السبت، 22 فبراير 2014

الأغنية الجبلية



الأغنية الجبلية تتكون من قسمين أو ثلاثة .

الريلة : موضوع الأغنية الذي يجب أن يصل إلى المتلقي حاملا عدة معاني ورموز الحالات النفسية والروحية ، مثل الفرح و الحزن ، السعادة والألم وغيرها، كما أنها تحمل أخبار المعارك والحروب ، الانتصارات والهزائم ، وتحمل كذلك تحمل بين طياتها مواضيع التغني بجبال الطبيعة والغزل ، وهي المحاور الثلاثة التي تشتغل عليها الطقطوقة الجبلية كصنف من أصناف العيطة ، وأي النداء إلى الاستماع والانخراط في أطوار ومراحل الأغنية ، غناء وعزفا ورقصا.

التعريضة : اندماج كلي بين كل العناصر المكونة لهذا الحدث الفني ، أي دخول المتلقي كليا ضمن المرحلة الأخيرة للأغنية ، ختامها يكون عادة تعبيرا بالرقص الفردي أو الجماعي .

أما بعض الدراسات وبعض المعلمين يتفقون على أن للأغنية الجبلية ثلاثة محاور وهي :

الفراش : وهي الطقطوقة الموسيقية التي تسبق الأغنية، وهي نداء إلى المتلقي للدخول في إطار الأغنية ، وإثارة الانتباه ، ومن خلال هذه المقطوعة يمكن معرفة الأغنية التي ستغنى لاحقا.

الغطاء : قلب الأغنية التي تحمل بين طياتها خبرا مبطنا لحدث اجتماعي أو ثقافي أو فني ذو دلالات عاطفية – طبيعية – تاريخية .

الحساب : المرحلة الأخيرة من أطوار الأغنية، حيث تكون قد استوفت شروط التبليغ والاخبار، ثم انخرطت فرديا أو جماعيا في لحظة اندماج كلي للتطيب والانتعاش الشعوري الذي يعبر عن الفرح والسعادة .

ولهذه الأقسام مسببات ودوافع قامت عليها الأغنية ، فقد نلاحظ عند نمط الكباحي وهو نمط يحمل بين طياته أخبار المآسي والأحزان لا يمكن للأغنية أن تشمل مرحلة الحساب – التعريضة لما هذه الأخيرة من جو التطريب والتنغيم.

كما حددت دراسات أخرى عن الألات التي أدخلها الهلاليون معهم هي : الشبابة وهي قصبة للنفخ أكبر من الناي.

الرباب العربي وهو ذو وترين إثنين في مقابل الرباب السوسي ذي الوتر الواحد والدف ولعله المربع قديما ، وقد أفضى تسرب هذه الألات والمعطيات إلى نشوء ظاهرة الجوق الشعبي المستعرب في مناطق السهول. وهو جوق تميزه خاصيتان أولهما إدخال ألات تختلف في طبيعة تركيبها وطريقة استخدامها عن الألات المستعملة في الأغاني الأمازيغية ، والثانية اعتماد أسلوب في الغناء يقوم على ألحان خاضعة لأوزان شعورية زجلية مستحدثة، وفي كتاب افريقيا لمارمول كاريخال ذكر أن : أعراب منطقة نوميديا يتغنون بقصائدهم المقفاة الموزونة على أنغام الدف والعود والكمان. أما الفيول هي عبارة عن إحدى صور الرباب العربي في مرحلة من مراحل تطوره نحو الكمان.

وفيما يخص المنطقة الشمالية من المغرب، ونعني بها منطقة الريف الموزعة على كتلتين بشريتين على حد تعبير الأستاذ التوفالي – كتلة شمالية غربية تتكلم اللهجة الدارجة المغربية – وكتلة شمالية شرقية تتحدث بالأمازيغية الريفية ، حيث يعتبر أن الألات الموسيقية المتوفرة بالريف بكثرة هي ألات الطرق مثل : أجون أو الدف ثم الخذنة أو الغيطة ثم ثامنجا أو الناي ، وغالبا ما يكون الشبابة ، كما أنه من الملاحظ أن أهل الريف لا يستعملون الألات الوترية إلا قليل ، حيث اخذوا ألات النغم والطرق.

إن الأغنية الشعبية في بلادنا لا تستقر على نمط أو صنف أو لون، هي مع المجالي أعداد كثيرة، ومع التنوع الجغرافي والطبيعي أنواعا متنوعة ، للجبل أنماطه وألوانه ، وللسهول محتوياته الغنائية ، وللسفوح والهضاب كذلك ، وللسواحل كما للصحاري صنوفها ، لكل من شرق البلاد وغربها ، شمالها وجنوبها غناء متنوع ومتعدد بشكل يجعل أحيانا لكل منطقة غناؤها الخاص بها ايقاعا وانشادا وكلاما وعزفا وتوقيعا ، مع التنوع اللغوي طبعا بين لهجات دراجة محلية وأمازيغية : تامازيغت ... تاشلحيت ... تاريفت . ويتضمن كل لغوي صنوفا وأنماطا غنائية متعددة.

تتركب الطقطوقة الجبلية من ثلاثة أنماط غنائية أساسية وهي : نقل الخبر – انتقاد الوضع، هذا النمطان يعتبران من صنف العيطة أي اشتقاقها من لفظة عيط، بينما النمط الثالث وهو التغني بجمال الطبيعة والغزل المقتبس من الأنماط الأندلسية المعروفة والمشهورة بهذا المجال الرائع، لا يعتبر من صنف العيطة بقدر ما هو صنف رومانسي حالم لا يخرج عن مجاله أيام السلم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق