الجمعة، 21 فبراير 2014

حيل البنوك المصارف الربوية التقليدية لتظليل المجتمع



وفي محاولة للالتفاف على الربا لجأ المرابون إلى استخدام حيل ربوية لتظليل المجتمع وتحليل ما حرمه الله ، وسنذكر هنا أشهر هذه الحيل والتي تعتبر ضربا من ضروب الخداع والتحايل على الشريعة وتلك الحيل هي :
        أولا ً : بيع العينة :
وهو أن يشتري شخص سلعة من شخص آخر بـ(100) إلى أجل ، ثم يبيعها لنفس الذي اشتراها منه بـ(80) نقداً ،  أي بثمن أقل دون قبض المبيع فعلاً ، وهذه الصورة هي عبارة عن وسيلة تتضمن الربا المحرم ولكن بحيلة تأخذ صورة البيع حيث يعود حاصل البيعتين إلى أن يبدل نقوده بنقود أكثر وهذا ما موجود في الربا . وسميت عينة لحصول النقد (العين ) لطالب العينة ، أو لأنه يعود إلى البائع عين ماله ، أي السلعة التي باعها . ولا يعني هذا إن البيع بثمن مؤجل أعلى من المعجل لا يجوز ، إنما يعني عدم جواز اتخاذ البيع المؤجل حيلة للوصول إلى القرض الربوي ، أي عدم جواز الاعتماد على ما هو حلال للوصول إلى ما هو حرام .
ثانياً : بيع التورق :
 وهو أن يشتري شخص السلعة إلى أجل ، ليبيعها ويأخذ ثمنها لينتفع به ويتوسع فيه ، كأن يحتاج إلى نقود فيذهب إلى التاجر ويشتري منه ما يساوي (100) بـ(150) إلى أجل ، ليسد به حاجته وهو يختلف عن بيع العينة ، لأن البائع الذي كان مشترياً باع السلعة إلى شخص آخر غير البائع الأول .
         وفي التورق خلاف بين الفقهاء ، فقد أجاز جمهور الفقهاء التورق ، وقولهم فيه هو صيغة بيع وشراء طبيعية وليس فيه حالة تواطؤ ، وخالف في ذلك ابن تيمية ، وذهب إلى كراهة التورق([1])، وحكي انه اختار حرمته([2]). وهي رواية عن أحمد أيضاً .
 وقد ارتضى ابن القيم مذهب شيخه ( ابن تيمية ) حظر التورق ، ونبه إلى أنه مع ذلك أخف من العينة ، فقال : (( وهذا المضطر إن أعاد السلعة إلى بائعها ، فهي العينة ، وإن باعها لغيره فهي التورق ، وإن رجعت إلى ثالث يدخل بينهما ، فهو محللُ الربا ، والأقسام الثلاثة يعتمدها المرابون وأخفها التورق .  وقد كرهه عمر بن عبد العزيز وقال : هو أُخية ُالربا . وكان شيخنا يمنع من مسألة التورق ، وروجع فيها مراراً وأنا حاضرٌ ، فلم يُرَخص فيها ))([3]).
والعلة في المنع والتحريم لديهم هو أنه يتحول إلى عملية بيع بصورة ربا من خلال حصول تواطؤ بين أطراف عملية البيع .
         ثالثاً : بيع وسلف :
         يلجأ المسلف أحياناً إلى اشتراط البيع بسعر معين مع إقراضه ، فيقول : المسلف (المقرض) أسلفك هذا المبلغ على أن تبيعني بسعر كذا في حالة إن كان المقترض هو البائع له ، أما إذا كان هو البائع فيشترط زيادة ربحه من خلال بيعه سلعة بسعر أعلى مقابل إقراضه مبلغ للمقترض ، وهو من البيوع الفاسدة فقد نهى رسول الله rعن بيع وسلف([4]) ، أي قرض وبيع ، والنهي عنه كالنهي عن بيع العينة ، إنما هو لسد الذريعة لأنه يقرضه على أن يحابيه في الثمن ، فيكون المراد به التوصل إلى الربا .
بيع الوفاء :
        هو البيع بشرط التراد ، أي متى رد البائع الثمن رد إليه المشتري سلعته ، وسمي بيع الوفاء لأن فيه تعهداً من المشتري بالوفاء بالشرط وهو وهو رد البيع عند رد الثمن ، ويسمى أيضاً بيع الأمانة ، لأن السلعة فيه تصبح كالأمانة عند المشتري يردها للبائع متى رد عليه ماله.
واختلف أهل العلم في حكم هذا البيع ، قسم منهم اعتبره رهناً صحيحاً تجري عليه أحكامه ، وقسم ثاني اعتبره بيعاً فاسداً وذلك لشرط التراد ، والقسم الآخر اعتبره مزيج بين البيع الصحيح والبيع الفاسد والرهن ، وأنه بيع مشروع للحاجة إليه .
 والصحيح هنا عدم جوازه لأن المقصود الحقيقي من وراء ذلك هو الربا ، وصورته هو أن يقول البائع للمشتري : بعتك هذا العقار بـ(1000) على أنه متى رددت إليك الثمن أو أرجعت لك الدين ، أعدت إلي المبيع ، وتكون هنا منفعة العقار أو نحوه هي الفائدة التي ينتفع بها المقرض والذي هو بصفة مشتري في عملية البيع هذه ، وهو بذلك أصبح قرض ربوي موثق بشرط التراد أو الرهن ، وعبرة العقود تكون بالحقائق والمعاني وليس بالأسماء والمباني .
  


[1])) مجموع فتاوي ابن تيمية ، ج29/302 ،442 ، 446 .
[2])) الإنصاف ، المرداوي ، ج11/195 ، المبدع على المقنع ، برهان الدين ابن مفلح ، مطبعة المكتب الإسلامي ، دمشق ، 1400هـ ، ج4 ، ص49 .
([3]) إعلام الموقعين عن رب العالمين ، ابن القيم الجوزية ، مطبعة السنة المحمدية ، مصر ،1358هـ ، ج3 ، ص182 ، 212 .
([4]) سنن أبي داؤد ، ج3/283 ، سنن النسائي ، ج7/ص295

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق