الأحد، 23 فبراير 2014

تعريف الخوف اسباب انواع عند الاطفال



تعريف الخوف :
هناك تعاريف عديدة للخوف وسنكتفي بهذه التعاريف :
"الخوف إشارة تهدف إلى الحفاظ على الذات، وذلك بتعبئة الإمكانات الفيسيولوجية للكائن الحي"[1].
"الخوف حالة انفعالية طبيعية تشعر بها كل الكائنات الحية في بعض المواقف... فيظهر في أشكال متعددة وبدرجات تتراوح بين مجرّد الحذر والهلع والرعب"[2].
"الخوف هو انفعال قوي غير سار ينتج عن الإحساس بوجود خطرٍ ما وتوقّع حدوثه"[3].

3 - مخاوف الأطفال وكيفية تطورها :
لقد كان هناك شبه إجماع بين العلماء على أن من أهم المثيرات الأولى للخوف في الطفولة المبكرة هي الأصوات العالية الفجائية في السنة الأولى من عمر الطفل، خصوصاً عندما تكون الأم بعيدة عنه. وبتقدّم نمو الطفل تزداد مثيرات الخوف وتتنوع، ففي السنة الثانية وحتى الخامسة قد يفزع الطفل من الغرباء ومن الوقع من مكان مرتفع ومن الحيوانات والطيور التي لم يألفها، ويخاف من تكرار الخبرات المؤلمة التي مر بها - كالعلاج الطبي أو عملية جراحية - كما أنه يخاف مما يخاف منه من حوله من الكبار في البيئة التي يعيش فيها لأنه يقلدهم، فهو يتأثر بمخاوف الغير حتى لو لم تكن واقعية، وكانت وهمية أو خرافية.
ويظهر انفعال الخوف عند الطفل على أسارير وجهه في صورة فزع وقد يكون مصحوباً بالصراخ، ثم يتطور بعد السنة الثانية إلى الصياح والهرب المصحوب بتغيرات في خلجات الوجه أو الكلام المتقطع أو قد يكون مصحوباً بالعرق أو التبول اللاإرادي أحياناً، وتنتشر عدوى الخوف بين الأطفال كالنار في الهشيم.
ويمكن معرفة مدى خوف الطفل بمقارنة مخاوفه بمخاوف أغلب الأطفال الذين هم في مثل سنّه، وبمقارنة درجة هذه المخاوف بدرجة مخاوف أقرانه . إن حوالي نصف الأطفال على الأقل تظهر لديهم مخاوف مشتركة من الكلاب والظلام والرعب والأشباح و حوالي 10% من هؤلاء يعانون خوفاً شديداً من شيئين أو أكثر، والمخاوف الأكثر شيوعاً بين سنتين وست سنوات فيما بين سن السنتين والأربع سنوات تغلب المخاوف من الحيوانات والظلام والحيوانات والغرباء، وتقلّ هذه المخاوف عمر خمس سنوات ثم تختفي فيما بعد، وفي عمر4 إلي 6سنوات تسيطر المخاوف المتخيلة مثل الأشباح والوحوش، وتبلغ ذروتها في عمر 6سنوات ثم تختفي فيما بعد.
إن /90%/ من الأطفال تحت السادسة من العمر يظهر لديهم خوف محدد يزول بشكل طبيعي[4].
إلا أنه حيث سُجّلت مخاوف الأطفال والظروف المتصلة بها لمدة /21/ يوماً، وقد كانت نتيجة الدراسة أن المخاوف من الأشياء الحقيقية (الضوضاء أو الأشياء أو الأشخاص أو الحركات المفاجئة غير الموقعة والغريب من الأشياء والمواقف والأشخاص) كانت تتناقص بتقدّم العمر، على حين أن المخاوف من أخطار متوهمة أو خارقة للطبيعة (كالوقائع المرتبطة بالظلام والأحلام واللصوص والمخلوقات الخرافية وأماكن وقوع الحوادث) فكانت تزاد بتقدم العمر، كما لوحظ أن العلامات المرتبطة بالخوف (مثل البكاء - الهلع - الانسحاب) كانت تتناقص من حيث التكرار أو الشدة كلما تقدّم الطفل بالعمر.
ويصعب التنبؤ بمخاوف الأطفال إلى حدّ كبير بسبب الفروق الفردية الكبيرة من حيث القابلية للخوف ومن حيث مبلغ تعرضهم للخوف، فالمثير الواحد قد يكون مخيفاً إلى حدٍّ كبير بالنسبة لطفل ما، بينما لا يُحدث شيئاً من الاضطراب لطفل آخر، كما أن الطفل نفسه يمكن أن يضطرب كثيراً بمنبه خاص في موقف معين، ثم لا يعيره انتباهاً في موقفٍ آخر[5].
فمثلاً، الطفل الذي يعيش في الريف لا يخشى الحيوانات الأليفة كالكلب أو البقرة أو النعجة، لكن الطفل الذي يتربى في المدن يخافها، وهذه إشارة إلى تأثير البيئة ومخاوف الأطفال تتكون أثناء الطفولة الباكرة ونتيجة لتعاملهم مع البيئة وتأثرهم بالنمط الحضاري لهذه البيئة وما فيها من مفاهيم وعادات وأساطير ومواقف[6].

4 - أسباب خوف الأطفال :
إن للخوف عند الأطفال مصادر كثيرة من أهمها :
أ -  الخبرات غير السارّة : إن الخبرات غير السارة التي يمرّ بها الأطفال تترك آثاراً سلبية لا تزول بسهولة، إذا يخاف الطفل من تكرار الخبرات المؤلمة التي مرّ بها كالعلاج الطبي أو عملية جراحية أو أن يكون قد تعرّض للعض مثلاً أو التهديد من قبل حيوان ما يمكن أن يسبب له خوفاً محدداً من ذاك الحيوان أو خوفاً من جميع الحيوانات أو توجهاً عاماً للخوف من أي موقف. فالخبرة التي يمر بها طفل صغير مع كلب ما يمكن أن تؤدي إلى خوف من جميع الحيوانات وجميع الأشياء ذات الفراء - كذلك من الخبرات غير السارة التي مكن أن يكون قد تعرّض لها (السقوط - الاصطدامات- الرعد- الحرق بشيء ما – المياه) مثلاً : يمكن أن يصبح الاستحمام مخيفاً للطفل بسبب الانزلاق في الماء أو لسع الصابون عندما يدخل عينيه.
ب - التأثير على الآخرين : إن الطفل يمكن أن يستخدم المخاوف كوسيلة للتأثير على الآخرين واستغلالهم، فأحياناً قد يكون إظهار الطفل الخوف هو إحدى الطرق القوية لجذب الانتباه، وهذه الطريقة[7] تعزز بشكل مباشر وجود المخاوف لدى الطفل. وهكذا يؤدي الخوف إلى حالة من الارتياح والرضى على نحو يزيد من حالة الشعور بالخوف، والمشكلة أن الخوف يصبح مريحاً ومؤلماً في آن واحد، ويزداد الأمر تعقيداً عندما يكون الخوف هو الطريقة الوحيدة لدى الأطفال للتأثير على والديهم . نتيجة لذلك يصبح الخوف وسيلة يستخدمها الطفل للتأثير على الآخرين، وقد يفقد السبب الرئيسي للخوف فاعليته إلا أن الخوف نفسه يبقى ويصبح عادة[8].
ج - الحساسية في الاستجابة ذات المنشأ الولادي : يوصف بعض الأطفال بأنهم كانوا دائماً حساسين للغاية وخوّافين منذ الولادة أو خلال السنة الأولى أو الثانية من العمر، وهؤلاء الأطفال يُظهرون استجابات جدّ قوية للأصوات أو للحركة المفاجئة أو للتغيرات في البيئة...الخ. والاستنتاج الواضح هو أن الأجهزة العصبية المركزية لهؤلاء الأطفال هي منذ الولادة أكثر حساسية من غيرها، ولذلك فهم يستجيبون لمثيرات أضعف ويحتاجون إلى وقت أطول لاستعادة توازنهم . وينتج ذلك عن مزيج من العوامل الوراثية وظروف الحمل والولادة .
وعندما يصل هؤلاء الأطفال إلى عمر /4/ أو /5/ سنوات تكون المخيلة قد منت جيداً فيظهر لديهم ميل قوي لتخيّل جميع أشكال الحوادث المزعجة، وعندما تزداد شدة المخاوف وتطول فترتها بشكل ملحوظ فإنها تصبح مخاوف مرضية .
د - الضعف النفسي أو الجسمي : يكون الأطفال أكثر استعداداً لتطوير المخاوف عندما يكونون متعبين أو مرضى، وخصوصاً إذا استمرت حالة الضعف الجسمي لفترة طويلة، فهي ستؤدي إلى شعورٍ بالعجز وضعف المقاومة بحيث تصبح الدفاعات السيكولوجية للطفل أقل فاعلية . والآباء المتساهلون يسهمون أكثر من اللازم في تطوير قبل هذا النمط من السلوك لأنهم لا يساعدون الطفل على تطوير الشعور بالجدارة .إن الأطفال الضعيفين جسمياً يشعرون بعدم القدرة على التعامل مع الأخطار الواقعية أو المتخيلة.
هـ - الاستجابة للجو العائلي :
       ¨     النقد والتوبيخ :
 إن النقد الزائد للأطفال قد يؤدي إلى تطوير شعور بالخوف لديهم، حيث[9] يشعرون بأنهم غير قادرين على فعل شيء صحيح، ويبدو هؤلاء الأطفال كأنهم يتوقعون النقد دائماً، وهذا يؤدي بدوره إلى أن الطفل يفقد الثقة بنفسه ويظهر عليه الجبن و الخضوع.
       ¨     الضبط والمتطلبات الزائدة :
 إن الأطفال الذين يعيشون في جو بيت يتسم بالضبط الزائد يمكن أن يصبحوا أطفالاً خوافين بشكل عام أو أطفالاً يخافون من السلطة بشكل خاص، فقد يخافون من المعلمين أو رجال الشرطة أو ممن يمثلون السلطة.
أحياناً يستخدم التخويف من قبل الأهل لحفظ النظام أو لدفع الطفل لعمل معين أو منعه من عمل معين كاللعب أو الضوضاء
.
       ¨     الصراعات الأسرية :
 إن الجو المتوتر في البيت الذي تحدث الصراعات المستمرة بين الوالدين أو بين الأخوة أو بين الآباء والأبناء يؤدي إلى شعور بعدم الأمن. والأطفال الذين لا يشعرون بالأمن يحسون بأنهم أقل قدرة من غيرهم على التعامل مع مخاوف الطفل العادية .


       ¨     تقليد الخوف :
يخاف الطفل عن طريق المشاركة الوجدانية لأفراد أسرته ومن يخالطهم في البيئة، كما يتعلم الخوف بتقليده لسلوكهم من خلال ملاحظته الخوف لدى الكبار أو الأخوة أو الرفاق. ومن المعتاد أن نرى لدى الأطفال شديدي الخوف واحداً من الوالدين على الأقل لديه مخاوف شديدة، فمثلاً الأم التي تخاف من الكلاب أو المرتفعات قد يعاني طفلها من خوف مشابه.
5 - أنواع المخاوف :
للخوف نوعان متمايزان هما : الخوف الموضوعي والخوف الذاتي.
أ - المخاوف الموضوعية : هي الأكثر شيوعاً بين المخاوف، وهي ناجمة عن سبب يمكن التعريف عليه وكثير من الآباء يتعرفون عليه. ولما كان تحديد مصدر هذه المخاوف ليس عسيراً كان التغلب عليها بسرعة أمراً ممكناً - كالخوف من الحيوانات والأطباء والبرق والأماكن العالية والنار والجنود والماء في حوض السباحة أو البحر أو الخوف من النار ومن المدرسة -. وهذا النوع من الخوف[10] يحصل نتيجة لتجارب أو خبرات غير سارة حصلت للطفل سابقاً أو إثر سماع الطفل قصة معينة أثارت في ذلك الوقت رداً انفعالياً سيئاً. ويعتبر هذا النوع من الخوف مفيد أحياناً .
 ب - الخوف الذاتي : ويكون عاماً وغير محدد وليس واقعياً. وكثير من الأحيان لا يمكن تحديد أسباب هذا النوع من الخوف إلا بعد وقت طويل ودراسة دقيقة. ولعل أهم هذه المخاوف هو الخوف من الموت، والخوف من الظلام، وكلاهما يعاني منه كثير من الأطفال. فمثلاً تكون الأفكار الغامضة غير المحددة عن الموت أساساً لقدر كبير من القلق العقلي عند الأطفال يفوق ما نسلم به عادة.
كما أن العادات والتقاليد في المجتمعات العربية تبالغ في طقوس الحزن عند وفاة شخص عزيز، فكثرة البكاء وإظهار الآلام والعزاء لعدة أيام كلها تجعل الطفل يقظاً يقظة شديدة للموت، وهذا قد يجعله يتوقع حدوث الموت له، وخصوصاً إذا كان قلقاً، كما يؤدي إلى أن يحلم أحلاماً مزعجة عن الموت وهكذا[11].

6- أبرز أنواع المخاوف عن الأطفال في سن ما قبل المدرسة :
من أهم المظاهر الانفعالية لهذه الفترة هي ما قد يعانيه الأطفال من مخاوف. ذلك أنها يمكن أن تكون أكبر عائق في سبيل نموهم الصحي السليم. ومن أبرز هذه المخاوف نجد :
أ - الخوف من البقاء منفرداً في البيت
ب - الخوف من الحيوانات 
ج - الخوف من الظلام 
د - الخوف من المدرسة (الروضة) 
هـ - مخاوف أخرى :
 ومن أنواع الخوف الأخرى الخوف من الموت، ويحدث للأطفال نتيجة موت عزيز على قلوب العائلة أو موت طفل يعرفه، ويمكن أن يمتد هذه الخوف لكل ما له علاقة بالموت كالمقابر ولواحقها وكون ظاهرة الموت غامضة وغيبية على الطفل فإنها تبعث الخوف في نفسه. كذلك هناك الخوف من الحديث أمام الناس وخصوصاً المعلمين. ويشتكي الأهل من هذه الظاهرة، فالأطفال يتمتعون بطلاقة الحديث في المنزل بينما في الحضانة لا يجيبون عن أسئلة المعلمة ويرتعدون خوفاً منها ويتلعثمون أمامها، وفي هذه الحالة[12] يمكن التغلب على الخوف بتعويد الطفل على القراءة منفرداً وبصوت عالٍ، والوقوف أمام المرآة وفي الطبيعة أو أمام الأهل والقيام بإلقاء قصيدة أو كلمة قصيرة بطريقة خطابية. وهكذا يتخلص الطفل من خوفه هذا[13].



[1] مشاكل الأطفال كيف نفهمها، محمد أيوب الشحيمي، 1994، ص 98 - 99.
[2] مخاوف الطفل وعدم ثقته بنفسه، ملاك جرجس، 1993، ص 8.
[3] مشكلات الأطفال والمراهقين، شارلز شفير، هوارد ميلمان ؛ ت: نسيمة داود، نزيه حمدي، 1989، ص 128.
[4] مشكلات الأطفال والمراهقين، شارلز شفير، هوارد ميلمان ؛ ت: نسيمة داود، نزيه حمدي، 1989، ص 128.
[5] علم النفس التكويني، صباح حنا هرمز، يوسف حنا إبراهيم، 1988، ص 357 - 358 - 359.
[6] مشاكل الأطفال كيف نفهمها، محمد أيوب الشحيمي، 1994، ص 98 - 99.
[7] مشكلات الأطفال والمراهقين، شارلز شفير، هوارد ميلمان ؛ ت: نسيمة داود، نزيه حمدي، 1989،
ص 129 - 131.
[8] المرجع السابق نفسه، ص 131.
[9] المرجع السابق نفسه، ص 131.
[10] سيكولوجية الطفولة، ميشيل دبابنة، نبيل محفوظ، 1984، ص 168.
[11] مخاوف الطفل وعدم ثقته بنفسه، ملاك جرجس، 1993، ص 22.
[12] المرجع السابق، ص 93.
[13] المرجع السابق، ص 93.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق