الأحد، 23 فبراير 2014

مراحل تطور ونمو اللغة عند الأطفال



مراحل تطور اللغة عند الأطفال
تتطور لغة الأطفال بشكل سريع خلال السنوات الأولى من أعمارهم؛ حيث يتقن الأطفال الكثير من المهارات اللغوية مع بلوغهم عمر (5-6 سنوات). والتطور اللغوي عند الطفل ينطوي على مهارتي الاستقبال (الفهم)، والتعبير (الإنتاج). علماً بأن مهارة الاستقبال تنضج قبل مهارة التعبير. وتتسم سرعة التطور اللغوي عند الأطفال بالتباين الشديد من طفل إلى آخر، فكثيراً ما يصل بعض الأطفال إلى عمر الثلاث سنوات ولا يزالون لا يتقنون سوى بضعة كلمات محدودة، بينما تجد أن ابن السنتين أو أقل بقليل يتحدثون بجمل واضحة ومفهومة إلى حد جيد. ويمكن تفسير هذا التباين من خلال العوامل المؤثرة في التطور اللغوي، وبال تحديد العوامل البيئية، والعوامل الذاتية الخاصة بالطفل كالذكاء وسلامة أجهزة النطق.. وغيرها (العتوم، 2004).
ويمكن تقسيم مراحل تطور اللغة عن الطفل إلى مرحلتين هما: مرحلة ما قبل اللغة، والمرحلة اللغوية، وذلك على النحو التالي (العتوم، 2004، عدس وتوق، 1998):
أولاً- مرحلة ما قبل اللغة Pre-linguistics Stage:
وتشمل السنة الأولى من العمر، ويمكن تقسيمها إلى ثلاثة أشكال:
 البكاء والصراخ Crying:
 يمارس الطفل منذ ولادته إصدار الصراخ والبكاء؛ حيث تعد الوسيلة الاتصالية الوحيدة غير المتعلمة التي يستطيع الرضيع ممارستها، ثم ما يلبث الصراخ أن يصبح وسيلة للرضيع لكي يعبر عن عدم ارتياحه أو سوء تكيفه فيصبح هناك صراخ للجوع وآخر للألم.. وهكذا.
السجع Cooing:
ويمارس الأطفال هذه المهارة في عمر (3-5) أشهر، حيث يعد السجع نطقاً لمقاطع صوتية (الفونيمات) لا تصل إلى مستوى الكلمة، وهي ليست ذات معنى؛ مثل: (دو، مو، كا، وو...). وهذه المقاطع الصوتية تؤدي وظائف اتصالية ترتبط بحالة الرضا والحلات الوجدانية للطفل.
المناغاة Babbling:
ويمارس الرضيع هذه المهارة في فترة (6-12) شهراً، وهي أصوات أكثر تعقيداً من السجع، ولكنها لا تشكل كلمات ذات معنى؛ بل هي أقرب إلى تركيب مقطعين صوتيين معاً مثل: (إغغ، مومو، دودو، كوكو....) لذلك يلاحظ على الصمّ إصدار أصوات مشابهة لها. والسجع والمناغاة هي سلوكيات عالمية غير متعلمة، لا علاقة لها بنوع الثقافة أو بنوع اللغة، ولكن عادة ما يفهمها الناس بطرق مختلفة فيعملون على تعزيزها والاهتمام بها وإظهار علا مات السرور والاستحسان لها، مما يساعد على تحريفها لتصبح كلمات ذات معنى مع نهاية السنة الأولى وبداية السنة الثانية.

 

ثانياً- المرحلة اللغوية Linguistics Stage:
وتبدأ هذه المرحلة مع دخول الطفل سنته الثانية، حيث يبدأ الطفل باستبدال مقاطع السجع والمناغاة بكلمات لها معان واضحة. ويمكن أن تشمل تعلم المهارات اللغوية التالية:
مرحلة الكلمة Word Stage:
يتعلم الطفل كلماته الأولى في مرحلة (8-18) شهراً من خلال تجميع صوتين أحدهما ساكن والآخر متحرك. وعادة ما ترتبط هذه الكلمات مع حاجات الطفل الأساسية كحاجات الطعام والشراب ومنادا ة الأم والأب والإخوان وغيرهم من الناس المقربين إلى الطفل مثل: (ماما، بابا، تيتا، عمو، حليب، عصير...). وقد أظهرت الدراسات أن كمية الكلام غير الواضح تبدأ بالانحسار تدريجياً مع بداية الشهر التاسع من العمر. وبغض النظر عن اللغة القومية للطفل، فإن الكلمات الأولى تتألف من المقاطع: (ت، ب، ن، م) والتي تصدر عن مقدمة اللسان، وكذلك أحرف العلة (ا، ي، و) التي تصدر عن مؤخرة اللسان. وهذا الامر قد يكون هو السبب وراء تشابه الكلمات: بابا، ماما في كل اللغات. ولهذا السبب يلفظ الأطفال الإنجليز كلمة tut قبل كلمة Cut، والأطفال السويديون يلفظون كلمة tata قبل كلمة kata، والأطفال العرب يلفظون كلمة ماما قبل كلمة جدّي، وهكذا. ومن الشيق جداً أن نعلم بأن الحروف الصامتة التي تصدر عن مؤخرة اللسان ووسطه مثل: (ع، ق، ك، ج..) التي لا يحسن الطفل المبتدئ النطق بها في الأحوال العادية، إلا أنه يحسن النطق بها أثناء اللعب فقط.
 ويقدّر عدد الكلمات التي يمكن للطفل استخدامها في مراحله الأولى بـ:
1-   نهاية 18 شهراً: حوالي 50 كلمة.
2-   نهاية السنة الثانية: حوالي 250 كلمة.
3-   نهاية الثالثة حوالي 450 كلمة.
 مرحلة الكلمة- الجملة Holophrase Stage:
يستخدم الأطفال في هذه المرحلة (من 18- 24 شهراً) كلمة واحدة لتدل على عدد من الأشياء أو الأحداث أو الظواهر المحيطة به. ومن خصائص هذه المرحلة: ارتباط الكلمة بالأفعال والحركات نتيجة للعلاقة القوية بينهما، فتجد الطفل يستخدم الكلمة مقترنة بفعل أو حركة حدثت أمامه. والكلمة تدلل على معنى جملة مفيدة، حيث يستخدم الطفل كلمة "ماما" ليعني بها: "ماما أعطني العصير" أو "ماما ضربني أخي"، ويستخدم كلمة "بابا" ليعني بها: "بابا انتبه إليّ " أو "بابا أين أنت".. وهكذا، حيث تكون للكلمة عدة وظائف كالإخبار عن شيء ما، أو السؤال عن شيء ما، أو طلب شيء ما.
تطور مهارة القراءة:
معلوم أن القراءة عملية يراد بها إيجاد الصلة بين لغة الكلام والرموز الكتابية. وتتألف لغة الكلام من المعاني والألفاظ التي تؤدي هذه المعاني، وعلى ذلك فالقراءة لها عناصرها الآتية:
1
- المعنى الذهني.
2-
اللفظ الذي يؤديه.
3-
الرمز المكتوب.
ومهمة رياض الأطفال التأليف بين هذه العناصر الثلاثة التي تتم القراءة باجتماعها، والبدء بالرمز والانتقال منه إلى لغة الكلام يسمى قراءة، والعكس يسمى كتابة، وترجمة الرموز إلى المعاني قراءة سرية وترجمتها إلى ألفاظ مسموعة قراءة جهرية.
وتطور مهارة القراءة يحتاج إلى نضج وتدريب كما أنها تمر بمراحل، فأول الكلمات التي يستطيع الطفل معرفتها بسهولة الأسماء الجامدة التي تدل على أمور حسية، وخاصة إذا كانت مقترنة بالصور والرسوم، وتظهر معها الأفعال، ثم الصفات، ثم الضمائر، ثم الحروف. والسبب في هذا الترتيب أن الطف ل لا يستطيع أن يقلد تقليداً واضحاً أثناء نطقه إلا الكلمات التي يدرك مدلولها حسب نموه الفكري. هذا وتؤثر عوامل عدة في مهارة القراءة وفي مقدمتها الفهم اللغوي، والتدريب الحركي، ومن أجل ذلك عملت التربية على أن تكون القراءة عملية مثمرة تؤدي وظيفة هامة في الحياة بالنسبة للفرد والمجتمع هي التعرف، والنطق، والفهم، والنقد، والتفاعل، وحل المشكلات، والتصرف في المواقف الحيوية على هدى من المقروء.
أهم خطوات إنماء المفردات الهامة:
لعملية إنماء مفردات الكلمات الهامة التي ينبغي أن تهتم بها رياض الأطفال ما يلي:
1-
يتعين على رياض الأطفال أن يعنوا بانتقاء المعلمات فيتم اختيار من حسن نطقهن، ورقت أساليبهن، وسلمن من العيوب اللفظية كالعي، والفأفأة، واللجلجة، والتأتأة، وما إلى ذلك حتى تكون مدلولات الألفاظ والجمل واضحة في أذهان الأطفال، وبعيدة عن اللبس أو الغموض.
2-
على المعلمة ألا تحمل الطفل على النطق بكلمات أو جمل لا يعرف مدلولها، أو مشتملة على معاني كلية، أو مجردة، أو المفهومات الفلسفية، أو الجدلية في السن التي لا تسمح له قواه العقلية إلا بفهم الجزئيات المحسوسة أي التي تدرك بالحواس.
3-
ينبغي على المعلمة أن تعمل على تنمية قوة الملاحظة لدى الطفل عن طريق لفت نظره بكل السبل والوسائل الممكنة إلى ما بين المحسوسات المتشابهة من وجوه الخلاف.
4-
على المعلمة أن تقدم لغة عربية تناسب مراحل النمو لدى الطفل، وتتماشى مع ما تقتضيه الحياة الحضارية سواء كانت داخلة في جملة، أو مستقلة مع مراعاة عامل التشويق.
5-
يجب أن تطلب المعلمة من الطفل ذكر أحسن كلمة بالنسبة له، ثم تجعله يهمس لها في أذنها؛ لأن ذلك يشجع الخجول من الأطفال على الكلام.
6-
تكتب المعلمة حروف الكلمة بخط غليظ واضح على ورق مقوى، وتنطقها، ويكررها الطفل مع الإشارة إلى الحروف الأبجدية الموجودة في حجرة الدراسة.
7-
تجعل المعلمة الطفل يتتبع الحروف بإصبعه مع الملاحظة، والتوجيه، والتصويب.
8-
تناقش المعلمة الطفل حول كلمته المختارة، وتشجعه على رسمها أو تصويرها بالألوان المختلفة، وإطلاع غيره عليها.
9-
تراجع المعلمة الكلمات مع الطفل في يوم آخر، وتكرر له الكلمات التي يخطئ فيها؛ وبذلك يتحسن نطقه بسرعة، ويزداد نمو مفرداته كماً ونوعاً.
10-
تعالج المعلمة النطق غير الصحيح عن طريق التمرينات الإيقاعية، والتدرج من الكلمات السهلة إلى الصعبة، وتدريب اللسان، والشفاه، والحلق، واستخدام تنظيم سرعة الكلام، وتمرينات الحروف الساكنة والمتحركة.
11-
إذا نجح الطفل في النطق بالألفاظ والكلمات نطقاً سليماً فمن واجب المستمعين أن يتقبلوا ذلك بإظهار السرور والتشجيع الذي يمثل للطفل تعزيزاً إيجابياً يدفعه إلى تكرار اللفظ المعزز.
12-
العمل على إثراء وتنوع البيئة سواء المنزل، أو الروضة، بالقصص، والكتب، والمجلات، والصور، والرسوم الجذابة مع تحسين طرق التدريس والوسائل التعليمية التي تساير نضجه وخطوات تدريبه.
13-
تقديم قصص، وأناشيد قصيرة، وسهلة، وممتعة مع حسن إلقائها، ومراعاة استيعابه لمدلولها، وما ترمي إليه كل ذلك يؤدي إلى نمو الطفل اللغوي، والمعرفي، ويطور تعبيره.
مرحلة الجملة Sentence Stage:
يبدأ الطفل مع نهاية السنة الثانية بتطوير الجمَل القصيرة والبسيطة التركيب، حيث يربطون كلمتين أو ثلاث كلمات أساسية لتكون جملة ذات معنى، ولكن دون مراعاة لقواعد اللغة أو حروف الجر والوصل وظرف الزمان والمكان، أو كما شبهها البعض بلغة البرقيات، مثل: (طارت طيارة، راح كلب، بابا راحت) ويتميز نمو الجملة بالطء الشديد في بداية المرحلة، ثم ما يلبث أن يزداد بسرعة عالية. ومع بساطة الجمل في هذه المرحلة إلا أنها ابداعية، ويستطيع الطفل تركيب جمل جديدة ليصف عملاً أو ظاهرة ما.
نمو اللغة في مراحل رياض الأطفال
 مع منتصف السنة الثالثة تبدأ جمل الأطفال بزيادة عدد كلماتها، وتشمل الأسماء والأفعال والصفات والضمائر، مع مراعاة قواعد اللغة كالتذكير والتأنيث وحروف الجر وحروف العطف بدرجات متفاوتة من طفل إلى آخر. كما يميل أطفال هذه المرحلة إلى استخدام التعميم بطريقة مبالغ فيها، فيقول: "ولد... ولدات"، "بيت... بيتات" وهكذا. وفي هذه المرحلة يبدأ الطفل بالشعور بأنه قادر على التواصل والتفاعل مع الآخرين، ويصبح بمقدوره النطق بجمل معقدة (Anderson, 1995). ومع دخول الطفل سنته الرابعة يصبح كثير الكلام والثرثرة، وكثير الأسئلة من أجل التعلم والاستطلاع لما يجري من حوله. وحينما يصل الطفل إلى سن ست سنوات تصبح لغته قريبة جداً من لغة الراشدين، ويبدأ الأطفال بالتقيد بقوانين اللغة، وتزداد حصيلته اللغوية من المفردات بشكل ملحوظ مع بداية دخوله المدرسة (العتوم، 2004).
خصائص النمو اللغوي في هذه المرحلة:
تعد هذه المرحلة من أسرع مراحل نمو الطفل لغوياً، ويصل المحصول اللغوي للطفل في نهاية هذه المرحلة - وهي سن السادسة- إلى ما يقرب من (2500) كلمة (كامل، 2003).
إن الأطفال في أي مرحلة تعليمية مبكرة يخضعون لمراحل مختلفة من النمو اللغوي، وهذه المراحل تعتبر مظهراً أساسياً في التعليم وخصوصاً لمهارات التحدث والاستماع والقراءة والكتابة. من هنا يجب على المعلمات أن يفهمن طبيعة عملية نمو اللغة عند أطفال هذه المرحلة، إذ تعتبر هذه  المعرفة ضرورية لكي يشخص المعلمون المهارات الخاصة بفنون اللغة، بالإضافة إلى توفير بيئة تعليمية غنية لتشجيع نمو وتطور كل المهارات (Norton, 1993, p. 31-32).
ومراحل النمو اللغوي في مرحلة الطفولة المبكرة تسير في مرحلة الكلام البرقي، وبالتحديد في غضون السنة الثانية، ومن ثم مرحلة الأكثر من كلمتين من (2-3 سنوات). ومن ثلاث سنوات إلى أربع سنوات يبدأ الأطفال في استخدام الجمل المركبة، والتي تتضمن استخدام حروف الجرّ، والضمائر، وأدوات النفي، وصيَغ المُلكية، وادوات الاستفهام، وتصل عدد المفردات لهؤلاء الأطفال من (1000-1500) كلمة. ومن عمر أربع سنوات إلى ست سنوات – وهي مرحلة رياض الأطفال- يكون الأطفال قد اكتسبوا العديد من العناصر اللغوية، وتستمر المفردات والأبنية الخاصة بتراكيب الكلام في الازدياد والتنوع والعمق وتصل إلى (6000) كلمة عند بلوغ الطفل سن السادسة (Reutzel, 1992, p. 312).
 أما بالنسبة للفروق بين الجنسين فإن الإناث يتفوقن تفوقاً بسيطاً على الذكور في مهارات التعبير، أما الذكور فيتفوقون بمقدار بسيط أيضاً في المحصول اللغوي ومعرفة معاني الكلمات (صادق وحطب، 1990). كما يؤدي الخلط بين اللغة العامية والفصحى عند الكلام مع الطفل إلى ضعف محصوله اللغوي السليم، إضافة إلى ارتباكه في انتقاء اللفظ المناسب؛ لأن اللغة تحدث عن طريق الاقتران بين الشيء و لفظ اسمه (خليل، 2003، ص45).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق