السبت، 22 فبراير 2014

تقوية ديناميكية مؤسسة الوزير الأول



تقوية ديناميكية مؤسسة الوزير الأول
    في عرضه أمام أعضاء أكاديمية المملكة المغربية بمناسبة انعقاد دورتها الربيعية لسنة 2000 في موضوع " فكر الحسن الثاني أصالة وتجديد" لم يتردد الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي في الإشادة بالتصور الجديد الذي أعطاه جلالته لبنية حكومة التناوب؛ ومن خلال التعديلات الدستورية التي اقترحها جلالته والتي ارتفعت بمنصب الوزير الأول إلى مستوى لمؤسسة التي تعمل جنبا إلى جنب مع جلالته في إطار مسؤولياتها الخاصة التي تجعل من الحكومة ككل جهازا تنفيذيا يشكل مع الجهازين الآخرين المستقلين البرلمان والقضاء قوام دستورية الحكم في بلادنا، وكانت فلسفة جلالته في هذا المجال تقوم على خلق سوابق وتقاليد جديدة  تتراكم لتصبح بالتدريج عنصرا في بنية الدولة ككل"[54]
 المطلب الثاني: الإصلاحات الاقتصادية على ضوء المراجعة الدستورية  لسنة 1996 
 نتيجة لبروز إكراهات اقتصادية دولية متمثلة في العولمة وبروز تداخل وتوحد ثقافي وإعلامي جد كثيفين، وحصول ندرة اقتصادية ملحوظة في القطاع الاقتصادي المغربي وظهور نخبة اقتصادية عصرية متطلعة للحفاظ على مصالحها عبر قنوات مؤسساتية كان لابد للمشرع الدستوري أن يحتوي كل هذه التحولات؛ فعمد من جهة إلى إدخال جملة من الإصلاحات التدبيرية الاقتصادية (الفرع الأول)، ومن جهة أخرى العمل على تفعيل المؤسسات الاقتصادية المغربية .
 الفرع الأول : التدابير الاقتصادية في الدستور المراجع لسنة 1996
تعرض الدستور المراجع لسنة 1996 إلى تكريس حق الملكية وإقرار حرية المبادرة الخاصة مثلما استهدفت هذه المراجعة العودة إلى تقنية التخطيط .
أولا: تكريس حق الملكية وإقرار حق المبادرة الخاصة : إذا كان حق الملكية قد سبق وأن نصت على مختلف الدساتير التي عرفها المغرب المستقل، فإن الدستور المراجع لسنة 1996 جاء بحق جديد يتمثل في حق المبادرة الخاصة"[55] طبقا للفصل 15 من هذه المراجعة،غير أن هذين الحقين لم يأتيا بكيفية مطلقة، إذ تشير الفقرة الأخيرة من الفصل السالف الذكر على أن" للقانون أن يحد من مدى حرية المبادرة الخاصة والملكية إذا دعت إلى ذلك ضرورة النمو الاقتصادي والاجتماعي للبلاد.
فكيف يمكن تفسير هذا الاستثناء؟
 إن هذا التقييد يترجم سمو القانون في ضبط مجال حرية المبادرة الخاصة في إطار احترام القانون وتنفيذ الالتزامات الضريبية ومراعاة  قانون الشغل والحرص على احترام قانون المنافسة، مثلما يفرض على المستثمرين أن يتعاملوا مع حرية هذين الحقين في إطار الحقوق والواجبات وليس الحقوق فقط .
ثانيا : إعادة الاعتبار إلى تقنية التخطيط: من بين المستجدات التي حملها الدستور المراجع  لسنة 1996 تضمينه لتقنية التخطيط التي كان معمولا بها في دستور 1962. لكن السؤال الذي يفرض نفسه هنا بإلحاح شديد هو : هل هناك تشابه لمسألة التخطيط في دستوري 1962 و 1996؟؟
إن هناك بونا ملحوظا لتقنية التخطيط في كلا الدستورين؛ فالتخطيط مع الدستور المراجع لسنة 1996 أمسى مسألة إستراتيجية سياسية، فهو حاضر في كل المجالات المجتمعية، مثلما  نجده حاضرا في كل المؤسسات العمومية، فتقنية التخطيط حاضرة على مستوى الإدارة المركزية، وعلى مستوى الجماعات المحلية والجالس القروية والبلدية التي أمست مطالبة  بتطبيق المادة 3 من ميثاق الجماعات المحلية*  كما أن المادة 67 تفرض على المجالس الإقليمية ومجالس العمالات إنجاز مخططات خماسية[56].
 الفرع الثاني: تفعيل المؤسسات الاقتصادية في إطار دستور 1996
إن جل المؤسسات الاقتصادية التي جاء بها الدستور المعدل لسنة 1996 ليست جديدة كل الجدة  عن النظام الدستوري المغربي؛ فالمجلس الأعلى للحسابات سبق وأن نص عليه دستور[57] 1962 كما أن المجلس الأعلى للإنعاش والتخطيط سبق وأن رأى النور نفس الدستور السابق الذكر .
غير أن الجديد هو إخراج هذه المؤسسات من حالة الركود التي كانت تعيشها بهدف تفعيل وتنشيط وظائفها داخل النسيج الاقتصادي المغربي حيث سيبرز هذا التوجه من خلال منحها صلاحيات هامة وترقيتها إلى مؤسسات دستورية  قائمة بذاتها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق