السبت، 22 فبراير 2014

تراث المغرب



التراث في المغرب
لدينا دراسات وبحوث معمقة حول نشأة هذا الجانب الهام من ذاكرة الشعب المغربي الثقافية، وتاريخ مساره الطويل الموغل في التاريخ ، وسنكتفي للضرورة في هدا البحث بسرد المختصر منه ...

حسب الدراسات والبحوث المتوفرة لدينا حاليا أن فن العيطة بالمغرب يحتوي على خمسة أقسام رئيسية هي كالتالي : الجبلي – المرساوي- الحصباوي – الحوزي – الروايس. كما أن لهذه الأقسام روافد أو مناطق تلاحق تولدت عنها عدة فروع مثل : الزعري – الورديغي – الغرباوي ... إلخ. ثم قاسم مشترك بين كل هذه الأنماط ، سواء الرئيسية منها أو الفرعية وهو الساكن أو السواكن. المعروف بطابعه الصوفي – الغيبي- الديني. يشمل اهل الزهد والتقشف في حياة وادارة الظهر عن مباهجها . تولدت عنه عدة طرق وطوائف شملت جوانب مهمة من الفكر والعقائد لعدة فئات من الشعب المغربي ، ساهمت في خلق أحداث وتطورات تاريخية هامة، وتحولات جذرية لحياة الشعب والجماهير الواسعة عبر أزمنة صنعت التاريخ .

اننا نتعامل مع تراث شعبي شفاهي حافظت الذاكرة الشعبية على قسط منه، بينما ضاعت الأقساط الأخرى وسط مستنقع الاهمال والنسيان وغياب التوثيق من جهة، واختفاء الرواد – المعلمين بانتهاء أجالهم المحترم ، كما يقول المثل : يمش المعلم ويد معه.

اذا عدنا للحديث عن الجبلي، أي وسائل التعبير عند سكان منطقة الشمال الغربي من المغرب ، المعروف بفن الطقطوقة الجبلية المتميز ، وما تشمله من عيوط وانماط تعبيرية مثل جهجوكة – البارود.

ان اشكالية النشأة تضعنا أمام حاجز منيع حجب معرفة ميلاد وتطور هذا الفن الشعبي على حقيقته ، ورمى بنا بين متاهات الإفتراض والتقديرات التي قد تصيب في جزء منها، وتخطئ في أجزاء أخرى ، لكن هذا التخوف لا يجب أن يظل جدارا سميكا وحاجزا قويا في وجه البحوث والدراسات ، وعازلا أمام كل الاجتهادات والاستنتاجات التي تنير الطريق للوصول الى اقرب الافتراضات والتصورات الشمولية لهذا الفضاء الشاسع الإطراف الموغل في التاريخ والحقب.







تعود جذور هذا التراث الى ما قبل دخول الاسلام الى المغرب ، حيث كان غناء جماعيا مبني على ما يسمى بالحوار الشعري المرتجل – على حد تعبير المرحوم بوحميد – والذي كان يقوم به شخص واحد من المجموعة التي كانت تضم فريقا من الرجال في فترات معينة ومناسبات محددة كالحفلات العادية مثل : حفلات النصر – الزواج – العقيقة، وأن هذا النوع من الغناء كان يستعمل أدوات جسمانية أكثر من غيرها ، وهي التصفيق باليد والتوقيع بالقدم، عكس الأنواع التعبيرية في شمال المغرب – جبالة – حيث يستعمل الغناء والتطريب لتقريب المتلقي إلى فهم الموضوع الذي تحمله الأغنية.

عرف المغرب مرحلة انتقالية غابت خلالها مظاهر الغناء والاحتفال بالطرقة التي كانت من قبل ، من رقص واشراك المرأة في المجموعات والفرق ، خاصة العهد الموحدي المتزامن طبعا مع الدخول الهلالي إلى المغرب ، وقد أثر هذا تأثير كبيرا في ضيق نطاق الموسيقى لهذا العهد الذي نشأت عليه دوله الموحدين ، من التدين والتقشف ومقاومة المناكر ، بما فيها من ألات اللهو التي كان المهدي بن تومرت يأمر أصحابه بتكسيرها ، مثل ما فعل في فاس ، ومن أبرز الشواهد على هذا أن الجيش الموحدي نفسه لم تكن به الموسيقى تذكر.




وحسب العديد من المصادر فقد كان لابد من مرور ردح من الزمن ليبدأ الغناء الفردي في المغرب بالظهور مصاحبا بألات موسيقية غالبا ما كانت في أول الأمر نوعا من الليرة بحيث ثبت عند صاحب المراكشي في مؤلفه المعجب أن الهلاليين لما جاءوا إلى المغرب أدخلوا معهم هذه الألات التي كانوا يؤدون بها مجموعة من الملاحم الشعرية الفصيحة، حيث كان الطرب الشعبي يعتمد على أغاني مغربية ينشدها بعض المغنيين في المحافل والأسواق، بعد هذه الفترة سيبدأ الغناء في الظهور بشكل أكبر وأوسع حيث سيشيع ويرتقي إلى استماع الأمراء، إضافة إلى دخول الطرب المعروف إذاك ب : السماع ، والذي استقدمه الأندلسيون معهم ، وقد ولع الخلفاء به ، وفي إطار حصر الحديث عن الموسيقى العربية بالمغرب من بين ثلاثة أنماط وهي : الموسيقى العربية – الأندلسية – البربرية . والموسيقى العربية التي يحدد اطارها الجغرافي في مجال تقطنه القبائل المستهلكة لهذه الأغنية ، والذي يتميز بالشساعة في اطاره العرقي والسوسيو اقتصادي ، إذ منذ القرن الثاني عشر الميلادي شهدت السهول الأطلسية المغربية استقرارا للقبائل العربية التي امر بنقلها من مواطنها الأصلية ، السلطان يعقوب المنصور الموحدي ، وعلى اثر هذا الاستقرار حصل تعايش بين نمطين من الحياة – الترحال ونمط الاستقرار – الذي يعتمد الفلاحة وتربية الماشية ، وحصيلة هذا التساكن هو نشأة جديدة وملائمة لخلق وتطور هذا النوع من الغناء ، وقد عللت حركات احتفاظ الغناء الأندلسي على مقوماته وشذوذه عن قاعدة التأثر بالواقع والمؤثرات المحلية، إلى أن المغرب احتفظ بالأصول العريقة لهذه الموسيقى بشكل أقوى ، نظرا لأن اللغة البربرية وعوائد البربر كانت بطبيعة الحال أكثر رسوخا وانتشارا ، مما أدى ودعا المجتمعات الأندلسية المهاجرة هنا إلى منعزل أمدا طويلا بعوائدها وتقاليدها حتى أن ما حدث بصفة عامة هو أنها استقطبت من عناصر البربر المنصهرين بها أكثر مما تأثرت المجتمعات الأندلسية لهذه العناصر .

وبالنسبة إلى الأدوات المصاحبة لهذا الغناء والتي نجدلها ذكرا مقسما إلى نوعين : ماله علاقة بالطرب المغربي المحلي قبل النزوح الأندلسي – وماله علاقة بالطرب والغناء الأندلسي.










إن الألات المستعملة في الغناء الأندلسي قد ذكر كل من : الكريج – العود – الروطة – الخيال – الرباب – القانون- المونس – الكثيرة – الفنار- الزلامى – الشغرة – البوق – النورة وفيها مزمران ، واحد غليظ الصوت وأخر رقيقه.

كما تسجل دراسة مدخل إلة تاريخ وفنون المغرب ، بأن دخول الهلاليين إلى المغرب رافقه ظهور ألات جديدة من حيث وصفت مسيرتهم نحو المغرب نحو سنة 1170 م أنهم : كانوا يسيرون على إيقاع الطبول ونغمات الغيطات .

ومن ثم ذلك السياق الوصفي يدل على أن هذه الألات كانت مما يستعملونه في حروبهم وغزواتهم ، وهي ذاتها اتخذها الموحدون من شارات ملكهم إلى جانب الألوية والأيات القرءانية ، وقد سجل ابن خلدون في ذلك :

أن العرب كانوا منذ أن انتقلت خلافتهم ملكا يتخذون قرع الطبول والنفخ في الغيطات في مواطن حروبهم ومظاهر أبهتهم . أما الألات المستعملة في الغناء المغربي كانت محصورة في : الدف – أفوال – الليرة – أبوقرون.

الطقطوقة الجـــبـــــلـــيــــة


سميت بالطقطوقة الجبلية تمييزا لها عن باقي الأجناس الأخرى من الفنون الغنائية بالمغرب ، وقد اختلف الباحثون والمعلمين في أصل التسمية ، منهم من يرجح ذلك إلى الإيقاع الذي تتميز به الأغنية الجبلية : طق طق . ومنهم من يربط هذه التسمية بطلقات البنادق أثناء الحروب والحفلات التي تقام خلال المهرجانات الشعبية والمناسبات.





تتألف الأغنية الجبلية من قسمين أو ثلاثة .

الريلة : موضوع الأغنية الذي يجب أن يصل إلى المتلقي حاملا عدة معاني ورموز الحالات النفسية والروحية ، مثل الفرح و الحزن ، السعادة والألم وغيرها، كما أنها تحمل أخبار المعارك والحروب ، الانتصارات والهزائم ، وتحمل كذلك تحمل بين طياتها مواضيع التغني بجبال الطبيعة والغزل ، وهي المحاور الثلاثة التي تشتغل عليها الطقطوقة الجبلية كصنف من أصناف العيطة ، وأي النداء إلى الاستماع والانخراط في أطوار ومراحل الأغنية ، غناء وعزفا ورقصا.

التعريضة : اندماج كلي بين كل العناصر المكونة لهذا الحدث الفني ، أي دخول المتلقي كليا ضمن المرحلة الأخيرة للأغنية ، ختامها يكون عادة تعبيرا بالرقص الفردي أو الجماعي .

أما بعض الدراسات وبعض المعلمين يتفقون على أن للأغنية الجبلية ثلاثة محاور وهي :

الفراش : وهي الطقطوقة الموسيقية التي تسبق الأغنية، وهي نداء إلى المتلقي للدخول في إطار الأغنية ، وإثارة الانتباه ، ومن خلال هذه المقطوعة يمكن معرفة الأغنية التي ستغنى لاحقا.

الغطاء : قلب الأغنية التي تحمل بين طياتها خبرا مبطنا لحدث اجتماعي أو ثقافي أو فني ذو دلالات عاطفية – طبيعية – تاريخية .

الحساب : المرحلة الأخيرة من أطوار الأغنية، حيث تكون قد استوفت شروط التبليغ والاخبار، ثم انخرطت فرديا أو جماعيا في لحظة اندماج كلي للتطيب والانتعاش الشعوري الذي يعبر عن الفرح والسعادة .

ولهذه الأقسام مسببات ودوافع قامت عليها الأغنية ، فقد نلاحظ عند نمط الكباحي وهو نمط يحمل بين طياته أخبار المآسي والأحزان لا يمكن للأغنية أن تشمل مرحلة الحساب – التعريضة لما هذه الأخيرة من جو التطريب والتنغيم.

كما حددت دراسات أخرى عن الألات التي أدخلها الهلاليون معهم هي : الشبابة وهي قصبة للنفخ أكبر من الناي.

الرباب العربي وهو ذو وترين إثنين في مقابل الرباب السوسي ذي الوتر الواحد والدف ولعله المربع قديما ، وقد أفضى تسرب هذه الألات والمعطيات إلى نشوء ظاهرة الجوق الشعبي المستعرب في مناطق السهول. وهو جوق تميزه خاصيتان أولهما إدخال ألات تختلف في طبيعة تركيبها وطريقة استخدامها عن الألات المستعملة في الأغاني الأمازيغية ، والثانية اعتماد أسلوب في الغناء يقوم على ألحان خاضعة لأوزان شعورية زجلية مستحدثة، وفي كتاب افريقيا لمارمول كاريخال ذكر أن : أعراب منطقة نوميديا يتغنون بقصائدهم المقفاة الموزونة على أنغام الدف والعود والكمان. أما الفيول هي عبارة عن إحدى صور الرباب العربي في مرحلة من مراحل تطوره نحو الكمان.

وفيما يخص المنطقة الشمالية من المغرب، ونعني بها منطقة الريف الموزعة على كتلتين بشريتين على حد تعبير الأستاذ التوفالي – كتلة شمالية غربية تتكلم اللهجة الدارجة المغربية – وكتلة شمالية شرقية تتحدث بالأمازيغية الريفية ، حيث يعتبر أن الألات الموسيقية المتوفرة بالريف بكثرة هي ألات الطرق مثل : أجون أو الدف ثم الخذنة أو الغيطة ثم ثامنجا أو الناي ، وغالبا ما يكون الشبابة ، كما أنه من الملاحظ أن أهل الريف لا يستعملون الألات الوترية إلا قليل ، حيث اخذوا ألات النغم والطرق.

إن الأغنية الشعبية في بلادنا لا تستقر على نمط أو صنف أو لون، هي مع المجالي أعداد كثيرة، ومع التنوع الجغرافي والطبيعي أنواعا متنوعة ، للجبل أنماطه وألوانه ، وللسهول محتوياته الغنائية ، وللسفوح والهضاب كذلك ، وللسواحل كما للصحاري صنوفها ، لكل من شرق البلاد وغربها ، شمالها وجنوبها غناء متنوع ومتعدد بشكل يجعل أحيانا لكل منطقة غناؤها الخاص بها ايقاعا وانشادا وكلاما وعزفا وتوقيعا ، مع التنوع اللغوي طبعا بين لهجات دراجة محلية وأمازيغية : تامازيغت ... تاشلحيت ... تاريفت . ويتضمن كل لغوي صنوفا وأنماطا غنائية متعددة.

تتركب الطقطوقة الجبلية من ثلاثة أنماط غنائية أساسية وهي : نقل الخبر – انتقاد الوضع، هذا النمطان يعتبران من صنف العيطة أي اشتقاقها من لفظة عيط، بينما النمط الثالث وهو التغني بجمال الطبيعة والغزل المقتبس من الأنماط الأندلسية المعروفة والمشهورة بهذا المجال الرائع، لا يعتبر من صنف العيطة بقدر ما هو صنف رومانسي حالم لا يخرج عن مجاله أيام السلم.

أما العيطة هي ذلك الغناء الذي يبتدئ بنداء ، وفي اللوازم تتخلله نداءات إلى جانب كونه غناء مركبا لا يحتمل الجزء الواحد ، وأقصد به هنا ميلوديا واحدة وايقاعا متشابها وبحرا من البحور اذ انه غالبا ما تتغير الميلوديا في الجزء الثاني، وكذا الايقاع والبحر الذي يطول او يقصر ، قد يكون فيصبح بسيطا او متوسطا.

ان العيطة اشبه ما تكون بالقصة المفتوحة والتي يظل موضوعها بكيفية مستمرة عرضة للتحوير والزيادات. ويهيمن فيه الارتجال الحر للناظمين . يزيدونه ثراء ونماء، ويفرغون فيه ما تعترض حياتهم من مأسي وأفراح. وما يجيش في نفوسهم من أماني وأمال ، حتى بات من العسير الوقوف على المؤلفين الحقيقيين للعيطات المتداولة، والعيطة وفقا لذلك لا تخرج عن الصفة العامة للغناء الشعبي.

يمكن القول ان التأليف بدأ فرديا على يد فرد، واستمر ايضا يقوم به أفراد ، ولكنه انتهى إلى أن أصبح جماعيا ، فقد اختفى الفرد وتسلل المجتمع تسللا غير محسوس إلى الدائرة ، ليفرض وجوه عن طريق الافراد ذاتهم ، وقلما نتعرف في الفنون العيطة على اسم المؤلف كما هو معمول به في طرب الملحون او طرب الالة مثلا...

هنا لا بد من ادخال الطقطوقة الجبلية ضمن مجال العيطة سواء من حيث التعريف الذي يعتمد النداء كمرجع في التسمية والذي نجده في العيوط بمختلف انماطها وانواعها وامكنتها ، او من حيث الغناء المركب والميلوديا والألات الوترية والايقاعية والتعريضات.

اما انماط العيوط الموجودة بالمغرب فهي تنقسم الى قسمين اثنين :

عيوط رئيسية وهي : الجبلي – الحصباوي – المرساوي- الحوزي- الدوايس.

وعيوط فرعية مثل : الزعري – الخريبكي – الشياظي – الغرباوي – الساكن . الذي يعتبر قاسما مشتركا بين كل الانماط السالفة الذكر ، سواء منها الرئيسية او الفرعية.

كما من المعتاد ان ينتقل الاشياخ والشيخات افرادا او جماعات بين المدن والقرى المجاورة او المتباعدة طلبا للعمل او للاسترواح او غشيان مواسم الاولياء، حيث كان يتم خلال هذه الانتقالات كثير او قليل من الاخذ والعطاء والتبادل بين الرباعيات المختلفة ، وقد نتج عن ذلك تلاقح في العيطة الشعبية موضوعا ، كمظهر من مظاهر الوضع الذي عرفت به نفسها، والمتمثل في نبذ الثبات والاستقرار المميت لكل فن ، والنشدان الدائم لتجديد شكلها ومضمونها.

ان من مميزات العيطة الجبلية انها سهلة الاداء والعزف الى درجة تجعل جميع الشيوخ يغنون الجبلي، فهي لا تتوفر على فصول كثيرة ، كما تتميز بليونتها ورقتها الى درجة ان المستمع للطقطوقة الجبلية يطرب وينجذب بخلاف العيوط الاخرى الخشنة مثل جهجوكة.

ان الطقطوقة الجبلية تقدم صورة رقيقة عن الزراعية والرعوية التي احتضنتها ، ولا تذهب بعيدا في التوضيح ، انما تقتصر على الاشارة العابرة لبعض المكونات البيئية ، كتمجيدها واطرائها على صفات الشجاعة والاقدام التي تكون مطلوبة في رجال القبائل وسادتها خلال الحقب المتقلبة من تاريخ المغرب، والطابع التعبيري عن هذه الحقب.

ان العزف في الطقطوقة الجبلية اذا كان الكنبري فيتم بثلاثة اوتار متكاملة واذا كان على الكمان يتم كذلك بثلاثة اوتار متكاملة وبالسلم الموسيقي الخامس المتكامل ، وتقع المساوية في لوتار او في الكمنجة المساوية العصرية المعروفة في الوقت الحاضر ، اما في العود فيستحسن ان يساوي الوتر الثاني في صول والتدرج معه الى الوتر الخامس على اساس ان الجبلي خلافا للغناء العصري يبدأ من أخشن الأصوات وينتهي الى أدقها.

الطقطوقة والسياحة :

لقد عرفت مؤخرا جميع القطاعات السياحية رواجا وازدهارا كبيرين بعد ما انتبهت هذه الأخير إلى ضرورة حضور الطقطوقة ضمن برامجها لما تتميز به من جاذبية واهتمام كبيرين لدى السياح ...


البـــــــــــــــــــــــاروووووود

قد لا يغيب عنا دور فرق البارود أي البواردية مع طقوس احتفالاتهم وثقافتهم وادوات التعبير عندهم التي يعبرون بها عن مشاعرهم وامالهم وتطلعاتهم ، والرموز التي يشيرون بها في اغانيهم ومواويلهم وصيحاتهم التي تمجد البندقية والبارود ، وترسم المواقف البطولية التي وقفها الابطال والشجعان منهم .











ان البواردية لا يستطيعون العمل دون الطقطوقة الجبلية وجهجوكة ، انه الثلاثي الملازم في كل الحفلات العمومية والمواسيم والمهرجانات الشعبية، كانت في هذه اللقطات الشعبية الواسعة والتي تقام في اوقات معينة من السنة عند الاضرحة، بمثابة التباري بين الافراد والجماعات لإبراز المواهب والطاقات القتالية العالية التي يتحلى بها الشجعان ايام الحرب، والتعبير عن فانتاسيا القنص والصيد ايام السلم، وقد اصبحت هذه الطقوس في طي النسيان امام التغيرات التي يعرفها العالم ، وقد تخلت عدة قبائل عن هذا الجنس التعبيري الهام، بينما حافظت على بعضها الاخرى على هذا الارث الحضاري رغم الصعوبات والعراقيل ورغم التيارات الجارفة والاغراءات المادية، ومن بين هذه القبائل المحافظة قبيلة الأخماس التي مازالت لها تقاليد زيادة الولي الصالح مولاي عبد السلام بن مشيش وسط جو خاشع تحيط به هالة طلبة حفظ القرآن والفقهاء، وامداح السماع والاذكار وطلقات البنادق المعبرة عن القوة ومواصلة الحفاظ على حدود القبيلة من كل مغتصب دخيل ، انها رموز القوة والشجاعة والاقدام



في 15 شعبان من كل سنة تنطلق القبيلة وهي زمرة من الرجال تمثل رجال الدين والشرفاء والزوار الى جانب كوكبة من حملة البنادق تحرسهم ليل نهار. تطوف بمجموعة من المداشر التي تمر منها في طريقها الى ضريح الولي الصالح مولاي عبد السلام بن مشيش قطب جبالة، يمثل هذا الموكب الرمز الذي حافظ على عادات وتقاليد ضاربة في جذور التاريخ ، اصبح جزء من حياة اهل المناطق الشمالية الغربية للمغرب ضل صامدا الى اليوم .

فــــــــــــن الحـــضرة

يعتبر فن الحضرة من الفنون العريقة بمدينة شفشاون، المدينة التي إستقطبت عدة أجناس من فنون التعبير الشعبي ذو الأصول الأندلسية عبر حقب التأسيس، كالمديح والسماع وطرب الألة والطقطوقة الجبلية.

إن ما يميز فن الحضرة على الفنون الأخرى كونها فنا يقتصر على النساء فقط، لها طقوسها وشيوخها وامكاناتها ومناسباتها الدينية والإحتفالية والإجتماعية .

الحضرة وسيلة إلتقاء نساء المدينة في مثل هذه المناسبات داخل البيوت والزوايا قصد صلة الرحم وإقامة طقوس الأذكار والمديح والتقرب من الله والرسول الأعظم بابتهالات ودعوات يغلب عليها طابع الصوفي – الغيبي العقائدي.


من بين أهم محطات الاحتفال بهذه الطريقة عند نساء شفشاون، نجد مناسبة عيد المولد النبوي الشريف، إذ تجتمع النساء الحضارات والمعجبات والمحبات لهذا الفن، في دار مولاي علي بريسون ابتداء من صلاة العصر إلى طلوع فجر اليوم التالي، تتخلل هذه المدة الزمنية أمداح النبي محمد عليه السلام وطقوس الجذبة – التخشعة التي تغيب فيها النساء المتخشعات عن وعيهن بالزمن والمكان لحظة الصياح والإستنجاد بمكارم الرسول والأولياء وذكر مكرماتهم في محاولة التقرب إليهم، وسط الإيقاعات الرتيبة المنبعثة من آلات البندير والتعريجة والطارة في تناسق وانسياب سلس تتخللها زغاريد وتماهي الجسد بالروح، والغيبي بالعقائدي، وتكون نهاية الحفل الديني بالدعاء الصالح للخلف، والطواف حول مكرمات وفضائل السلف، والتقرب من الله والنبي والأولياء، كما يعاد هذا الحفل يوم سابع المولد النبوي الشريف بنفس الطقوس والهالات التي تعطي النساء الحضارات مسحة من القدسية والإحترام بين الناس .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق