لا يتم إلا بتثبيت العملات الأجنبية بالنسبة للوحدة " UNITAS ".
و قد ركز هوات على ضرورة توازن المدفوعات أكثر من اهتمامه بالقضايا التجارية، و حتى يمكن للدولار أن يحتل مكانته فإنه يقترح تمويل الولايات المتحدة الأمريكية لهذا الصندوق القسط الأكبر من اجل إمتلاكها لأكبر احتياطي من الذهب العالم.
و على العموم يمكن حصر أوجه التشابه بين المشروعين في النقاط التالية:
·        كلا المشروعين يقترحن إنشاء مؤسسة دولية مشتركة.
·        كلاهم يؤكد على ضرورة منح مساعدات تمويلية للبلدان الأعضاء التي تعاني عجز في ميزن مدفوعاتها.
·   العم على استقرار أسعار الصرف عن طريق تثبيت العمات الأجنبية بالنسبة لـ " UNITAS" و هذا رأي هوايت و تثبيتها بالنسبة لكينز.
و أما بخصوص أوجه الاختلاف تكمن في فكرة اتحاد المقاطعة الدولي و جوهر الاختلاف يكمن ف بسط الاستقرار، غذ يعد بمثابة بنك للدول الأعضاء نظرا للعلاقة التي ستربطه بالبنوك المركزية، كما أنه لم يتطرق إى التزامات الدول الدائنة بل يقترح قيودا صارمة تجاه الدول المدنية.
        و فيما يخص تضارب المشروعين فإن هذا يعد طبيعيا لأنه يعكس السباق الذي نشأ بين الدولتين، و قد احتاج التقريب بين المشروعين المتعارضين إلى إلقاء ممثلي كل من الدولتين 9 مرات بواشنطن في سبتمبر و أكتوبر 1943، و حاولا مقدما المشروعين التوصل إلى حل وسط يتمثل في مشروع مشترك، و بعد مناقشات مطوية فز مشروع هوايت لأسباب سياسية تتمثل في هيمنة الاقتصاد الأمريكي، خاصة أن بريطانيا مازالت تحت نيران الحرب العالمية الثانية و بالتالي فقد تخلى البريطانيون عن مخططهم و انظموا إلى المخطط الأمريكي مقابل رفع الأمريكيين للرأسمال المخصص لصندوق الاستقرار من 9-5 مليارات دولار.
        و قام النظام الندي الدولي الجديد بموجب اتفاقية بريتون وودز على أساس مخطط هوايت مع استكماله بجزء مما ود في مخطط كينز.
-3-1 نشأة الصندوق.
        إن النتائج المترتبة عن الانهيار الاقتصادي الذي ساد خلال الثلاثينيات و كذا الدمار الناجم عن الحرب العالمية الثانية أرغم الدول المتحالفة على الاتفاق من اجل وضع أسس جديدة للتعاون الدولي بسبب انهيار الشبكة العالمية للتبادل و نهيا نظام المدفوعات المتعدد الأطراف.
        فمن سنة 1941 شرعت الحكومة الأمريكية في إعادة البناء الاقتصادي لما بعد الحرب وفق منظور ليبرالي، و قد ترجم هذا التطور من خلال اتفاق التعاون المتبادل بين الولايات المتحدة الأمريكية و بريطنيا في 23 فيفري 1942، و نظرا لهذه الأسباب بادرت الولايات المتحدة الأمريكية إلى حث الأمم المتحدة بعقد مؤتمر اقتصادي عالمي لمناقشة و تحليل الأفكار المطروحة، هذه الأخيرة وجهت الدعوى إلى 44 دولة، و عرض في المؤتمر التمهيدي أهم المقترحات التي وردت في مخططي كينز و هوايت و كان ذلك في 15 جوان 1941.
        ثم كان مؤتمر بريتون وودز من 1 إلى 22 جويلية 1944 الذي تم فيه التشاور و مناقشة المشروعين بصفة رسمية، حيث وضع ممثلو البلدان المشاركة اتفاقية التأسيس لمؤسسة دولية تشرف على النظام النقدي الدولي، و تمخض عن هذه الأخيرة إنشاء كل من:
·        صندوق النقد الدولي.
·        البنك العالمي للإنشاء و التعمير.

الجدول (01) الدول المؤسسة للصندوق النقدي الدولي.

1       استراليا
2      بلجيكا
3      بوليفيا
4      كندا
5      الشيلي
6      الصين
7      كولومبيا
8      كوستاريكا 
9      كوبا
10الدانمارك
11الدومينيكان
12الإكوادور
13مصر
14و.م.أ
15إثيوبيا
16فرنسا
17اليونان
18غواتيمالا
19هايتي
20الهندوراس
21الهند
22العراق
23إيران
24أيسلندا
25ليبيريا
26لكسمبورغ
27المكسيك
28زيلندا الجديدة
29 نيكاراغوا
30      النرويج
31      بنما
32      البرغواي
33      هولندا
34      البيرو
35      الفيليبين
36      بولونيا
37 بريطانيا
38 السلفادور
39تشيكوسلوفاكيا
40 إفريقيا الجنوبية
41الاتحاد السوفياتي
42 الاورغواي
43 فنزويلا
44 يوغسلافيا
المصدر: د. الهادي خالدي، مرجع سابق، ص49.
قضى مؤتمر بريتون وودز بان الدول المؤسسة هي التي وقعت على الاتفاقية أو التي قبلت حكومتها الانضمام او التوقيع على الاتفاقية قبل تاريخ 31/12/1945.
        و في 27/12/1945 تم التوقيع على نص الاتفاقية من قبل 29 دولة فقط، و دخلت الاتفاقية حيز التنفيذ بع أن تحقق الشرط الذي تضمنته المادة العاشرة من ذلك الاتفاق و المتمثل حسب الملحق (أ) للاتفاق نفسه في التوقيع عليه من طرف عدد من الدول يمتلك مجملها %65 من حصص الصندوق و إيداع تلك الدول أدوات التوقيع لدى حكومة الولايات المتحدة الأمريكية.


(1)  د. الهادي خالدي، المرأة الكاشفة لصندوق النقد الدولي، المطبعة الجزائرية للمجلات و الجرائد، الجزائر 1996، ص40.
(2)  د- الهادي خالدي، المرجع نفسه، ص41.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق